قبل الغروب في يوم عند بداية الصيف, كان أحد علماء الحيوان علي ظهر جواده يعود به إلي بيته, عندما شاهد غبارا يتصاعد من مكان تنمو به مجموعة من نباتات الصبار. وعندما نظر بمنظاره رأي مشهدا فريدا.. شاهد ذئبا يجري دائرا حول مجموعة النباتات وخلفه غزال يطارده!! أدرك خبير الحيوانات أن الذئب حاول أن يخطف ابن الغزال, فهجمت عليه الأم التي جن جنونها. كان الذئب يعرف بخبرته أنه لن يستطيع أن يسبق الغزال إذا حاول أن يهرب وهو يسحب فريسته الصغيرة, وأراد أن يتجنب ضربات حوافر الغزال الحادة إذا اشتبكا في قتال وهو مشغول بغنيمته التي ظن أن أحدا لن يستطيع منعه من الهرب بها, فحاول أن يجعل الأم تيأس من مطاردته وأن يصيبها الإرهاق بأن يجري أمامها حول الأشجار. وشاهد الخبير الغزال الرضيع ينهض ويتمطي, ثم يخطو متعثرا بين الأشجار, فما إن رأته أمه حتي دفعها خوفها عليه إلي مضاعفة جهدها لتلحق بالذئب, لتقضي علي أخطر مصدر لتهديد حياتها وسلب أعز ما تحرص عليه. واستطاعت فعلا أن تصل إلي الذئب. وفي لحظات خاطفة كانت قد رفعت قدميها الأماميتين عاليا, ثم نزلت بهما في عنف علي ساقي الوحش الخلفيتين, فسقط علي الأرض.. لكنه سرعان ما هب قائما والدم يسيل من ساقيه, فمشي يعرج. وأحس الذئب باليأس من الفرار, فوقف يواجه الغزال مكشرا عن أنيابه الحادة.. شعر خبير الحيوانات بالذعر, فقد كان يعلم أن هذا النوع من الذئاب حيوان عدواني عنيد, فإن له أنيابا قوية حادة يستطيع أن يمزق بها الجلد مهما كان غليظا, وأن يهجم علي كبش فيمزق عنقه بحركتين من حركاته المدربة علي القتل! لكن قتاله هذه المرة مع الغزال تركه مرهقا مصابا, حتي إن الغزال استطاع, مرة أخري, أن يرفسه رفسة كسرت أسنانه الأمامية فحرمه هذا من أهم أسلحته الفتاكة, فتقدم متمهلا وقد لوي رأسه إلي جانبه ليتجنب رفسة أخري من الغزال الثائر الخائف علي ابنه, وهو منظر غير معتاد من ذلك الوحش المفترس. لم يتقهقر الغزال, بل اندفع يهاجم الذئب, فوثب وثبة عالية من فوق نبات الصبار, ونزل فوق الذئب فإذا بأرجله قد صارت كأنها مطارق تدق رأس الذئب وتمزق جسمه, فارتفعت سحابة من الغبار أخفت نهاية هذا الصراع المروع عن عيني الخبير. فلما سكنت عاصفة الغبار, رأي خبير الحيوانات الغزال كأنما يرقص, وهو يروح ويجيء أمام جثة خصمه العنيد. ثم عادت تلك الأم إلي رضيعها, وبدأت تشمه بأنفها وتمسحه مسحا رقيقا, سعيدة بإصرارها علي مقاومة هذا العدوان الدموي والانتصار عليه.