عاجل - "جميع الأعيرة".. آخر تطورات أسعار الذهب اليوم الاثنين 9 -9 - 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 9 سبتمبر 2024    الدفاع المدني في غزة: 83 عنصرا من طواقمنا استشهدوا منذ السابع من أكتوبر    موعد مناظرة هاريس وترامب .. 90 دقيقة دون جمهور تحدد هوية حاكم البيت الأبيض    ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على سوريا    بوتين: تعزيز الشراكة بين روسيا وكوريا الشمالية يسهم في ضمان الأمن في شبه الجزيرة الكورية    الجزائر.. مديريات الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاثة للرئاسية تصدر بيانا مشتركا    نظام الدوري الجديد وموقف دوري السوبر الأفريقي.. عامر حسين يكشف تفاصيل الموسم المقبل| عاجل    درجات الحرارة اليوم الإثنين 09-9-2024 في مصر    اليوم| محاكمة متهمين ب«خلية داعش قنا»    حبس قائد سيارة شركة توصيل شهيرة لسرقته سيدة بمدينة 15 مايو    نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني برقم الجلوس فقط.. رابط متوفر    آيفون 16 الجديد.. دعم جديد بالذكاء الاصطناعي    من هم أبناء إسعاد يونس في مسلسل «تيتا زوزو»؟    الصحة تزف بشرى سارة للمواطنين بشأن نواقص الأدوية    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024    القنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد ليسوتو في تصفيات أمم أفريقيا 2025    سرقة الكهرباء حلال أم حرام.. أزهري يجيب    اليوم.. الطلاب الناجحين في الدور الثاني بالثانوية الازهرية يسجلون رغباتهم بالتنسيق    عاجل - سر تراجع الدولار الأمريكي داخل البنوك المصرية.. ما مستقبل العملة الخضراء؟    كريم حسن شحاتة يكشف مفاجأة: جوميز رفض صفقة الزمالك الجديدة    صدق أو لا تصدق| منتخب مصر يصل غابورون قبل بوتسوانا صاحبة الأرض    بحوزتهم 30 فرش حشيش.. ضبط 3 تجار مخدرات في قنا    أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 9-9-2024 في محافظة المنيا    عمرو دياب يحيي حفل زفاف مايا رعيدي في أثينا    مستشار سابق بالبنتاجون: الهجوم الروسي في بولتافا كان أكبر خسارة للقوات الأوكرانية    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    «شكرًا على النصيحة».. بوبيندزا يثير الجدل بظهور جديد مع والد أوباميانج    نجل فؤاد المهندس ل«بين السطور»: عشق الكوميديا منذ صغره.. وكان زملكاويا متعصبا    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    برج الميزان حظك اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024: حفل زفاف ينتظرك    كرارة والعوضي والكدواني وعمرو يوسف في عزاء والد طارق الجنايني    استشاري جهاز هضمي: الدولة بذلت مجهودات جبارة للقضاء على فيروس سي    موعد بدء العام الدراسي الجديد بالمدارس الرسمية والخاصة والدولية    تصفيات أمم إفريقيا - وصول بعثة منتخب مصر إلى بوتسوانا    فرنسا ضد بلجيكا.. جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين 9 سبتمبر    أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على غارات الاحتلال.. ماذا قالت؟    