انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    وزير المالية: بدأنا مرحلة تصحيحية لمسار الاقتصاد المصري لتجاوز التحديات    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    بروتوكول تعاون بين جامعة الفيوم والاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية    قاضٍ مصرِي يَكشف تواريخ وأسباب تحطم طائِرات رؤساء الدول منذ عام 1936    أخبار الأهلي: الأهلي يكشف تفاصيل جراحة علي معلول    ضبط مكرونة وسجائر مجهولة المصدر في حملة تموينية بشرق الإسكندرية    تفاصيل عيد الأضحى 2024 ومناسك الحج: الموعد والإجازات    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    تطورات حالة والد مصطفى قمر الصحية بعد إجرائه جراحة    بعد طائرة الرئيس الإيراني.. هل تحققت جميع تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؟‬    إيرادات "السرب" تتخطى 30 مليون جنيه في شباك التذاكر    6 نصائح لمواجهة الطقس الحار.. تعرف عليها    الوفد الروسي بجامعة أسيوط يزور معهد جنوب مصر للأورام لدعم أطفال السرطان    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    "النواب" يوافق على منحة لقومي حقوق الإنسان ب 1.2 مليون جنيه    الحياة على كوكب المريخ، ندوة علمية في مكتبة المستقبل غدا    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    مسرح التجوال يقدم عرض «السمسمية» في العريش والوادي الجديد    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلي أين وصل ربيع تونس ؟
نشر في القاهرة يوم 26 - 06 - 2012

علي غرار الإخوان في مصر .. حزب النهضة التونسي يسعي للهيمنة علي الإدارة والإعلام والقضاء استعدادا لانتخابات 2013 راشد الغنوشي ُيرجع أحداث العنف ( للطرف الثالث ) ويسعي لاحتواء السلفيين ( كذخيرة انتخابية ) وحليف إسلامي في مواجهة العلمانيين واليساريين قائد أركان الجيش التونسي يرفض مظاهرة مشتركة للنهضة والسلفيين ويوجه إنذارا عاما : لقد انتهت فسحة الإضرابات والاعتصامات بعد أن بدأ الربيع العربي من تونس / هل تبدأ مهمة الغنوشي في بناء ( المشروع الإسلامي العربي ) المعتدل برعاية عربية وغربية ؟ في تونس ، منصة انطلاق ثورات " الربيع العربي "، وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام علي إطلاق شرارة " ثورة الياسمين "، لا تبدو تباشير الصباح الديمقراطي ماثلة بعد ، حيث تسود الأوساط السياسية والإعلامية حالة من " السخط " علي حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، بعد ما أمعن رئيسها راشد الغنوشي في تبرئة السلفيين من أعمال العنف التي تعصف بتونس بطريقة ممنهجة ، بما بدا معه أنها تستهدف أساسا " أسس الدولة المدنية في تونس ". ويبدو أنه في خضم الأحداث التي تمر بها البلاد ، وتبين موقف حزب " النهضة " من ممارسات العنف من جانب الفريق الإسلامي السلفي ، والذي راح ضحيته قتلي وجرحي علي مدي عدة أيام ، فقد استنتجت الأوساط التونسية السياسية والثقافية والإعلامية أن حزب " النهضة " بات يستخدم " لغة مزدوجة " ونوعين من الخطاب السياسي وهو يباشر السياسة العملية في حكم البلاد ، مازجا بين خطاب ليبرالي عصري، وخطاب إسلامي سلفي ، لا ينم بحال من الأحوال عن وجود توجه فعلي في مباشرة عملية سياسية تؤدي إلي بناء نموذج دولة ديمقراطية حديثة في تونس . ويعد أكثر ما أصاب الجميع باليأس والسخط تجاه مواقف حزب النهضة الإسلامي هو دفاع راشد الغنوشي عن ممارسات السلفيين، وإرجاع الأحداث التي وقعت إلي ما أسماه " بقايا فلول نظام بن علي "، التي " جاءت نتيجة للاستفزاز الفوضوي اليساري والعلماني " وأن " عناصر إجرامية استؤجرت من قبل التجمع المنحل لتوظيف عناصر سلفية في تفجير الساحة السياسية تحت مسمي " حماية المقدسات ". وتطبيقا لنموذج " الخطاب المزدوج " من جانب حزب النهضة، فقد جاء علي لسان راشد الغنوشي أن أيمن الظواهري، الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة، هو " كارثة " بالنسبة للحركة الإسلامية، ومع ذلك، فقد دافع الغنوشي بقوة عن " حق السلفيين " في الترخيص لهم للمشاركة في بناء تونس الجديدة ، بالرغم من أن أمراء السلفية لم يتراجعوا عن