مدير صندوق النقد لليوم السابع: مستعدون لتعديل برنامج التمويل لمصلحة المصريين    وزير الشئون النيابية: حياة كريمة نموذج فريد للتنمية الشاملة ودرس للتكامل    تركيا: أحد منفذى الهجوم الإرهابى عضو بتنظيم حزب العمال الكردستانى    مولر عن خسارة البايرن برباعية ضد برشلونة: افتقدنا للثقة    المصري يختتم معسكره بالمغرب ويتوجه إلى مطار محمد الخامس    المترو يبدأ الخميس القادم العمل بالتوقيت الشتوى.. اعرف المواعيد    ضبط المتهم بانتحال صفة شرطى للنصب على المواطنين بأوسيم    خبيرة دولية: مصر تولى أهمية قصوى للاستثمار فى بناء الإنسان.. و"حياة كريمة" خير دليل    برلماني لبناني: مؤتمر باريس يجب أن يتجه لوقف الإجرام الذي تمارسه إسرائيل    وقوع شهيد باستهداف من طائرة استطلاع على دوار زايد في بيت لاهيا شمال غزة    مستشار ب«المصري للفكر»: الحرب الأهلية في لبنان واردة بعد العدوان الإسرائيلي    إجراء القرعة العلنية بين11 ألف مواطن تقدموا لحجز وحدات «فالي تاورز»    عاجل.. عبد الله السعيد يوافق على التجديد للزمالك دون شروط    جوميز يبحث عن لقبه الثالث مع الزمالك أمام الأهلي في كأس السوبر المصري    محافظ دمياط يعتمد قرار النزول بسن القبول بالمرحلة الابتدائية    22 مستشفى جامعيًا ومركزًا للأورام تشارك في فعاليات "أكتوبر الوردي"    بأسلوب المغافلة.. التحقيق مع المتهم بسرقة المواطنين في المطرية    أبرزهم عادل إمام.. تعرف على أبرز المكرمين من مهرجان الجونة في الدورات السابقة    حزب الله ينفذ 34 هجوما ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال 24 ساعة    وزير الصحة يعلن اعتماد التطعيمات اللازمة ضد شلل الأطفال للفلسطينيين    خبر في الجول - شكوك حول لحاق داري بمواجهة العين بعد تأكد غيابه أمام الزمالك    محافظ المنيا يشارك أبناء مدرسة النور للمكفوفين الاحتفال باليوم العالمي للعصا البيضاء    أردوغان: إسرائيل تستمر وتتمادى فى سياستها العدائية التى تخطت أى حدود معقولة    ردّا على إرسال جنود كوريين شماليين لروسيا.. سيول تهدد بتسليم أسلحة لأوكرانيا    الداخلية تشترط فى المتقدمين لحج القرعة 2025 عدم أداء الفريضة سابقا    «الداخلية» :ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب11 ملايين جنيه    شركة مدينة مصر توقع عقد شراكة لتطوير مشروع عمراني سكني متكامل في هليوبوليس الجديدة مع شركة زهراء المعادي للاستثمار والتعمير    محافظ القاهرة: رفع القمامة والمخلفات من منطقة الجبخانة بحي مصر القديمة    ندوة بسوهاج تستعرض دور محو الأمية فى نشر الوعى ضمن المبادرة الرئاسية "بداية"    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    "سبت جوزي عشانه". حكاية علاقة الشيخ أشرف و "المنتقبة" تنتهي بمأساة    الإسكان توضح للمواطنين مراحل تنقية مياه الشرب.. ونصائح لتوفير وترشيد الاستهلاك    خلال 24 ساعة.. 4 مجازر في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 55 شهيدا و132 مصابا    محمد محمود عبدالعزيز وزوجته سارة وشيماء سيف ضيوف «صاحبة السعادة»    خبير موارد مائية يكشف إمكانية عودة مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا في البريكس    بعد تداول منشور وتحقيقات سريعة.. الأمن يكشف لغز اقتحام 5 شقق في مايو    وزير الصحة: تخصيص موازنة مستقلة للتنمية البشرية خلال الفترة المقبلة    فريق طبي ينقذ مريضا توقف قلبه بالمنوفية    مدير تعليم القاهرة يوجه بضرورة تسجيل الغياب أولًا بأول    الإسكندرية الأزهرية تحتفي بالبطولات الرياضية ضمن مبادرة بداية    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 2024    تعرف على طاقم تحكيم مباراة الأهلي والزمالك    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام فنربخشة بالدوري الأوروبي    اليوم ختام الدورة ال 32 لمهرجان الموسيقي العربية وسهرة طربية لمي فاروق    اليوم.. افتتاح الدورة السابعة من مهرجان الجونة بحضور نجوم الفن    أعراض قد تشير إلى ضعف القلب    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من المعاهد الصحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض في دوري روشن السعودي    ساعات على حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.. من يحييه؟    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    «الأهم في تاريخ الديربي».. كواليس جلسة عضو مجلس الزمالك مع قادة الفريق استعدادا لمواجهة الأهلي (خاص)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية الدين والسياسة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2013

الحوار الثقافي الذي ندعو إليه جميع الفصائل السياسية في مصر وكل التيارات الثقافية المتنوعة والتي تستند إلي مرجعيات فكرية متعددة, لابد له ذ إن أردنا حلا شاملا للأزمة السياسية في مصر- أن يركز بعمق علي معالجة إشكالية الخلط المعيب بين الدين والسياسة.
ولابد أن نتفق منذ البداية علي أن مشروع الحداثة الغربي والذي كان هو أساس التقدم في النظم الديموقراطية كان يقوم علي عدة أسس, أهمها علي الإطلاق الفردية والعقلانية والاعتماد علي العلم والتكنولوجيا.
وكل أساس من هذه الأسس كانت له آثار سياسية بالغة العمق في مجال ترسيخ قواعد الديموقراطية الأصيلة. فالفردية كانت تعني تاريخيا في البنية الأوروبية استخلاص الفرد من حالة الشيوع الجماعية في المجتمع الإقطاعي, حيث كانت تذوب ذاتية الفرد في الجموع الخاضعة خضوعا مطلقا لسلطة أمراء الإقطاع, الذين حكموها في بعض الفترات التاريخية بمنطق سلطة الحكم الإلهي.
واستخلاص فردية الفرد معناه تحويله إلي مواطن له حقوق وعليه واجبات, في إطار دولة يحكمها مبدأ سيادة القانون. وتتمثل حقوق المواطن أساسا في تمتعه بالحرية السياسية, وحقه بل وواجبه في الإسهام- عن طريق الانتخابات- في اختيار من يحكموه, وفقا للبرامج السياسية التي يعلنونها مقدما.
أما حقوقه الاقتصادية فتتمثل في الحق في التعليم والسكن والصحة, وأهم من ذلك كله في العمل الذي تكفله الدولة للمواطنين, أيا كان النظام الاقتصادي السائد.
وللمواطن أيضا حقوق ثقافية ثابتة, وأهمها حرية الاعتقاد, وتمتعه بكل حقوق المواطنة بدون أدني تمييز نتيجة اللون أو الأصل العرقي أو دينه.
ويمكن القول بكل يقين ان جوهر الحداثة الفكرية الغربية التي أدت إلي تقدم المجتمعات مبدأ أساسي هو أن العقل وليس النص الديني هو محك الحكم علي الأشياء.
بعبارة أخري أن العقل أساس اتخاذ القرارات السياسية وصياغة الاستراتيجيات المناسبة للتطور, والعقلانية الاقتصادية في تنظيم الموارد وتحديد سبل الاستثمار.
وعلي ذلك لا يجوز في الممارسة السياسية الرشيدة الخلط المعيب بين الدين والسياسة بعبارة أخري لا يجوز في المجال السياسي الإدعاء أن الحاكم ملكا أو رئيس جمهورية هو ظل الله علي الأرض, أو أن له مكانة مقدسة تجعل ذاته لا تمس اعتمادا علي مرجعية دينية أيا كانت. كما أنه في مجال الاقتصاد لا يجوز في مجال اتخاذ القرارات- كما حدث في حكم الإخوان- الاستناد إلي مرجعيات دينية لاتخاذ القرارات الاقتصادية, كما حدث في حالة قرض البنك الدولي الذي رفضته جماعة الإخوان في ظل وزارة الدكتور الجنزوري, بزعم أن فوائده ربا محرم, ثم قبلته بلا تحفظ في ظل وزارة هشام قنديل, بناء علي فتوي لأحد فقهاء جماعة الإخوان المسلمين حين قال ان الضرورات تبيح المحظورات وعلي ذلك لا بأس لقبول الفوائد مع أنها ربا!
وحتي لا يكون حديثنا علي سبيل التجريد أسوق- للتدليل علي خطورة خلط الدين بالسياسة- التصريح الذي أدلي به أخيرا الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الإسلامي في الجموع الحاشدة التي اجتمعت لتأييده في الصراع السياسي مع المعارضة التونسية التي تريد حل المجلس التأسيسي وتغيير الحكومة ان هذه الحشود تذكرني بفتح مكة. وهكذا- ربما بغير أن يقصد- شبه نفسه بالرسول- عليه السلام- وشبه أعضاء حزب النهضة وكأنهم هم فقط المسلمون في مواجهة أعضاء أحزاب المعارضة- الذين وفقا لخطابه- هم الكفار!
