متفائل كل من كان يتخيل ان تركيا كان من الممكن ان ترحب بالتطورات التى حدثت على الساحة السياسية فى مصر , فالموقف التركى الرافض لحركة الجيش المصرى و الذى اعتبر ان ما حدث هو انقلاب عسكرى على الشرعية , هو موقف يتسق تماما مع وجدان السيد اردوجان , فالنظام التركى المتمثل فى حزب التنمية و العدالة و الذى يمثله السيد رجب طيب اردوجان رئيس الوزراء التركى يعتبر نفسه هو النظام الاسلامى الوحيد الناجح سياسيا فى المنطقة فهو نظام دينى استطاع ان يحتوى الرؤية العلمانية و استطاع بالفعل ان يحقق قفزة اقتصادية و اجتماعية كبرى فى تركيا , لذلك كان من المهم بالنسبة لهذا النظام ان تنجح كل الانظمة الاسلامية فى الشرق الاوسط و خاصة فى مصر و تونس و السودان و غيرها من دول الشرق حتى تكون له الريادة فى تاسيس و استعادة ما يشبه مشروع الخلافة الاسلامية .
لقد ارادت تركيا بعد ان وضعت احدى قدميها فى الاتحاد الاوروبى , ان تضع الاخرى فى الشرق الاوسط و ذلك من خلال الخطوات الجدية التى خطتها تركيا للانفتاح على العالم العربي وإزالة الحواجز الكائنة بينها وبين الشعوب الإسلامية مثل ما هو مطبق فى الدول الأوربية، وذلك بإلغاء تأشيرات الدخول بين تركيا وسوريا ثم تركيا واليمن،وصرف الكثير من المساعي لإلغاء تأشيرات الدخول بين تركيا ومصر وبين تركيا والسعودية , هذا بالاضافة الى الموقف البطولى الذى لعبه السيد اردوجان اثناء الاعتداء الجنونى من جانب اسرائيل على غزة حيث اعترض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على الرئيس الإسرائيلي فى مؤتمر دافوس الاقتصادي، ثم ما حدث بعد ذلك من اعتداء سافر على سفينة المساعدات التركية المتوجهة إلى فلسطين لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة , كل هذا كان للاسف يصاحبه غياب تام للسياسة الخارجية المصرية .
يضاف الى ذلك محاولة تركيا استخدام قوتها الناعمة و المتمثلة فى الدراما التركية فى التوغل الى المجتمعات العربية و خاصة المصرية من خلال عرض مجموعة من المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية , و هى محاولة فاشلة و مفضوحة لضرب الدراما المصرية و التى تمثل جزء ليس بيسير من قوة مصر الناعمة , و لكن هيهات ان تصمد قوة ( مهند )امام قوة ( سليم باشا البدرى ) و العجيب فى الامر ان الدراما التركية بها مساحة كبيرة من العرى و الجنس لا تسمح بها الدراما المصرية على الرغم من الحزب الحاكم فى تركيا حزب اسلامى , و لكن كل شىء يهون فى سبيل مشروع الخلافة .
من الطبيعى ان تحزن تركيا , فشعب مصر الاصيل و جيشها العظيم احبطا مؤامرة (الباشا الوالى ) فمصر لن تعود الى حظيرة الخلافة العثمانية لمزيد من مقالات وسام أبوالعطا