في تصريحات خاصة ل الأهرام, أكد الدكتور أحمد جلال وزير المالية, أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد مراجعة للسياسات المالية. وذلك للتأكد من أنها تحقق الأهداف المرجوة في نظرة جديدة تتسق مع فكرة تنشيط الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية. أكد جلال أن السياسية المالية الجديدة, تستهدف تحقيق توازن بين أكثر من عنصر تشمل تقليل عجز الموازنة, وبما لا يتعارض مع تنشيط الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكشف جلال عن قناعته بأن الاقتصاد المصري قوي وقادر علي عمل قفزة خلال فترة محدودة, إلا أن ما تحتاجه مصر حاليا هو التوافق السياسي والاقتناع بأن مصر لكل المصريين, بالإضافة الي الاستفادة من خبرات الدول الأخري. وأكد وزير المالية, أن لدي مصر قطاع خاصا كبيرا ومتنوعا, وستعمل الحكومة علي تشجيعه كذلك, فلدي مصر سوق محلية كبيرة, وقدرة علي النفاذ للأسواق الكبيرة الأخري مثل السوق الأوروبية من خلال الاتفاقية معها. وكشف جلال عن أن إمكانات الاقتصاد المصري أن ينمو بنحو5.4% في المتوسط, وذلك بشكل طبيعي ودون جهد كبير, وأضاف أن تنفيذ برنامج لجذب رأس المال وتشجيع الادخار المحلي, وتشجيع التعليم وتطويره كفيل بزيادة معدلات النمو ل7.5%, وأكد أن مصر لديها إمكانات للنمو بشكل كبير ومستدام.. وأشار الي جهود الحكومة خلال المرحلة المقبلة في تحسين مناخ الاستثمار, وايجاد فرص عمل مع تحقيق توافق سياسي في المقام الأول. في سياق متصل, طالب الخبراء والمراقبون الحكومة الجديدة بمراجعة التعديلات الضريبية الأخيرة, ووضع ذلك كأولوية أمامها, وذلك في ضوء التأثيرات الضارة لتلك التعديلات والتي أعدتها الحكومة الإخوانية وأقرها مجلس الشوري الإخواني, سواء علي العدالة الاجتماعية أو الاستثمار, أو الاقتصاد بصورة عامة. يقول الدكتور عبدالمنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية, لقد لجأت الحكومة السابقة الي إقرار قوانين الضرائب في مايو2013 في ضوء تزايد عجز الموارد في الدولة بسبب انخفاض إيرادات السياحة, وإغلاق ما يزيد علي4 آلاف مصنع, وقد أدت تلك الضرائب الي احتقان المجتمع الضريبي وكذلك الشارع المصري, لعدم قدرة المواطن علي استيعاب الزيادة المحتملة في بعض الأسعار, ويمكن التأكيد هنا أنه لا توجد سياسة ضريبية محددة المعالم تنتهجها وزارة المالية ومصلحة الضرائب وينتج عنها إعادة دوران عملية النشاط الاقتصادي, وتحقيق العدالة الاجتماعية, فالتشريعات الضريبية الأخيرة لم تحقق أحد شعارات الثورة المصرية وهي العدالة الاجتماعية, علاوة علي عدم تحقيقها لجذب الاستثمار, كذلك جاءت في إطار عدم تفعيل تشكيل المجلس الأعلي للضرائب المنصوص عليه في قانون الضرائب91 لسنة2005, ليمارس اختصاصاته في إقرار وثيقة حقوق دافعي الضرائب لتقوم بمراجعة تلك التشريعات. وبمراجعة ما تم منذ ثورة25 يناير2011 وحتي الآن, نجد أنه لم يكن يحمل أي نوع من سياسات ضريبية ولكن مجرد تعديلات ضريبية, بقصد زيادة تحصيل الإيرادات الضريبية فقط, وان كانت شكلية وليست ايرادات حقيقية, لان ما حدث هو التعجيل بتحصيل الضرائب مبكرا للإيهام بأن عجز الموازنة يتم تغطيته وتقليص فجوته للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي, ففيما يتعلق بالاعفاءات والشرائح