مدير مركز "عدالة ": استثناء التيار الإسلامي من قوائم المخلى سبيلهم يؤكد تسييس القضاء    تنسيق المرحلة الثالثة.. موعد وخطوات تسجيل الرغبات على موقع التنسيق    بعد 12 عاما من عرضه.. أنوشكا تكشف عن مفاجأة لها مع عادل إمام قبل تصوير «فرقة ناجي عطا الله» (فيديو)    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    نائب محافظ البحيرة يقود حملة مكبرة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بدمنهور    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024 بعد قرار مجلس الوزراء (7 أيام عطلة في سبتمبر مدفوعة الأجر)    السيطرة على حريق في منزل بالكيلو 17 بالإسماعيلية    وكيل صحة القليوبية يتفقد إدارتي طوخ وشبين القناطر ويحيل المتغيبين للتحقيق    طلاب جامعة القناة يؤدون امتحانات الفصل الصيفي    شارك صحافة من وإلى المواطن    المدن الجامعية بطنطا جاهزة لاستقبال الطلاب في بداية العام الدراسي    محافظ دمياط يستقبل نائب رئيس بعثة أندونيسيا بالقاهرة لبحث التعاون    رئيس جامعة دمنهور يشهد ختام النسخة الثانية من دورة إعداد المدربين T.O.T    إسبانيا تكتسح سويسرا برباعية في دوري الأمم الأوروبية    د.حماد عبدالله يكتب: عاصمة جمهورية مصر العربية "القاهرة"!!    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    افتتاح معرض "أهلًا مدارس" لبيع الأدوات المدرسية بأسعار مخفضة    «الإفتاء»: النبي كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين    الاتحاد الأوروبي يدرس حظر أموال مخصصة لسلوفاكيا بسبب التراجع الديمقراطي    أكلات غنية بالمكملات الغذائية ضرورية لصحة العين    رسميًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2024 في مصر (مدفوعة الآجر للقطاع الحكومي والخاص)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الإمام الأكبر الشيخ الطنطاوي‏(1)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 03 - 2010

بدأت علاقتي بالإمام الأكبر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي منذ عين مفتيا‏,‏ وحين كنت رئيسا لدار المعارف كان يزورني كثيرا‏,‏ وكانت دار المعارف في ذلك الوقت تنشر وتوزع كتبه‏,‏ وكان تفضلا منه يطلب مني الاشتراك في ندواته في مناسبات عديدة ولقاءاته مع البابا شنودة‏,‏ ومع الهيئة الانجيلية‏ . كما كان لي شرف مصاحبته في زيارات إلي الولايات المتحدة‏,‏ وألمانيا‏,‏ وبريطانيا‏,‏ وباكستان‏,‏ والهند‏,‏ ورأيت كيف يحظي بالاحترام الشديد شعبيا ورسميا في كل بلد‏.‏ خاصة في لقائه مع نائب الرئيس الأمريكي‏,‏ ومع رؤساء هذه الدول‏,‏ باعتباره عالما دينيا يمثل سماحة الإسلام‏,‏ وصاحب عقلية متفتحة يطبق عمليا حقيقة أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان‏,‏ ويعمل بما عمل به الرسول صلي الله عليه وسلم كلما اختار بين رأيين من الآراء الفقهية اختار أيسرهما‏,‏ ويردد قول النبي عليه السلام‏:‏ يسروا ولا تعسروا‏..‏ وخلال السنوات التي عمل فيها مفتيا وشيخا للأزهر حارب الإرهاب والمفاهيم المنحرفة عن الجهاد وعن علاقة المسلمين بأصحاب الديانات والعقائد الأخري‏,‏ وعن تصحيح العلاقة بين العقل والنقل‏.‏
عندما عين مفتيا في أكتوبر‏1986‏ كان مقر دار الافتاء في شقتين في مساكن شعبية قديمة في العباسية‏,‏ فأصر علي بناء دار تليق بمكانة هذه المؤسسة الإسلامية‏,‏ وظل يسعي إلي أن حصل علي تخصيص الأرض والميزانية‏,‏ وأشرف بنفسه علي بناء دار الافتاء الحالية وكان فضيلته يجلس علي الرصيف تحت مظلة يتابع خلطة الأسمنت قبل صب المسلح ويشرف علي عملية البناء ويناقش المهندسين ويطلب مواصفات خاصة للمواد والتشطيبات‏,‏ ويراجع فواتير الشركة المنفذة وهي قطاع عام ويخصم ويصحح‏,‏ وفي النهاية أصبح لدار الافتاء صرح مشرف يتحدي الزمن‏.‏ وعندما صار شيخا للأزهر كرر ذلك وأقام صرحا مشرفا آخر يليق بمكانة الأزهر العالمية‏,‏ وفتح أبوابه للجميع‏,‏ ووضع تقليدا جديدا هو عقد القران فيه في إطار ديني‏,‏ وفعل ذلك من قبل في دار الإفتاء‏,‏ وصارت العائلات تري في ذلك تبركا وشرفا يعطي للمناسبة مهابة وقدسية‏.‏
