في محاولة لتفسير الموقف السياسي الأمريكي المتذبذب من التطورات علي الساحة المصرية, رصدت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها دعوة بعض النواب الأمريكيين إدارة الرئيس باراك اوباما لوقف المساعدات لمصر في اعقاب فض الجيش المصري لاعتصامي رابعة العدوية والنهضة، إلا أنها أكدت أن علاقةالمساعدات المتشابكة مع القاهرة ليست بسيطة ويمكن أن تكون مكلفة للولايات المتحدة مثلما هو الحال بالنسبة لمصر. وأشار التقرير في هذا السياق إلي تصريحات أوباما الأسبوع الماضي والتي أكد خلالها أن التعاون الطبيعي مع القاهرة لا يمكن ان يستمر معلنا إلغاء المناورات العسكرية مع مصر الشهر المقبل, ولكن التقرير أكد في الوقت ذاته أنه لا يبدو أن قطع المساعدات وشيك, نظرا لأن قطع المساعدات الأمريكية من شأنه أن تفقد واشنطن أي تأثير ولو حتي محدود علي الحكومة المؤقتة المصرية. ويؤكد جهاز الأبحاث بالكونجرس أن مصر تعتبر ثاني أكبر دولة بعد إسرائيل تحصل علي مساعدات من أمريكا منذ توقيع مصر اتفاقية سلام مع اسرائيل عام.1979 وقال جيفري مارتيني محلل شئون الشرق الاوسط في مؤسسة راند البحثية انمعظم المساعدات العسكرية لمصر تستحوذ عليها صناعة الدفاع الامريكية التي توفر العتاد والصيانة وقطع الغيار لمصر.ومن ثم فمن الناحية الاقتصادية البحتة فإن تراجع الأموال المخصصة للمشتريات سيؤثر علي الجيش المصري ولكن شركات المقاولات الدفاعية الأمريكية ستفقد أيضا أحد عملائها. ومن ناحية أخري, تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية عن المصالح الأمنية والقومية الأمريكية التي حالت دون اتخاذ الرئيس باراك أوباما قرارا بقطع المساعدات عن مصر. وأشارت إلي أنه علي الرغم من أن أوباما لم يحدد هذه المصالح, إلا أنها رجحت إمكانية دمجها في كلمة واحدة ألا وهي الاستقرار. وأشارت إلي أن هذه المصالح تتراوح بين التزام مصر ببنود معاهدة السلام مع إسرائيل إلي استمرار التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب وحتي ضمان استمرار فتح قناة السويس أمام حركة التجارة العالمية وخاصة فيما يتعلق بنقل شحنات البترول من الشرق إلي الغرب. ووصفت شبكة( فوكس نيوز) الإخبارية الأمريكية سياسة الرئيس باراك أوباما الراهنة حيال مصر بأنها سياسة مشوشة ومتنافرة وتفتقر إلي التناسق. وأشارت الشبكة الأمريكية إلي أن أوباما يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياسته الراهنة نحو مصر وأن إدارته توجه إشارات مختلطة ومزودجة تثير الشعور بالقلق من إمكانية اتهام الولاياتالمتحدة بالعمل علي تغذية شعور الطرفين سواء الحكومة أوجماعة الإخوان بعدم الثقة في الإدارة الأمريكية. وحذر المحللون الأمريكيون من أن استخدام القوة مؤخرا في فض اعتصام الإخوان المسلمين في رابعة العدوية والنهضة يثبت أن النفوذ الأمريكي علي الجيش المصري بدأ في الانحسار والتراجع. وتابعت الشبكة في تقريرها إن طوفان الاتصالات الهاتفية من كبار المسئولين الأمريكيين إلي نظرائهم المصريين وزيارة اثنين من كبار أعضاء الكونجرس إلي القاهرة مؤخرا لم تنجح في وقف أعمال العنف الأخيرة في مصر. أما مجلة فورين بوليسي الأمريكية فأكدت أن الموقف الأمريكي المتذبذب من مصر يعود إلي أن تبريرات القيادة المصرية الحالية للجوء للعنف هي نفس التبريرات التي تلجأ إليها الولاياتالمتحدة لدي دفاعها عن الهجمات بطائرات بدون طيار في اليمن وباكستان. وعلي الرغم من أن الإعلام الدولي يصور المظاهرات في مصر علي أنها سلمية يشوبها بعض العنف, إلا أنه من الطبيعي أن يتعامل معها الجيش المصري علي أنها أعمال ارهابية تسعي لتقويض الدولة المصرية, ولا يمكن لأي جهة أن تواجه هذا الإرهاب بدون استخدام القوة المفرطة.