الضريبية نجد أنها لا تحقق أي نوع من أنوع العدالة الضريبية التي يسعي إليها المجتمع, فعندما يكون الاعفاء الضريبي للممول في حدود12 ألف جنيه فقط, أي أقل من الحد الأدني الذي ينادي به وهو1200 جنيه شهريا, والآن1500 جنيه شهريا, كما أن الاعفاء الضريبي للممول في القانون رقم91 لسنة2005 كان يبلغ9 آلاف جنيه وباحتساب التضخم السنوي يوازي حاليا في حدود20 ألف جنيه, ولذلك يجب أن يكون الاعفاء الضريبي السنوي للممول في حدود من18 أو20 ألف جنيه سنويا. كذلك الأمر بالنسبة للشرائح الضريبية فهي لا تحقق أي نوع من أنواع العدالة, فالشريحة الأولي حتي5 آلاف جنيه معفاة من الضريبة والشريحة الثانية من خمسة آلاف الي30 ألف جنيه10% ضريبة, والشريحة الثالثة من30 ألفا الي45 ألف جنيه15%, والشريحة الرابعة من45 ألف جنيه إلي250 ألف جنيه20%, والشريحة الخامسة أكثر من250 ألفا25%, فأعلي شريحة ضريبية هي25% لصافي الأرباح أكثر من250 ألف جنيه, في حين أن هذه الشرائح يجب تعديلها بما يحقق العدالة الاجتماعية لتصل الي35% علي صافي الأرباح التي تتجاوز5 ملايين جنيه, فالضرائب في معظم دول العالم تتجاوز ال30% وفي الصين35% وفي السويد42% وفي انجلترا36%.. ومن ثم يكون المطلوب هو إعادة هيكلة شرائح الضرائب لكي تكون الضرائب أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية وجاذبة للاستثمار, وتعظيم الخدمات للمواطنين, وذلك بزيادة الاعفاء الضريبي ليكون في حدود18 ألف جنيه علي الأقل(1500 جنيه شهريا يمثل الحد الأدني للأجور).. واتساع شرائح الضرائب بحيث تسمح بتحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة, واخضاع الأرباح التي تزيد علي5 ملايين جنيه لشريحة35%.. كذلك مثلت التعديلات الضريبية ضربة للمشروعات الصغيرة الجديدة الممولة من الصندوق الاجتماعي, حيث أخضعتها بحد أقصي50% من الربح السنوي وبما لا يجاوز خمسين ألف جنيه بشرط إمساك دفاتر وحسابات منتظمة والا تخضع كل الأرباح للضرائب, وهذا التعديل الذي جاء في المادة رقم13 البند السادس غير منطقي ولا يهدف لتحقيق تنمية حقيقية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة برغم أنها عماد الاقتصاد والتنمية في الكثير من الدول ومنها الهند وتركيا والبرازيل, فاشتراط أن تمسك دفاتر وحسابات منتظمة لاخضاع50% من الأرباح للضريبة وإلا سيتم اخضاع كامل الأرباح للضريبة سيؤدي فعليا لاخضاع كامل الأرباح للضريبة, حيث ان معظم المشروعات الصغيرة لا تمسك دفاتر وحسابات منتظمة وتقوم علي الحسابات الشخصية التي يمسكها أصحاب المشروع بذاتهم. ويقول عبدالمنعم السيد, ان هناك آليات عديدة لزيادة موارد الدولة مع تحقيق العدالة الاجتماعية, منها دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي, فالأول يبلغ حجمه نحو تريليون جنيه سنويا, وليس من العدل أن تتم زيادة الشرائح الضريبية للاقتصاد الرسمي في حين لا يتم اخضاع الاقتصاد غير الرسمي للمنظومة الضريبية, حيث يمكن أن يحقق للدولة أكثر من100 مليار جنيه سنويا حصيلة للدولة, كذلك يمكن البدء في تنفيذ قانون الضرائب العقارية بعد القيام بتعديل يسمح بإعفاء الوحدة السكنية الأولي للمواطن, حيث ان تفعيل هذه الضريبة لن تمس محدودي الدخل وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقق2 مليارات جنيه ايرادات.