تجمع الثوار في ميادين مصر المختلفة يوم30 يونية2013 م يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة وكان واضحا لكل من يعرف ألف باء في السياسة أن جميع مؤسسات الدولة الفاعلة لا تقف مع د. مرسي ولا تسانده فهي لم تتفاعل معه ولم يتفاعل معها ولم يقدم كل منهما ما يغري كل طرف بالاقتراب من الآخر أو الاقتناع به. ويمكنني كمراقب للأحداث أن أزعم أن حربا باردة كانت بينه وبينهم.. فقد كان يسعي بكل جهده لتغيير قادتها وولائها وطريقتها في العمل وهي كانت تسعي بكل جهدها أن تفصله عن الجماعة وتقنعه بالعمل مع مؤسسات الدولة لأنها الأقوي والأجدر بإدارة الدولة. ولكن الرئيس مرسي كان يري أن الجماعة أبقي له وأخلص ولها دين في رقبته فهي التي جاءت به إلي سدة الحكم ويمكن أن ترشحه لفترة ثانية. المهم وصل الطرفان إلي يوم30 يونية وكان أمام د. مرسي أن يتنازل عن الرئاسة أو يقبل بانتخابات رئاسية مبكرة أو يصر علي موقفه ويستمر في الرئاسة.. ضاربا بكل ملايين الميادين ومؤسسات الدولة عرض الحائط مستندا إلي قوة الإسلاميين في الشارع المصري. لقد كان أمامه خياران لا ثالث لهما: الأول: خيار سيدنا عثمان رضي الله عنه: فقد رفض سيدنا عثمان التنازل عن الخلافة حتي بعد أن حاصر الثوار بيته واقتحموه وقال لهم الن أخلع رداء ألبسنيه الله سبحانه وتعالي ويعني بذلك الخلافة. وكأن د. مرسي يقول هنا لن أترك سلطة أو منصبا اختارني الشعب له. ود. مرسي هنا ليس خليفة ولا هو مثل عثمان.. ولكن ما حدث معه قريب مما حدث مع سيدنا عثمان وهو اختار نفس الاختيار.. والفرق بينهما أنه حددت إقامته.. أما سيدنا عثمان فقتل ولكن ما فات علي د. مرسي هنا أن هذا الاختيار تسبب في قتل أكثر الخلفاء رقة وحياء وخلقا مما تسبب في حرب ضروس بين المسلمين من أتباع علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما سنوات طويلة كانت نتيجتها مقتل80 ألفا.. إذن هذا الخيار ساعد علي مقتل عشرات الصحابة والتابعين وظهور فرقة الخوارج التي كفرت المسلمين وإنهاء الخلافة الراشدة. خيار الحسن بن علي, وهو الخيار الذي رفضه د. مرسي ولو كنت مكانه لقبلته علي الفور.. فالحسن بن علي آلت إليه الخلافة بعد أبيه رضي الله عنهما فأدرك أن الحرب مع معاوية لا جدوي منها وإراقة دماء المسلمين أعظم من كل كراسي الدنيا كلها.. وإن الفاضل قد يتنازل للمفضول.. ولصاحب الحق أن يتنازل عنه حقنا للدماء أو رأبا للصدع ومنعا للحرب الأهلية.. فقد نص الفقهاء علي أن إراقة الدماء هي المفسدة العظمي بعد الشرك بالله.. وقد يكون الحسن صاحب الحق قد رأي أن معاوية أنسب لهذه المرحلة رغم أنه من الطلقاء الذين أسلموا بعد فتح مكة.. فتنازل عن الخلافة وصدق فيه قول النبي( صلي الله عليه وسلم) زإن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين.. فسمي هذا العام بعام الوحدة.. وكان الحسن يرد علي القائلين له: زيا مذل المؤمنين بقوله: لست بمذل المؤمنين ولكن جماجم العرب كانت بيدي فكرهت أن أقتلكم علي الملك. إن رسالة الإسلام كلها مبنية علي قاعدة قبول أعلي المصلحتين بترك أدناهما ودرء أعلي المفسدتين مع قبول المفسدة الصغري إن لم يكن تركهما سويا.. فقبول المفسدة الصغري بتفويت الكبري هو من صميم عمل الفقيه وهو أصل الإسلام والسياسة الشرعية أيضا. ولو أن د. مرسي استصحب هذا الأصل وقلد موقف الحسن بن علي وقال للناس أيها الشعب أنتم اخترتموني ولكني أتبع حبيبي وأستاذي الحسن بن علي وأتنازل عن الحكم وأقر بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لن أدخلها حتي تتاح لغيري من كفاءات مصر من الإسلاميين وغيرهم.. وسأضحي بكرسي السلطة حقنا لدمائكم وحتي لا أصنع جاها كاذبا فوق جماجمكم وآهاتكم وآلامكم ويتم أطفالكم وترمل نسائكم محتسبا ذلك عند الله.. وواثقا أن الله سيبدلني خيرا مما أعطيت. أظنه لو فعل ذلك لكان نموذجا حيا حديثا للحسن بن علي ولنال نفس السيادة التي نالها وكفي الجميع مؤنة تلك الحرب الأهلية التي تحدث الآن. لمزيد من مقالات د. ناجح ابراهيم