يعتبر حرق ونهب متحف ملوي الأثري, أحد مسلسلات تدمير ونهب التراث المصري العريق والذي لا يمكن تعويضه فقد سبق مهاجمة المتحف المصري وسرقة كثير من محتوياته برغم أنها مسجلة في اليونسكو من حيث الأرقام والمواصفات. وكذلك متحف مصطفي كامل الذي لم يبق من محتوياته إلا المكتب وبعض الكتب بعد سرقتها وهذا يطلق جرس إنذار متكررا دون استجابة حسب المتخصصين. الدكتور محمد الكحلاوي أستاذ التاريخ الإسلامي وأمين عام اتحاد الأثريين العرب أكد أن التراث المصري والأثري في خطر حقيقي بعد تكرار سرقة ونهب نحو25% من هذا التراث والآثار من المتاحف والمخازن خلال3 سنوات, وأن الدور القادم علي المتحف الإسلامي وهو الوحيد من نوعه في العالم ومقتنياته لا نظير لها, فبرغم توفير نصف مليون جنيه منذ3 أعوام لوضع شبابيك حماية وإضاءة كافية فإنها ملقاة حتي الآن بالأرض برغم من أنها بالجهود الذاتية. وأشار إلي أن ما يحدث الآن نوع من التهريج إذ أنه من الأسس العالمية في هذه الحالة أن يتم جمع الآثار جميعها في هذه الظروف المتوترة ووضعها بالمخازن تحت حراسة مشددة أما تركها حتي تسرق بهذا الشكل فهذه جريمة تلتصق بكل مسئول بالآثار, فاللصوص ومجرمو الآثار تجرأوا لدرجة السرقة نهارا كما حدث في متحف ملوي الذي سرقت منه نحو1045 قطعة, وتم تحويلها في سيارات نقل نهارا, وأن هناك تصرفا شبيها به في ظل الاهمال الواضح لدرجة أن قام أحد الأفراد بهدم سبيل أثري بجانب البلدية في شارع الصليبة بالسيدة زينب وأقام مبني علي الأرض دون أن يعترض أحد, فالجميع هنا مسئولون. وأشار أمين عام اتحاد الأثريين العرب إلي أن الأخطار تحيط بالآثار جميعها فلو أن إنسانا مخربا القي زجاجة مولوتوف علي أي منها سيشعل حريقا يأتي علي هذه الآثار النادرة عالميا لأن الصالات مفتوحة إلي بعضها في معظم هذه المتاحف, ويكفي مثلا أن منزلا احترق بجانب المتحف الإسلامي بالقرب من مديرية الأمن احتاج للإطفاء طوال الليل, فما بالكم بالمتحف نفسه المكون من خشب وأنسجة, مما يتطلب حماية عسكرية وأمنية بأفراد علي مستوي عال لأن الدبابات لا تحمي المتاحف. ولأن المسئولية تقع علي الدولة ورجالها لحماية مؤسسات التراث المصري. أشار د. محمد الكحلاوي إلي أن القطع المسروقة من متحف ملوي لم تلق اهتماما حقيقيا لملاحقة اللصوص الذين استولوا عليها فهذه القطع لم تضعها وزارة الآثار علي موقعها بالصور والأرقام, وهذه أولي بديهات ملاحقة السارقين بل إن الكثيرين من الخبراء يؤكدون أن هذه القطع ليست مسجلة عالميا ولا تعرف منظمة اليونسكو عنها أي شيء, وضرورة الاعتماد علي التأمين الحقيقي بأفراد مدربين جيدا, ورفع الوعي بقيمة هذه الآثار لنا ولأولادنا, وأن نستفيد من تجارب عالمية سابقة فمثلا في الحرب العالمية الثانية نقلت فرنسا كل آثار متحف اللوفر العظيم إلي مخازن طوال فترة الحرب لأن الآثار غالبا تكون قطعا نادرة لا يمكن تعويضها وهي في الوقت نفسه تراث مهم وخطير, ومصدر للعملة الصعبة التي تسهم في تنمية اقتصادنا. وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الآثار إتخاذ اجراءات أخيرة أمنية تجاه متحف ملوي ونقل ما تبقي منه إلي المخازن, أعلنت منظمة اليونسكو عن تعليماتها إلي وسائل الرقابة الدولية والانتربول لجعل المسروقات الأثرية بالمتحف في القائمة والدائرة