تنطلق المصالحة الوطنية بين المجلس العسكري وثوار الميدان من حقائق مهمة وأساسية تجعل هذه المصالحة ضرورة حتمية للطرفين, ضرورة للمجلس العسكري الذي يزاوله احساس ثقيل بأنه لقي جزاء سنمار من بعض فئات الشباب, وتعرض لإهانات لم يكن هناك ما يبررها, وجري اتهامه بأنه يريد احتكار السلطة, ويسعي لتصفية الثورة دون مسوغات صحيحة تبرر هذه الاتهامات, وضرورية لشباب الثورة الذين لا يزالون يعتقدون أن المجلس العسكري انحاز لطرف من الثوار دون الآخر, وانه لا يتحمس لأهداف الثورة أو استمرارها ؟!, أسرف في استخدام القوة, وتسبب في مصرع عشرات الشهداء في ميدان التحرير وماسبيرو ومحمد محمود.., وأظن أن هذه المصالحة ضرورية لأمن مصر واستقرارها, لأنه ليس في صالح مصر أن يترسب في اعتقاد القوات المسلحة, أن هناك فئة من الشباب المصري تعادي القوات المسلحة التي تمثل فخار الوطن وذخره الاستراتيجي, أو يترسب في اعتقاد شباب مصر مشاعر سلبية تجاه القوات المسلحة, لان المجلس العسكري اضطر إلي بعض الإجراءات والممارسات حفاظا علي بقاء الدولة ضد مؤامرة واسعة يعترف الجميع بخطورتها! وما من شك أن الظروف العصيبة للمرحلة الانتقالية والتغييرات العديدة التي طرأت علي ميدان التحرير, والفوضي الواسعة التي نتجت عن تضارب أهداف المتظاهرين والمعتصمين, والانقسامات العديدة التي حدثت في صفوف شباب الثورة, والضجر المتزايد لجموع المصريين من وقف الحال وتعطيل الأعمال بسبب غياب ضوابط الاعتصام والتظاهر دون حساب لمصالح العباد!, كل ذلك أدي إلي تفاقم الخلاف بين الجانبين.., وأظن أن قوي سياسية أخري كانت تري صالحها في استمرار هذا الخلاف وتوسيعه أخذت منه موقف المتفرج! ويزيد من صعوبة الموقف إحساس ثوار الميدان أنهم خرجوا من المولد بلا حمص, وان البرلمان القادم لا يعكس الآمال التي خرجوا من اجلها يوم25 يناير, وربما تذهب شكوكهم إلي حد الاعتقاد بأن الجميع تواطأ ضدهم. ولان عديد من هذه الفئات لا يزال يصر علي حقه في تصحيح مسار الثورة, يصبح أول أهداف هذه المصالحة استثمارا قويا الشباب كي يكونوا جزءا من مشروع نهضة مصر, لا يحسون الغربة عن وطنهم ولا يعادون الدولة, ولان الأخطاء متبادلة بين شباب الميدان والمجلس الأعلي فربما تكون نقطة البدء الصحيح اعتذارا متبادلا يضع الطرفين علي أرضية جديدة, والتزام جاد من المجلس الأعلي بمحاكمة الذين تسببوا في أحداث ماسبيرو و محمد محمود, وإعادة الاعتبار للمرأة المصرية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني للمرأة, ودفع الشباب للانغماس في مشروع عملي للخدمة الوطنية يربط شباب الثورة بعمق الشارع المصري في الريف والحضر, يؤهلهم لتشكيل قوة سياسية فاعلة تساعد علي إعادة التوازن لمسرح العمل السياسي في مصر, كيف ذلك, تلك قصة أخري!. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد