بالنسبة للكثيرين, كانت اللحظة التي أعلنت فيها مستشفي' باركلاند' في مدينة دالاس الأمريكية وفاه الرئيس الأمريكي جون كينيدي, هي نفس اللحظة التي تراجعت فيها القيم الديمقراطية في الدولة التي زعمت أنها زعيمة العالم الحر. فقد كان مقتل كينيدي هو الحد الفاصل الذي استطاعت فيه المؤسسة العسكرية الأمريكية أن تحكم قبضتها علي مؤسسة الرئاسة في أمريكا. فقد قدر لهذا المشفي ان يصبح الساحة الأخيرة لهذه المعركة. فهذا المكان نقل إليه كل من الرئيس الأمريكي الذي اغتيل صبيحة احد ايام نوفمبر من عام1963, كما نقل إليه لي أوسوالد الذي قام بعملية الاغتيال. وهكذا تحول المكان الي جزء من التاريخ والي فيلم من بطولة زاك ايفرون وبيلي ثورنتون وبول جياماتي ومارسيا هاردن, بالإضافة الي عدد كبير من الممثلين الذين قدموا شخصيات كان لها دور هام في ذلك الوقت وأضافت كثيرا لنمو الإيقاع السريع في الفيلم. فالفيلم يقدم بسرعة اللاعبين الرئيسين مثل عناصر المباحث الفيدرالية في مكاتبهم وعناصر الأمن السريين في مدينة دالاس, إلي جانب الأطباء والممرضين في مستشفي باركلاند. واستطاع الفيلم ان ينتقل بين كل هذه الشخصيات والأماكن بشكل هادئ. وعلي الرغم من معرفة المشاهدين بنهاية الفيلم- عندما أعلنت وفاة كينيدي- إلا أن المحاولات التي بذلتها كل الأطراف لإنقاذ الرجلين أبقت علي إيقاع الفيلم وقدرته علي جذب اهتمام المشاهد. ويتميز هذا الفيلم عن غيره من الأفلام التي نسجت عن اغتيال كينيدي انه لا يأخذ بنظرية المؤامرة ولا يشغل نفسه بنتائجها إنما يعرض للجانب الإنساني في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ أمريكا. وهكذا, نجد عددا من المشاهد التي يتوقف أمامها الناس لبرهة لمحاوله فهم قيم إنسانية مؤلمة...فعند نقل كينيدي إلي المستشفي نجد الشاشة تتدرج بالدماء, الكل هناك يحمل هذه البصمة من كينيدي, إلي أفراد أمنه, ثم الأطباء والممرضين وحتي أرضية المستشفي.. إلي أن نجد زوجته جاكلين- كات ستيفانز- التي عثرت علي جزء من مخ زوجها علي ملابسها فسلمته في ذهول صامت إلي احد أفراد الأمن. في هذه اللحظات تترك' باركلاند' علامتها المميزة, خاصة عندما ينتقل كينيدي الذي أصبح جثمانا الي طائرة الرئاسة ونجد جاكين كينيدي تتحرك بين كل رجال الرئيس وكانها شبح يجوس ارض لا يعرفها وقد بدا هذا اقوي بكثير من مئات الكلمات والصراخ المعتاد في مثل هذه المشاهد. كما جاء المشهد الذي تضطر فيه نفس المستشفي لاستقبال لي هارفي اوزوالد الذي قام بعمليه الاغتيال بعد أن اغتالته أياد لم يعرفها احد حتي الآن. في هذه اللحظات كان علي الأطباء إن يحاولا إنقاذ الرجل الذي قتل زعيمهم, بل كان علي إحدي الممرضات أن تقوم بتجهيز نفس السرير الذي كان منذ لحظات يضم جسد كينيدي وتنظيفه من دماء الرجل ليسجي عليه قاتله. في نفس الوقت جاء إلقاء الضوء علي شخصيه' بوب' الذي لم تكن له علاقة بما يحدث, ولم يكن له ليهتم أكثر من أي أمريكي عادي إلا عندما تم الإعلان عن اسم اوزوالد كقاتل للرئيس كينيدي, وكان بوب هو شقيقه. هذه الأزمة المباغتة التي أصيب بها' بوب' الذي أصبح ليس فقط محل كل الأنظار بل أيضا هدفا للتحقيق حول حياة شقيقه الذي قتل قبل ان يتم التحقيق معه. هذا العدد الكبير من الشخصيات التي قام بها ممثلون موهوبون كانوا إضافة ايجابية لهذا الفيلم, حيث لم يتح لممثل واحد فرصة الهيمنة علي المشهد بكامله وابرز قدرة المخرج علي تحريك كل هذه الشخصيات في تناغم شديد وهو ما ألقي الضوء علي شخصيه بيتر ليندسمان, المخرج او الصحفي الذي اعد بإتقان عن قصة فينسنت باجليوسي, هذا الكم الكبير من الأحداث والتفاصيل الدرامية ليبتعد بنا ولو لمرة واحدة في هذا الحدث عن نظيرة المؤامرة التي تم تداولها كثيرا حول اغتيال كينيدي.