في إنجاز علمي خارق قد يغير من طبيعة فهمنا للأمراض العصبية وطرق علاجها, تمكن العلماء من تنمية أول دماغ بشري صغير في المختبر عن طريق زرع الخلايا الجذعية بهدف زيادة القدرة علي دراسة الأمراض العصبية ومن أجل إيجاد رؤية أفضل لإنتاج علاجات لهذه الأمراض المستعصية. وقال د.طارق قابيل أستاذ التكنولوجيا الحيوية بكلية العلوم جامعة القاهرة انه وفقا لدراسة نشرت أخيرا في مجلة' نيتشر' العلمية, فقد نمي علماء البيولوجيا في معهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية بالنمسا دماغا بشريا باستخدام الخلايا الجذعية. وهذا الدماغ ليس مكتمل النمو, ولكنه عبارة عن أقسام صغيرة ثلاثية الأبعاد من الأنسجة التي تشبه دماغ جنين بشري بعمر9 أسابيع بحجم يتراوح ما بين3 إلي4 ملليمترات. وعلي الرغم من عدم تطور الدماغ بشكل كامل, فإن هذا النموذج للدماغ يقدم مناطق مختلفة من الدماغ البشري, مثل القشرة الظهرية, وشبكية العين غير الناضجة, ويمكنه البقاء علي قيد الحياة حتي سنة كاملة داخل مفاعل حيوي دوار لتوزيع المواد المغذية والأكسجين. وأضاف ان الباحثين استخدموا خلايا جذعية بشرية وابتكروا مزرعة في المختبر مما سمح لهم بتخليق أشباه أدمغة صغيرة يتكون كل منها من عدة مناطق دماغية متميزة, وقد قام العلماء بتطوير نظام زرع الأنسجة ثلاثي الأبعاد لنموذج مستمد من الخلايا الجذعية متعددة القدرات لتنمية العقل البشري حيث يقوم علي تطوير مناطق مختلفة من الدماغ. وأوضح أن الدراسة أظهرت النتائج البحثية أنه يمكن اعتماد هذا النموذج لدراسة تطور النسيج الدماغي وتطور الأعراض المرضية حتي في هذه الأنسجة البشرية الأكثر تعقيدا. وهذه هي المرة الأولي التي يتمكن فيها العلماء من تخليق أنسجة دماغية في ثلاثة أبعاد, وباستخدام أشباه الأدمغة تمكن العلماء من إنتاج نموذج بيولوجي للكيفية التي تتطور بها حالة دماغية نادرة يطلق عليها تطورات صغر الرأس فيما يشير الي أن الطريقة نفسها يمكن أن تستخدم في المستقبل لعمل نموذج لاضطرابات مثل التوحد أو انفصام الشخصية التي تؤثر علي ملايين الأشخاص في أنحاء العالم. وأشار إلي أنه من المعروف أن الخلايا الجذعية هي خلايا أولية يتم إعادة برمجتها لكي تتحول إلي خلايا يمكنها أن تتخصص من جديد وتصبح عضوا جديدا كالقلب والكبد والكلي. واستخدام العلماء الخلايا الجذعية المستحثة لعلاج العديد من الأمراض, واستطاع العلماء تخليق أجزاء أخري من الجسم ولكن هذه الأعضاء ليست معقدة مثل الدماغ. وفقا لمجلةpopularscience, فنموذج الدماغ ثلاثي الأبعاد المصنع في المختبر بواسطة الباحثين في فيينا هو النسيج الأكثر تعقيدا الذي تمت تنميته مختبريا في العالم حتي الآن. ورغم انه يبدأ بنسيج بسيط نسبيا فان الدماغ البشري ينمو بسرعة الي أعقد تركيب طبيعي معروف ولا يعلم العلماء شيئا عن كيفية حدوث ذلك, وهذا يجعل الأمر بالغ الصعوبة بالنسبة للباحثين لفهم ما قد يحدث من أخطاء وكيفية علاجها.