رغم أن رد الفعل الأول من جانب حركة النهضة التونسية علي فشل الرئيس الاخواني السابق محمد مرسي وعزله كان افكار الواقع الذي يعرفه زعيمها راشد الغنوشي, فقد بدأت هذه الحركة تتجه جزئيا وبكثير من التردد إلي استيعاب الدرس المصري, أو هذا هو ما يبدو الآن من تراجعها خطوة الي الوراء وقبولها تجميد عمل المجلس الوطني التأسيسي( البرلمان الذي يضع الدستور) بعد أن كانت تعتبر أي حديث عنه خطا أحمر. كما قبلت إعادة تشكيل الحكومة عبر الحوار ولو كانت قيادة جماعة الاخوان في مصر أخذت مثل هذه الخطوة إلي الوراء قبيل ثورة03 يونيو, وتواضعت لله قليلا واحترمت الشعب الذي استهانت به, لما فقد مرسي الكرسي الذي ثبت أنه هو غاية هذه الجماعة النهائية. وربما يكون من حسن حظ العقلاء في حركة النهضة التونسية أن أيا منهم لم يجلس علي كرسي من النوع الذي تربعت عليه جماعة الاخوان ممثلة في مرسي فالنظام السياسي الانتقالي في تونس مختلط يغلب عليه الطابع البرلماني. ولاتنفرد حركة النهضة بالسلطة لوجود شريكين معها في الحكومة, ولكنها تهيمن عليها بسبب نوم الحزبين المؤتلفين معها في عسل السلطة, إلي أن بدأ أحدهما( التكتل من أجل العمل والحريات) في الاستيقاظ أخيرا بعد أن تصاعدت الاحتجاجات الشعبية. ومع ذلك, لم يستوعب الغنوشي بعد بدرجة كافية درس مرسي وكرسيه الذي ضاع, ولم يعتبر كما ينبغي بتجربة الجماعة الأم وما تنطوي عليه من عبرة حتي لمن لايعتبر. فقد تفوق عليه قادة في جماعات إخوانية أخري ولكنها ليست في السلطة, مثل الزعيم التاريخي لجماعة الإخوان في الأردن عبد اللطيف عربيات وغيره. وهذا أمر يثير الاستغراب, ليس فقط لأن الغنوشي هو أكثر المؤهلين بين قادة الاخوان في كل مكان لاستيعاب درس كرسي مرسي, ولكن أيضا لأنه أوفرهم معرفة بتفاصيل ما حدث في مصر قبل ثورة03 يونيو, لأنه قام بوساطة بين سلطة جماعة الاخوان والقوي الديمقراطية في مايو الماضي. ولذلك فهو يعرف تماما لماذا فقد مرسي الكرسي وسقطت الجماعة الأم في زلزال ستظل ارتداداته مؤثرة علي بناتها في كل مكان وليس فقط في تونس لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد