شهدت العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وجمهورية الصين الشعبية انطلاقة كبيرة خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين كما تشهد اتجاها تصاعديا متسارعا خلال القرن الحادي والعشرين. وجاء ذلك التصاعد في العلاقات البينية بين الطرفين الخليجي والصيني استنادا إلي عدد من المحددات يأتي في مقدمتها حاجة الصين المتزايدة للطاقة وهو الأمر الذي وفرته لها دول الخليج مما جعل الصين تبدي المزيد من الاهتمام بالمنطقة علي المستويات السياسية والأمنية خدمة لمصالحها الوطنية في المقام الأول. فقد أصبحت الصين دولة مستوردة للبترول بشكل جوهري في عام1993, واستوردت في العام التالي6.5 مليون برميل يوميا من البترول.ومن المتوقع أن تبلغ حصة الصين وحدها نحو20% من إجمالي الطلب العالمي علي البترول في عام2015, وأن تأتي أكثر من70% من وارداتها البترولية من منطقة الخليج. وتبلغ حصة المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر نحو17% من الواردات البترولية الصينية.وفي ضوء هذه الأرقام, تبدي الصين اهتمامها بمنطقة الخليج, لأن التطورات الإقليمية بالمنطقة ستكون مرتبطة مباشرة باستراتيجة بكين الخاصة بالطاقة.ومن المعروف أن احتياجات الصين من البترول ستتضاعف بحلول عام.2030 وتعد العلاقات السعودية الصينية أحد الأركان الرئيسية لعلاقات الصين بدول مجلس التعاون.فالصين التي إستوردت من السعودية ماقدر ب1.4 مليون برميل بترول يوميا في فبراير الماضي تسعي لأن توجه إستثماراتها نحو احتياطيات البترول الغاز في السعودية.وقد استهلت الصين استثماراتها في بداية العام الحالي بالإتفاق علي إنشاء معمل تكرير علي ساحل البحر الأحمر بتعاون سعودي صيني مشترك في صفقة قدرت قيمتها ب8.5 مليار دولار. وهناك محدد آخر يتمثل في رغبة صينية بالمشاركة في إقامة ما لايقل عن16 مفاعلا نوويا بالمنطقة بحلول عام2030 وهي المشروعات التي يقدر أن تسهم الصين فيها بمقدار100 مليار دولار. وعلي الصعيد التجاري فإن الصين تعد من أبرز الدول المصدرة للمنطقة حيث قدرت صادراتها لدول مجلس التعاون خلال العقد الأخير ب60 مليار دولار سنويا.ومن إجمالي صادرات الصين للشرق الأوسط وشمال أقريقيا في عام2012, والتي قدرت ب111 مليار دولار, كان نصيب دول مجلس التعاون77 مليار دولار.وحاليا تخطط الصين لأن يتجاوز حجم التجارة مع دول مجلس التعاون350 مليار دولار خلال العقد القادم. ومن جانبها تنظر دول مجلس التعاون إلي الصين بوصفها شريكا تجاريا مثاليا لايمارس تدخلات سياسية أو إجتماعية في دول المنطقة انطلاقا من إدراك بعدم تطبيقها لأجندة' إمبراطورية'في الخليج بالإضافة لكونها دولة كبري تتمتع بنفوذ ملموس علي المستوي الدولي( عضو دائم بمجلس الأمن) وقوة عسكرية كبري في المستقبل. وتعد إقامة منطقة تجارة حرة مع دول مجلس التعاون من أبرز المشروعات التي تسعي الصين لتحقيقها حاليا. فقد وافق المجلس الوزاري لمجلس التعاون في ديسمبر2003 علي الدخول في مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بين دول المجلس والصين.وفي يوليو2004, وقع الطرفان اتفاقية إطارية للتعاون الاقتصادي تضمنت اتفاقهما علي الدخول في مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بينهما.وعقدت الجولة الأولي من هذه المفاوضات في أبريل2005, وتلتها عدد من جولات المفاوضات والاجتماعات الفنية. وتجدر الإشارة إلي أن الحوار الإستراتيجي الخليجي الصيني بدأ رسميا منذ عام2010 حيث عقد الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون والصين في4 يونيو2010 بالعاصمة الصينية بكين.وتم التوقيع علي مذكرة تفاهم بشأن الحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون والصين, تشمل التعاون في مجالات عديدة أبرزها التشاور حول القضايا السياسية والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك, والمجالات التجارية, والإستثمارية, والطاقة, والثقافة, والتعليم والبحث العلمي, والبيئة, والصحة. وقد وافق الجانبان في الاجتماع الوزاري المشترك الثاني للحوار الإستراتيجي, الذي عقد في الإمارات العربية المتحدة مايو2011, علي تطوير آليات التشاور والتنسيق والتعاون في جميع المجالات, ووضع آليات عمل وبرامج زمنية محددة لتنفيذها. وأعد مجلس التعاون خطتين للعمل المشترك الأولي خطة العمل المشترك للتعاون الإقتصادي والتجاري والإستثماري والفني للأعوام2012 2015, وتم إقرارها في الإجتماع الأول للجنة المشتركة للتعاون الإقتصادي والتجاري والاستثماري والفني في مارس2012 والثانية خطة العمل المشترك للأعوام2013 2016 للحوار الإستراتيجي.