لاشك أن الاجتهاد في العبادة مطلوب في كل الأوقات, لكن يتأكد هذا الأمر في شهر رمضان لأنه مفضل عن سائر الشهور. ويقول الدكتور حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة والقانون السابق قائلا: المقصود بالاجتهاد بالعبادة في رمضان الزيادة في مقدارها والنشاط في أدائها والمداومة عليها. وشهر رمضان شهر فاضل, تعم فيه البركات والرحمات علي العباد, ويجب علي الصائم أن يجتهد في هذا الشهر ويعمل علي مضاعفة عبادته ويملأ نهاره بالعمل في مهنته ويتقن هذا العمل ويجوده حسبة لله سبحانه وتعالي-. فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) رواه الطبراني وصححه الألباني. وعندما يجد فراغا يملؤه بقراءة القرآن أو التنفل بالصلاة والذكر ومدارسة المعلومات الدينية, وفي المساء يحيي ليله بأداء التراويح بعد العشاء ويجعل لنفسه قدرا من القرآن يقرؤه يوميا وفق ظروفه, ومن المعروف أن الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان سنة للمسلم يقتدي فيها برسول الله صلي الله عليه وسلم فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره, أخرجه مسلم, ومعني ذلك أن الاجتهاد في العبادة والاشتغال بها وملء الوقت بالعبادات وإحياء الليل بالسهر في الصلاة وسائر العبادات واعتزال النساء في العشر الأواخر سنة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم, ولكن هذا لا ينفي الاجتهاد في العبادة في جميع شهر رمضان. وتقول الدكتورة سعاد محمود عبدالقادر حسين مدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر, الاجتهاد شئ مطلوب في رمضان, فإن لم تجتهد الأمة الإسلامية في شهر رمضان فمتي تجتهد؟! وقد تفضل الله تعالي علي عباده بتفضيله لبعض الأيام, وجعلها من مواسم الخيرات والبركات, وإن من أعظم هذه المواسم شهر رمضان, ففيه يمنن الله تعالي علي عباده, كما ورد في الأحاديث الصحيحة, بفتح أبواب الرحمة والمغفرة, وفتح أبواب السماء, وفتح أبواب الجنة, وغلق أبواب النار, وسلسلة الشياطين, ومضاعفة الحسنات, ومحو السيئات, وشهر المسارعة والمسابقة إلي الخيرات, والإكثار منها محمود ومطلوب في كل وقت من حياة الإنسان, فهي أشد طلبا وأكثر ثوابا وأعظم أجرا في شهر رمضان, وذلك حتي نكون أهلا لفضل الله وعطاياه ومنحه وجوائزه لعباده في هذا الشهر الكريم, ومن أعظم الخيرات التي يستحب الإكثار منها بعد الصيام: قيام رمضان بصلاة التراويح, وغيرها من أنواع الذكر, ففي الحديث الصحيح: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وفي رواية ثانية: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة, فكما قال ابن القيم: كان من هدي النبي صلي الله عليه وسلم في رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان رواه البخاري. وتقول الدكتور سهير محمد طلب أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر, إن الاجتهاد في رمضان يلزمه حفظ اللسان عن الآثام, وأن الصمت فيه فضيلة, نحن في خلال الشهر الكريم نجتهد ونتعلم حتي نستمر علي ما تعلمناه من الخير, ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الصمت وحفظ اللسان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا, وببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي, إذن الصمت وحفظ اللسان مطلبان أساسيان في الشريعة الإسلامية لأن الصمت هو الإمساك عن قول الباطل دون الحق, وحفظ اللسان أن يصون المرء لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور وغير ذلك مما نهي عنه الشارع وها هو رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إنه زعيم ببيت في ربض الجنة, وربض الجنة ما حول الجنة خارجها عنها تشبيها بالأبنية وهو ما يعرف الآن( بالضواحي) أي أن الرسول الكريم يبشر من يحسن خلقه ويمسك لسانه عن الشر والكذب والغيبة والنميمة وغيرها من أمراض القلوب ببيت في ضواحي الجنة.