صدقة التطوع هي التعبد لله بإنفاق مال, أو عمل غير واجب فيما يحبه الله,وقد دعا الإسلام إلي البذل وحض عليه; رحمة بالضعفاء, ومواساة للفقراء, إلي جانب ما فيه من كسب الأجر ومضاعفته, وتطهير النفوس من آفة البخل والشح, والتخلق بأخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من البذل, والإحسان, والعطاء ونحو ذلك مما يجلب المحبة والمودة. وأكد علماء الدين ان الصلوات منها الواجب, والتطوع, والصدقات منها الواجب, والتطوع, والتطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة, وباب مفتوح لكسب الأجر وزيادة الحسنات, وطالبوا بالاكثار منها في الشهر الكريم, باعتبارها تطهيرا من الذنوب وتفريجا للكروب. ويقول الدكتور أحمد عيسي المعصراوي استاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر إن صدقة التطوع مستحبة في كل وقت, وفي كل مكان, وفي كل حال, قال الله تعالي الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون, وصدقة التطوع تتأكد في زمان وأحوال, فالزمان: كرمضان, والعشر الأول من ذي الحجة, وهي أفضل, وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل, وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن, فلرسول الله صلي الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة, وأوقات الحاجة أفضل, دائمة كفصل الشتاء, أو طارئة كأن تحدث كارثة, أو مجاعة, أو مصيبة, أو جدب ونحو ذلك. فضل الصدقة واشار الي ان فضائل صدقة التطوع كثيرة, قال الله تعالي مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم وقال الله تعالي: وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب, ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه, ثم يربيها لصاحبه, كما يربي أحدكم فلوه, حتي تكون مثل الجبل, وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:ما من يوم يصبح العباد فيه, إلا ملكان ينزلان, فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا, ويقول الآخر اللهم: أعط ممسكا تلفا. أنواع الصدقة وعن أنواع الصدقات, يقول الدكتور عبدالغفار هلال الاستاذ بجامعة الازهر إن الصدقة أنواع كثيرة, فكل معروف وإحسان صدقة,عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:كل سلامي من الناس عليه صدقة, كل يوم تطلع فيه الشمس, يعدل بين الاثنين صدقة, ويعين الرجل علي دابته فيحمل عليها, أو يرفع عليها متاعه صدقة, والكلمة الطيبة صدقة, وكل خطوة يخطوها إلي الصلاة صدقة, ويميط الأذي عن الطريق صدقة, وعن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور, يصلون كما نصلي, ويصومون كما نصوم, ويتصدقون بفضول أموالهم, قال:أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة, وكل تكبيرة صدقة, وكل تحميدة صدقة, وكل تهليلة صدقة, وأمر بالمعروف صدقة, ونهي, عن منكر صدقة, وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر, قال:أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر. وقال في حديث آخر علي كل مسلم صدقة قالوا: فإن لم يجد؟ قال:فيعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال:فيعين ذا الحاجة الملهوف. قالوا: فإن لم يفعل؟ قال:فيأمر بالخير, أو قال: بالمعروف. قال: فإن لم يفعل؟ قال:فيمسك عن الشر فإنه له صدقة, وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: كل معروف صدقة, موضحا ان الصدقة تتعدي منفعتها الي جميع الكائنات وليس الانسان فقط, وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا, فيأكل منه طير, أو إنسان, أو بهيمة, إلا كان له به صدقة. واشار الي ان ثواب الصدقة يتعلق بالمتصدق, والمتصدق عليه, وبالمال المتصدق به, عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:خير الصدقة ما كان عن ظهر غني, وابدأ بمن تعول, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح, تخشي الفقر وتأمل الغني, ولا تمهل حتي إذا بلغت الحلقوم, قلت: لفلان كذا, ولفلان كذا, وقد كان لفلان. درجات الانفاق واكد الدكتور عبدالغفار هلال ان الإنفاق من المال علي ثلاث درجات: الزكاة المفروضة, وهي أعظم الحقوق, وإذا نزل بالناس نازلة من مجاعة أو كارثة وجب صرف المال إليها, والصدقات والهدايا, وهي حقوق مستحبة, وهي من مكارم الأخلاق من مواساة قرابة.. وإعطاء سائل.. وصلة أرحام.. وإعارة محتاج ونحو ذلك من مكارم الأخلاق, قال الله تعالي ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون, وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:من كان معه فضل ظهر فليعد به علي من لا ظهر له, ومن كان له فضل من زاد فليعد به علي من لا زاد له. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. وأوضح ان أفضل أحوال الصدقة, تكون في رمضان وعشر ذي الحجة أفضل من غيرهما; لشرف الزمان, والصدقة في الجهاد وحالات الشدة والحاجة أفضل من غيرهما; لأهمية الحال, إذا تعارض شرف الزمان, وشرف المكان, وشرف الحال, فإنه يقدم شرف الحال لأن الصدقة عبادة شرعت لدفع الحاجة, وإذا كان الفضل يتعلق بذات العبادة كانت مراعاته أولي من الفضل الذي يتعلق بزمانها أو مكانها, ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين, موضحا ان أولي الناس بالصدقة أهل المتصدق, وأولاده, وأقاربه, وجيرانه, وذو الحاجة الماسة.