الحمراء حتي لا يتم التعامل معها تحت أي مسمي والقبض علي سارقيها ومصادرة هذه القطع فورا وتحريم تداولها. أكد السيد أحمد شرف رئيس قطاع المتاحف أن الجريمة حدثت في يوم فض اعتصام رابعة والنهضة يوم14 اغسطس الحالي بدأت مساء بهجوم تزامن مع الهجوم علي مبان حكومية مجاورة وظهر من طبيعة هذا الهجوم أن من قاموا به من يتاجرون في الآثار أو يبحثون عن المال, لذلك لم يتركوا في البداية سوي32 قطعة فقط من نحو1180 قطعة هي محتويات المتحف, ولم يكتفوا بذلك بل قاموا علي مدي3 أيام بسرقة كل ما يقدرون علي حمله, ثم بادروا بتدمير كل شيء حتي بعض المومياوات قاموا بحرقها, كما كسروا الكاميرات الخاصة بالمراقبة ولولا تدخل بعض الأثريين في اللحظات الأخيرة لازداد التدمير لباقي محتويات المتحف الذي يعد أهم متاحف الصعيد علي الإطلاق. القطع الباقية وأضاف أحمد شرف أن القطع الباقية من السرقة عبارة عن تمثال من الحجر الجيري للمعبود تحوت وهي علي هيئة قرد و3 تماثيل من الفخار وقطعتان من البرونز للمعبود أوزوريس الأول وقطعة من الجص عليها نقش للطائر أبيس علي هيئة أبو قردان وريشة للمعبودة ماتمث و3 أوان فخارية وهي تعود جميعا للعصرين اليوناني والروماني, مما دفع وزارة الآثار لإبلاغ الإنتربول الدولي بقائمة المسروقات وكذلك الاتحاد الدولي للجمارك لمتابعة حركة انتقال هذه الآثار لدي المهربين والتجار, وهذا أغلق السبيل علي بعض من نهبوا تلك الآثار فأعادوا نحو20 قطعة منها إلي المتحف, وهي عبارة عن3 لوحات تعود للعصر اليوناني والروماني بحجم25*65 سنتيمترا, والقطعة الأولي من الرخام عليها كتابات يونانية, والثانية من الحجر الجيري, وعليها رسم لحيوان الأرنب مكسورة إلي جزءين, والثالثة عليها رسم غائر لأرنبين يمثل أحدهما رموز الإقليم الأرنب, وكذلك تمثالان من البرونز يمثلان الإله حجوتي اله الحكمة عند المصريين القدماء. ويضيف د. عبد الحليم نور الدين أستاذ التاريخ الفرعوني بجامعة القاهرة أن أهمية هذا المتحف الذي انشئ في عام1962 احتواؤه علي تمثال ابنة اخناتون الذي حكم مصر في عصر الأسرة الثامنة عشرة ونادي بالتوحيد فضلا عن وجود عملات ذهبية وبرونزية اغريقية ورومانية, فالمتحف يغطي حقبة العمارنة نسبة إلي وجوده في منطقة تل العمارنة التي أسسها اخناتون تاركا منف وطيبة( الأقصر) حاليا لتكون عاصمة لدولته الجديدة. وقال أستاذ الآثار وأمين عام المجلس الأعلي للآثار الأسبق إن متحف ملوي به جميع الآثار الفرعونية والإغريقية الرومانية في الاشمونين وتونا الجبل منذ عام1379 1362 قبل الميلاد في المنطقة التي شهدت تغيير ديانة آمون إلي آتون, وأن المتحف يتكون من4 قاعات تتوزع بها قطع الآثار حسب النوع والتشكيل والمساحات الزمنية فهو كان يحوي تمثال الإله حجوتي سيد الأشمونيين ومجموعة كبيرة من التماثيل البرونزية ترمز لنفس الإله وتوابيت حجرية وخشبية وفخارية للقردة والطائر أبي منجل وتوابيت آدمية خشبية وحجرية ومجموعة أقنعة من العصرين اليوناني والروماني وأوان فخارية كانوبية وبرديات بالخط الديموطيقي ومجموعة كبيرة من الأواني الفخارية التي تمثل كل العصور وتماثيل لأفراد من عصور مختلفة إضافة للعملات اليونانية والرومانية ونصوص يونانية علي لوحات حجرية والكتان وأدوات للزينة والمعيشة في حياة المصريين القدماء.