فارق كبير بين الحرية والفوضي.. فإذا كانت حرية التظاهر مكفولة.. فليس معني هذه الحرية الخروج عن السلمية.. ولا قطع الطرق.. ولا تهديد السلم الاجتماعي.. ولا الاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة. وإذا كان الاعتصام هو أحد الحقوق المقررة قانونا للمواطنين.. فهو ليس حقا مطلقا, بل مقيد بضوابط كثيرة من بينها عدم الإضرار بالإخرين, وعدم إيذائهم, وعدم الخروج عن المكان المقرر للاعتصام, حرصا علي حركة السير والمرور بالشارع, وعدم تعطيل مصالح الناس. لكن الكثير منا يفهم الحرية علي طريقته الخاصة.. متعللا بحقوق الانسان, ومتناسيا في الوقت ذاته أن الحرية مسئولية.. وأن الانفلات وتجاوز القانون لا يمت للحرية ولا لحقوق الانسان بصلة.. لا شك- والكلام ل اللواء د. طارق خضررئيس قسم القانون الدستوري بكلية الشرطة والخبير الأمني- أن استمتاع المواطن بحرياته وحقوقه مكفول قانونا, طالما لم يخرج عن الإطار المنظم لهذه الممارسة طبقا لما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدساتير العالمية والمصرية, وللمواطن حقوقه كاملة دون انتقاص, أما إذا خرج المواطن عن نطاق هذه الممارسة المكفولة قانونا, فإنه بذلك يكون مخالفا للقانون, وفي هذه الحالة يتحول المواطن من شخص له حقوق وعليه واجبات, إلي شخص خارج علي القانون, ومن ثم يجب ردعه, والتعامل معه وفقا للقانون, وعلي الدولة بأجهزتها التنفيذية المعنية أن ترد المواطن الخارج علي القانون إلي جادة الصواب, حتي لا نعيش في مجتمع فوضوي, والذي من سماته أنه لا يعترف بالقيود, ولا القانون, ولا يعرف الخطوط الحمراء. التظاهر السلمي وإذا كان التظاهر السلمي كما يقول د. طارق خضر- هو أحد حقوق المواطن المكفولة قانونا للتعبير عن رأيه دون استخدام للقوة, في المقابل فإن الاعتصامات المسلحة مجرمة قانونا, مؤكدا أن فض مثل هذه الاعتصامات المسلحة حق يقرره القانون للجهات المختصة والمعنية بذلك, وعلي ذلك فإنه عند الحديث عن اعتصام رابعة العدوية, فلابد أولا من صدور قرار من النيابة العامة بعد إجراء التحقيقات المطلوبة, واستيفاء الاجراءات القانونية المقررة في هذا الشأن, ومن ثم تصدر النيابة قرارها بتكليف الجهات التنفيذية بالتنفيذ, باستخدام كل الوسائل الممكنة شريطة أن تقدر الظروف بقدرها, وفور صدور قرار النيابة العامة تقوم وزارة الداخلية بتشكيل فريق لإدارة الأزمة, ويتولي قائد الفريق توجيه نداء للمعتصمين, والتأكيد أن الاعتصام خرج عن نطاق التظاهر والاعتصام السلمي, ومن ثم خرج عن القانون, ثم تحديد موعد أقصي لمغادرة منطقة الاعتصام, علي أن تتولي الشرطة تأمين مغادرة المعتصمين, بعد طمأنتهم والتأكيد لهم علي عدم ملاحقتهم, او القبض عليهم, وبعد هذه المهلة الزمنية, يتم توجيه نداء أخير بموعد قصير جدا يتم فيه طلب المغادرة, وإذا لم يتمثل المعتصمون للنداء, يلزم علي أجهزة الشرطة والقوات المسلحة- حال تكليفها بفض الاعتصام- ومن ثم منح ضباط وأفراد القوات المسلحة سلطة الضبطية القضائية, أن يتم إخلاء الميدان بطرقة تدريجية باستخدام خراطيم المياه, وتسليطها علي الأقدام فقط, ثم استخدام الغاز المسيل للدموع, والقبض علي رؤس الاعتصام والمطلوبين أمنيا باستخدام القوات الخاصة, وهي مؤهلة للقبض عليهم, يضاف إلي تلك الإجراءات ضرورة تأمين منطقة رابعة, ومحاصرة مقر الاعتصام, وتحديد أبواب خروج بذاتها, وعدم السماح بدخول أي شخص غير المحاصرين داخل الميدان, وإذا لجأ المعتصمون لاستخدام القوة, فستقوم أجهزة الأمن والجيش بالتعامل معهم بالطريقة المناسبة لردعهم, لأنهم بذلك يكونوا قد خرجوا عن إطار السلمية التي يقررها القانون في الاعتصامات والتظاهر. وبشكل عام, فإن التعامل مع مثل هذه الظواهر الخارجة علي القوانين, هو حق مكفول تعمل علي تنفيذه كافة أجهزة الدولة المعنية بمواجهتها, لكن المشكلة التي نعانيها حاليا هي عدم تنفيذ القوانين علي من يقطعون الطرق, ومن يتظاهرون بشكل غير سلمي يهدد الأمن والسلم الاجتماعيين, ويعرض أرواح المواطنين للخطر, ومن ثم وجب التعامل معه وفقا للقانون. الحرية المسئولة حقوق الإنسان في تقدير اللواء مجدي البسيوني الخبير