عندما اندلعت الثورة التونسية في ديسمبر2010, أصر رجال نظام حسني مبارك علي أن وضع مصر مختلف. وكانت عبارة( مصر ليست تونس) متداولة في خطابهم. ورغم ذلك, ثبت يوم25 يناير أن اطمئنانهم لم يكن له أساس0 وها هو التاريخ يعيد إنتاج نفسه بطريقة مختلفة. فما أن نجحت ثورة30 يونيو في إسقاط الرئيس السابق محمد مرسي حتي أسرع مسئولون تونسيون إلي إعلان أن الوضع في بلدهم مختلف. وأصبحت عبارة( تونس ليست مصر) متداولة في خطابهم. وهم محقون في ذلك جزئيا. فقد حرصت حركة النهضة علي بناء ائتلاف حكومي ضم حزبين أحدهما ليبرالي والثاني يساري, بخلاف جماعة الإخوان التي رفضت أي نوع من الشراكة حتي مع أحزاب الإسلام السياسي نفسها. كما وافقت حركة النهضة علي تعديل الحكومة الائتلافية بعد أن تفاقمت الأزمة في بداية العام الجاري, وتخلت عن وزارات كان استحواذها عليها مستفزا للمعارضة. وهكذا يختلف الوضع في تونس عما كان عليه في مصر, ولكن ليس إلي المدي الذي يجعل قيادة حركة النهضة مطمئنة. فلم يحل الائتلاف الثلاثي دون هيمنة هذه الحركة علي كثير من مفاصل الدولة واستحواذها علي القرار النهائي في ظل مقاومة محدودة من شريكيها اللذين خسرا الكثير من رصيدها الشعبي لصالح قوي ليبرالية ويسارية أخري تطالب ببناء شراكة وطنية حقيقية. ولكن الأهم من دور هذه القوي هو غضب قطاعات متزايدة من الشباب وإقتداء بعضهم بما حدث في مصر وإعلانهم تأسيس حركة تمرد التي قال مؤسسها محمد بن نور إن شباب تونس يسير علي خطي الشباب المصري. وهذا هو ما ينبغي أن يدركه قادة حركة النهضة وفي مقدمتهم زعيمها راشد الغنوشي. ولذلك أصبح علي الغنوشي الأكثر معرفة وفقها وانفتاحا من قيادة الإخوان في مصر أن يراقب سلوك حركة النهضة في الأيام والأسابيع المقبلة ويتبين حدود اختلافه عن تصرفات الجماعة الأم في الأشهر الأخيرة قبل أن يطمئن إلي أن( تونس ليست مصر). لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد