منذ بدء الحياة البرلمانية رسميا في عام1963, والكويت تشهد تجاذبات سياسية عديدة تعد انعكاسا لحالة الثراء الفكري والاجتماعي التي تتميز بها, كان محصلتها النهائية هذا العام حل مجلس النواب للمرة الثانية خلال عام واحد, والسادسة خلال الأعوام الخمس الأخيرة, لكن مهما بلغ سقف تلك التجاذبات فإن القانون يحسمها دائما ليعيد الجميع حكومة ومعارضة إلي المسار الديمقراطي الذي عهدته البلاد منذ ما يزيد علي الخمسين عاما. وكان قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الأمة وتحصين المرسوم الأميري باتباع نظام الصوت الواحد بمثابة تعزيز لسلطات الشعب, وإعطاء فرصة لأكبر شريحة ممكنة للمشاركة في الانتخابات المقرر لها السابع والعشرين من يوليو الجاري, بعد مقاطعة الانتخابات السابقة من جانب بعض تيارات المعارضة التقليدية. تمثيل المرأة الانتخابات التي شهدت إقبالا كبيرا في عملية التقدم للترشح الذي وصل عددهم إلي418 مرشحا من بينهم سبع مرشحات لاختيار50 منهم كممثلين للشعب بمجلس الأمة, شهدت إقبالا أقل للمرأة ربما يعود إلي عزوف المرأة الكويتية عن الترشح في انتخابات مجلس الأمة خلال السنوات الأخيرة بالرغم من نجاح4 سيدات في الوصول لعضوية البرلمان في انتخابات2009 قبل أن يقتصر حضورهن في المجالس اللاحقة علي نائبة أو اثنتين من أصل50 عضوا, هم اجمالي عدد أعضاء البرلمان الكويتي وهو ما جعل البعض يردد مقولة أن المرأة الكويتية ربحت حق التصويت وخسرت حق التمثيل, وهو ما يرجعه البعض إلي الأداء الضعيف الذي اتسمت به المرأة النائبة والتي يتراوح تمثيلها بين2 الي8% من اجمالي النواب وان كانت تبدو نسبة معقولة مقارنة بتمثيلها في البرلمانات العربية القائمة. ويتوقع المراقبون أن تكون المشاركة في انتخابات يوليو الجاري هي الأوسع من نوعها في تاريخ الكويت, خصوصا وأن تحصين مرسوم الصوت الواحد يعد سببا كافيا لانتفاء حجج المعارضة في المقاطعة التي قدمتها في الانتخابات السابقة بحجة عدم دستورية هذا المرسوم الذي ابطل اسلوب التصويت القديم الذي كان يسمح للناخب بالادلاء بصوته في كل دائرة من الدوائر الانتخابية الخمسة في الكويت ما كان يتيح تكوين تحالفات بين المرشحين تصيب الحياة السياسية بالتشوه. يأتي ذلك فيما دعت قبائل عدة إلي عقد اجتماعات تضم كل أفرادها للتشاور حول دخول الانتخابات الجديدة, وسط تخوفات من أن يؤدي إجراء الانتخابات في منتصف شهر رمضان الأكثر حرارة بالبلاد وهو أيضا موسم الإجازات التي يقضيها معظم الكويتيين بالخارج الي التأثير السلبي علي نسبة الإقبال من الناخبين الذين يقدر عددهم بحسب كشوف العام الماضي,400.296 ناخبا وناخبة, منهم184.996 من الذكور, و215.300 من الإناث الا ان ذلك اصبح مستبعدا وفقا للتقارير الاعلامية التي افادت ان الكويتيين قرروا تأجيل اجازاتهم الي ما بعد الانتخابات. الكتل الانتخابية وفيما يخص الكتل الانتخابية المتوقع خوضها الانتخابات حيث لا يسمح للاحزاب بالعمل في الكويت نظرا لطبيعة التكوين السياسي والاجتماعي للسكان فهناك الحركة الدستورية الإسلامية, وهي منبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين, وتقوم استراتيجيتها علي الدفع بمرشحين منتمين لها كما تدعم مرشحين آخرين تابعين للقبائل. يليها التجمع السلفي الإسلامي, وهو مرتبط بجمعية إحياء التراث, ثم التحالف الوطني الإسلامي وهو تجمع شيعي شارك في انتخابات2012, ودفع باثنين من المرشحين في الانتخابات من أصل3 مرشحين من الشيعة, حيث قام تحالف العدالة والسلام الشيعي بالدفع بمرشح وحيد, بينما تأتي الكتلة الأكبر وهي كتلة العمل الشعبي التي تضم نوابا سابقين, ويناصرها المنبر الديمقراطي الليبرالي المدافع عن حقوق المرأة والدولة المدنية. البرامج والآليات أما عن البرامج الانتخابية فقد تركزت غالبيتها حول القضايا الداخلية والتي تتعلق برفع عدد أعضاء المجلس في الدورات القادمة, والدعوة للتحول إلي الملكية الدستورية, وإرساء مبدأ تعدد الأحزاب, وتفعيل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. أما الجانب الاقتصادي فهو حاضر بقوة في برامج المرشحين التي تضمنت زيادة الرواتب والحد من ارتفاع الأسعار ودعم الرعاية الصحية وقضايا الاسكان والقروض وحل أزمة البطالة ومحاربة الفساد الإداري وتطوير البني التحتية وتشغيل العمالة الوطنية وغيرها من القضايا الاقتصادية. وفيما يخص الاستعدادات للانتخابات, فقد اتخذت الحكومة الكويتية جملة من الإجراءات والخطوات والقوانين الإصلاحية لإنجاح مسار العملية الانتخابية, حيث تم انشاء مفوضية مستقلة للانتخابات تتولي الاعداد والتنفيذ والاشراف علي العملية الانتخابية, كما تم أنشاء اللجنة الوطنية المستقلة التي تضم اصحاب الخبرة في المجالات المرتبطة بالانتخابات بما فيها إدارتها أو تمويلها أو دعايتها أو استطلاع الرأي بشأنها, بهدف مكافحة المال السياسي, إضافة إلي تفعيل مراقبة الصحف ووسائل الإعلام للحملات الانتخابية, كما تحرص وزارة الإعلام علي دعوة مؤسسات الإعلام العربية والدولية لتغطية وقائع الاقتراع, وتسمح أيضا لمنظمات المجتمع المدني بمتابعة العملية الانتخابية بحرية تامة, وهي إجراءات أثبتت فعاليتها في الكويت التي تعرف انتخاباتها بالنزاهة والشفافية الكاملة, ولم تسجل حالة تزوير واحدة فيها علي مدار50 عاما.