الأمني- مكفولة قانونا, ولكن لمن؟.. هي مكفولة للمواطن الملتزم, وليست مقرره لمن يخرج علي القانون, فوفقا للقانون فإنه من حق المتهم- عند القبض عليه- عدم تعذيبه, والسماح بحضور محام لمتابعة التحقيقات معه, وعدم حرمانه من حقه في المأكل والمشرب, وكما هو معروف, فإن كل مواطن حر مالم يتجاوز, وما لم يضر بحقوق الآخرين, وإذا كان القانون يحمي حرية التعبير, والتظاهر السلمي, فإنه ليس من حقه الخروج علي السلمية في المظاهرات, كما أنه ليس من حقه الخروج علي القانون, وتجاوزه أيا كانت الأهداف أو الغايات. وقد سبق أن قام أعضاء جماعة الإخوان بالعديد من التظاهرات ولم يتعرض لهم أحد, لكنهم خرجوا في اعتصاماتهم وتظاهراتهم الأخيرة عن السلمية, ومن ذلك أنهم قاموا باختطاف معاون مباحث مصر الجديدة وأمين شرطه كان مرافقا له, ثم قاموا بتعذيبه, ومن ثم إذا كانت الاعتصامات والتظاهرات سلمية, فيجب ألا يلجأ افرادها للتعدي علي قوات الشرطة, ولا قطع الطرق, ولا الهجوم علي منشئات حيوية عامة أو خاصة, فتلك تصرفات مجرمة قانونا, ولاعلاقة لها بحقوق الإنسان. حق الاعتصام أما الاعتصامات والكلام للواء مجدي البسيوني الخبير الأمني- فلها مظاهرها المقررة والمكفولة قانونا, وكم من أناس اعتصموا أمام مجلس الوزراء لعدة أيام, ولم يتعرض لهم أحد, أما أن يتحول الاعتصام لبؤر إجرامية, أو ممارسات غير مشروعة, أو يتحول إلي مصدر إزعاج للسكان- كما هو الحال في منطقة رابعة العدوية- فإن ذلك يتطلب تدخل الجهاز الأمني فورا لمواجهة هذه الممارسات في لإطار القانون, ومن ثم فإن حقوق الإنسان مكفولة في إطار الذي رسمه القانون, ولا يمكن أن يستفيد منها الخارجون عليه, والمسيئون لاستخدام الحريات المقررة قانونا.. فحرية الإنسان تنتهي عندما تضر بحرية الآخرين. القانون هو الحل وبشكل عام, يري الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون وعضو اللجنة التشريعية في مجلس الشوري السابق ضرورة تفعيل القوانين التي تواجه البلطجة, والتخريب, وتعطيل العمل, ومن الضروري التفرقة بين التعبير السلمي عن الرأي والنقد وحق المعارضة والتظاهر- وهي حقوق مقرره قانونا للجميع- وإذا لم يتم التطبيق بشكل عادل وحكيم يكون القانون والعدم سواء, كما أن علاج الفوضي لا يتم إلا بتطبيق القانون, ولا شك أن التهاون في التصدي لحالات الخروج إلي القوانين تؤدي إلي حالة من الفوضي, والتي من شأنها الإسهام في إهدار قيمة القانون والنيل من هيبة الدولة, والعدالة, وإضعافها. ومن الأهمية, أن يعرف الجميع أن الحقوق ليست مطلقة, وهي دائما مقررة لتحقيق مصلحة للوطن وللناس, ولذلك تقاس عدالة الحقوق وطبيعتها بما تحققه من مصالح وما تستهدفه من غايات, وإذا كان القانون قد سمح بحق التظاهر, والاضراب, و التعبير عن الراي, فإن هذا التعبير لابد أن يكون سلميا, وبشرط عدم الإضرار بالغير, وحماية الممتلكات العامة والخاصة, وعدم المساس بأمن الدولة, أما إذا أدت التظاهرات والاضرابات إلي تعطيل عجلة الانتاج, وتعطيل مصالح الناس, وأزمات في المرور, والاضرار بالممتلكات العامة والخاصة, فهذه الأفعال تمثل جرائم يعاقب عليها القانون. القانون وحقوق الإنسان لا تعارض مطلقا بين القانون وحقوق الإنسان, هكذا قال لنا المحامي والناشط الحقوقي المعروف نجاد البرعي, مؤكدا أن تلك الحقوق ليست مطلقة, وإنما هي محكومة بقواعد محددة ومقررة قانونا, كما أن القانون يحمل في مواده أدوات تطبيقه, ففي شأن حق التظاهر والاعتصام وهو مكفول قانونا- في إطار التعبير السلمي عن الرأي, وليس بقطع الطرق, وإيذاء المواطنين, وتهديدهم, وتعريض حياتهم للخطر, فإذا حدث ذلك يكون الاعتصام أو التظاهر قد تحول إلي خروج علي القانون يجب التعامل معه بكل حسم, ووفقا للقانون أيضا.. وحين تخرج الاعتصامات أو المظاهرات عن السلمية, إلي حد الإضرار بحقوق الآخرين, من خلال قطع الطرق أو غيرها من الممارسات المرفوضة قانونا, فإنه والكلام ما زال ل نجاد البرعي- لا بديل عن تطبيق القانون, وفي حالة اعتصام رابعة العدوية, فإن هناك إجراءات عديدة يمكن اتباعها لفض الاعتصام, دون إساءة استخدام للسلطة التي اعتدنا عليها في مصر منذ عشرات السنين.