بعبارة أخري الأحزاب السياسية ذات المرجعيات الإسلامية تبدو خطورته- بالإضافة إلي الخلط المعيب بين الدين والسياسة- في أنها تعمد إلي تكفير خصومها السياسيين, والادعاء الكاذب إلي أن أعضاءها هم وحدهم المسلمون, وهم وحدهم الذين يمثلون صحيح الدين. وينطبق ذلك في عرفهم علي التيارات السلفية ذاتها التي شكلت هي أيضا أحزابا سياسية دينية تنطلق من تهويمات غيبية ليس لها وجود ملموس في الواقع الاجتماعي.
ولنحاول أن نحلل خطابات قادة جماعة الإخوان المسلمين التي انطلقت من علي منصة رابعة العدوية.
قال قيادي إخواني معروف مخاطبا الجماهير المغيبة التي تهتف بلا فهم إسلامية إسلامية ضد العلمانية انه تأخرت نصرة الله لنا لأنه أراد أن يمتحن عزيمتنا علي الصمود.
ما هذا الفكر الخرافي البدائي؟ الرجل يتحدث في سياق صراع سياسي بين جموع الشعب المصري وجماعة الإخوان المسلمين المستبدة علي أن الله سبحانه وتعالي معهم وأنه آخر النصر لأنه ذ وكأنه سبحانه- لا يعرف وهو يريد أن يمتحنهم!
إن الخطورة البالغة في خلط الدين بالسياسة تبدو في تصوير الصراع السياسي بأنه صراع ديني بين مسلمين وكفار, وادعاء أن حزبا سياسيا دينيا كحزب الحرية والعدالة الإخواني يمتلك الحقيقة المطلقة!
غير أنه تبدو خطورة الخلط بين الدين والسياسة من تأثيراته الخطيرة علي كيان الدول وتماسك المجتمعات.
وليس أدل علي ذلك من المشروع المعلن لجماعة الإخوان المسلمين وهدفه الاستراتيجي محو كيانات الدول الوطنية, وعدم الاعتداد بحدودها المقدسة, وإذابتها قسرا في سياق نظام للخلافة الإسلامية يحول بلدا مثل مصر بتاريخها العريق وتراثها البالغ الثراء إلي مجرد ولاية من ولايات الخلافة, وعدم الاعتداد بالقاهرة كعاصمة للدولة, وإنما اختيار القدس- كما صرح الداعية الإخواني صفوت حجازي- لتكون عاصمة الخلافة!
ومعني ذلك بكل بساطة تفكيك الدولة المصرية لحساب أممية إسلامية, وهمية لا تستند إلي أي فهم عميق لحقائق النظام العالمي الراهن, الذي يتشكل من دول ذات سيادة وليس من ولايات تنتمي إلي خلافة دينية مضي زمانها منذ عشرات السنين, بعد أن سقطت الخلافة العثمانية إلي غير رجعة!
وتبدو خطورة الخلط بين الدين والسياسة في أنه يغري الأحزاب السياسية الدينية بإتباع سياسات غير رشيدة لا تستند إلي أي منهجيات علمية, بدعوي أن سبحانه وتعالي كفيل بإنجاحها لأنهم هم بمفردهم المعبرون عن مشيئته.
وقد رأينا- من واقع الممارسة الفعلية- أن مشروع النهضة الذي روجت له جماعة الإخوان المسلمين كان مجرد خدعة جماهيرية لكسب أصوات الناخبين, لأنه تبين من واقع تصريحات قادة الجماعة أنفسهم أنه لا وجود له! وحتي لو وجد فهو لن يزيد إطلاقا عن مجموعة من التهويمات التي تفتقر إلي أسس التخطيط العلمي المعترف بها.
طرح إشكالية الدين والسياسة في الحوار الثقافي المقترح مطلوب لأنه من الضروري لأي تقدم ديموقراطي في البلاد منع تشكيل الأحزاب السياسية الدينية, وتجريم استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات السياسية, وأهم من ذلك كله الاتفاق علي سياسات ثقافية جديدة تقوم علي أساس تكوين العقل النقدي الذي لا ينساق بسهولة وراء الشعارات الغوغائية, ويقيم عملية التفكير في شئون المجتمع والسياسة والاقتصاد علي العقل بمفرده, وضعا في الاعتبار التجارب الناجحة للمجتمعات التي قطعت أشواطا بعيدة في التقدم الإنساني.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.