والذين هاجموا بعض فتاويه لم يدركوا أنه كان يدرس المسألة في المذاهب المختلفة‏,‏ ويناقشها مع عدد من كبار أساتذة الفقه علي رأسهم فضيلة الشيخ عبدالرحمن العدوي المعروف بعلمه الواسع في مسائل الفقه الدقيقة‏.‏ وهنا يجب أن نفرق بين الفتوي التي كان يصدرها وبين الأقوال المرسلة التي كان يلتقطها بعض الصحفيين ويسارعون بنشرها وأحيانا يضيفون إليها ويثيرون زوبعة حولها لمجرد الإثارة الصحفية‏.‏
وكنت شاهدا علي الفتوي التي أصدرها عن معاملات البنوك‏,‏ فقد شكل لجنة كان من بين أعضائها محافظ البنك المركزي‏,‏ ورئيس البنك الأهلي‏,‏ ورئيس بنك الإسكندرية‏,‏ وثلاثة من أساتذة الأزهر‏,‏ وثلاثة من أساتذة الاقتصاد والادارة المالية‏,‏ وشرفني بعضويتها‏.‏ وظلت هذه اللجنة تجتمع وتناقش تفاصيل العمل في البنوك‏,‏ وقام بنفسه بزيارات للتعرف علي سير العمل في البنوك الإسلامية والتجارية وما تقوم به من أنشطة وخدمات‏.‏
وفي النهاية لم يقل إن كل معاملات البنوك والمصارف حلال‏,‏ ولكن قال إن منها ما هو حلال ومنها ما هو حرام‏,‏ وإن الاختلاف بين الفقهاء يرجع إلي عدم وضوح معاني الألفاظ‏,‏ وبخاصة لفظ الوديعة‏.‏ فالوديعة بالمفهوم الشرعي هي ايداع المال أو الشيء لدي شخص أو بنك علي سبيل الأمانة‏,‏ وعليه أن يحفظها وله أن يحصل علي أجر مقابل حفظه لها‏,‏ وهذا ينطبق علي الحساب الجاري‏,‏ وعلي تأجير الخزائن في البنوك‏,‏ أما أن يذهب شخص إلي البنك ويقدم له المال الذي يسمونه وديعة فإنه في الحقيقة يعطي البنك وكالة مطلقة في استثمار هذا المال‏,‏ والبنك يستثمر مجموع الأموال في مشروعات تدر في مجموعها ربحا وفقا للدراسات الفنية التي يجريها خبراؤه‏,‏ أما تحديد الربح مقدما فإن هناك رأيا بأنه غير جائز‏,‏ ورأيا بأنه جائز‏,‏ ورجح الدكتور طنطاوي الرأي الثاني لأن التحديد يتم برضا الطرفين وليس فيه غش أو اكراه‏,‏ ويضمن لصاحب المال حقه في زماننا الذي ازداد فيه الطمع وضعفت الذمم‏.‏ ومن كبار أساتذة الفقه المحدثين من أباح هذه المعاملة وأباح تحديد الربح‏,‏ وإذا قيل إن البنك قد يخسر في مشروع فانه يكسب في مشرعات أخري وميزانيات البنوك تدل علي تحقيق أرباح كبيرة من استثماراتها‏.‏ وتشارك البنوك في مشروعات انتاجية كثيرة تفيد البلد وتفتح باب الرزق الحلال لمئات الآلاف‏.‏
لم يقل الشيخ الجليل إن الربا حلال ولكنه حدد مفهوم الربا ومفهوم القرض في الشريعة‏.‏ القرض يكون لمن يحتاج إلي الطعام أو العلاج أو غيرهما من ضرورات الحياة‏.‏ والربا هو طلب الزيادة عند رد القرض ووجود استغلال لحاجة المحتاج‏..‏
هذه الآراء سبقه إليها علماء لهم قدرهم منهم الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق‏,‏ والشيخ عبدالجليل عيسي عميد كلية الشريعة الأسبق‏,‏ والشيخ محمود الخفيف‏,‏ والشيخ عبدالوهاب خلاف‏,‏ والدكتور محمد عبدالله دراز‏,‏ وغيرهم من كبار أساتذة الفقه‏.‏
أسس الدكتور طنطاوي رأيه علي أسانيد شرعية واعتبارات عملية منها‏:‏ أن البنوك والمصارف لا غني عنها لأي مجتمع في هذا العصر‏,‏ والواجب أن نرشدها إلي الطريقة التي أحلها الله فيما تقدمه من أنشطة اقتصادية وخدمات مالية‏,‏ بدلا من أن نهدمها ونضر بالاقتصاد القومي‏.‏
المزيد من مقالات رجب البنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.