اعتبار الديمقراطية والدولة المدنية " كفرا خالصا "، والأدلة التي تثبت الصلة بين " سلفيي الجهاد " في تونس وتنظيم القاعدة، وفي السياق، اشتبك الجيش التونسي مع مجموعات مسلحة يشتبه في انتمائها للقاعدة في مناطق حدودية مع الجزائر وليبيا . المشهد المرتبك علي الرغم من الخطوات السياسية " الناجحة " التي أنجزتها ثورة تونس ( بالمقارنة مع الثورة المصرية ) في ترتيب الشأن السياسي عبر اجراءات محسوبة كاختيار الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ، وانتخاب اللجنة التأسيسية لوضع الدستور ، واجراء الانتخابات التي جاءت بالإسلاميين إلي الحكم ، وهي الخطوات التي تبشر بإمكانية إحراز تونس " قفزة إلي الأمام " علي مسار التأسيس لدولة ديمقراطية حقيقية تحترم حقوق المواطنة ، وسيادة القانون ، واحترام حقوق الإنسان وحريات التعبير ، علي الرغم من ذلك ، فإن المشهد الحالي في تونس ينبئ بتطورات أكثر سوءا وسط مؤشرات علي الاحتقان الديني والتوتر السياسي والاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق . ولعل نقطة البداية في سياق هذا المشهد هو انتشار حالة السخط الشعبي تجاه حكومة حزب النهضة بسبب ضعفها وسوء أدائها وعدم تحقق خطوة ناجزة لكبح الانفلات الأمني الذي منيت به البلاد في الفترة الأخيرة ، والذي وصل إلي حد إحراق عدة مقرات حزبية، واستهداف مؤسسات تابعة للدولة ، ما أدي إلي إعلان حظر التجوال في العاصمة وسبع محافظات أخري في محاولة لاحتواء الموقف المتصاعد . وكانت الأحداث الأخيرة في تونس قد ارتبطت بما أطلق عليه " الغضبة السلفية " تجاه أحد المعارض الفنية والذي قيل إنه احتوي علي " لوحة فنية " مسيئة للمقدسات الإسلامية ، ما أثار السلفيين الذين توعدوا بوضع حد لهذه التجاوزات ، بما في ذلك إطلاق التهديدات التي تمس " أمن الدولة والمجتمع في تونس " . وقد اقترنت هذه الأحداث بردود أفعال " مختلطة " علي المستوي السياسي ، فالرئاسات الثلاث، المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر، ورئيس الحكومة حمادي الجبالي أصدروا بيانا " لإدانة عنف مجموعات الغلو وتهديدها غير المقبول للحريات وسماحها بتعريض مؤسسات الدولة للخطر ، ومحاولة الهيمنة علي بيوت الله "، كما أدان البيان كل ما يمس مقدسات الشعب بما لا يدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير . هنا نجد أن زعيم النهضة راشد الغنوشي كال الاتهامات للقوي اليسارية ونعتها " بالقوي الفوضوية " ، التي تستبيح المقدسات تحت مسمي حرية التعبير ، بما فهم معه أن الزعيم الروحي لإسلاميي تونس يدافع عن " أبنائه السلفيين " الذين يعدهم ويراهن عليهم " كذخيرة انتخابية " ، علي الرغم من أنهم من وجهة نظر الدوائر السياسية والإعلامية الليبرالية في تونس " جماعات تعد خطة ممنهجة لاستهداف الدولة وفرض نمط مجتمعي قروسطي " في البلاد . في سياق ذلك أصبح ينظر إلي حركة النهضة علي أنها " الحركة ذات الوجهين " ، الوجه المدني الحديث الذي يطرح نفسه علي التونسيين لمسايرة طموحاتهم في الحرية والديمقراطية وصيانة الحريات ، فضلا عن الوجه الآخر أي " الوجه السلفي المضمر " والكامن في خطاب النهضة السياسي الذي يقدم نفسه للخليجيين وسلفيي تونس علي أنه " الوجه الوهابي الحامي للشريعة الإسلامية ". بل أصبح هناك من يعتبر أن حركة النهضة هي بمثابة " الوجه السياسي للسلفيين " ، وبينما تتولي حركة النهضة تدبير الشأن السياسي ، فإنها تترك أمر " أسلمة " المجتمع التونسي ، وتغيير توجهاته نحو الشريعة للجماعات السلفية، فتترك لها عنان التصرف بدون أية مؤاخذة ، وتحت غطاء مناسب من التبرير لجميع تصرفاتها نحو الدولة والمجتمع في تونس ، فيما اعتبرته دوائر سياسية واجتماعية نوعا من " تقسيم الأدوار " بين حركة النهضة وذراعها الإسلامي السلفي ، هذا ، علي الرغم من أن عددا من القيادات الشابة في حزب النهضة تحاول إبعاد توجهات الحزب عن الجماعات السلفية المتشددة . ظل القاعدة وجه أيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة العالمي رسالة دعا فيها " أحرار تونس لنصرة شريعتهم الإسلامية " وهي الرسالة التي أعطت " الضوء الأخضر " للسلفية الجهادية في تونس " للاقتتال من أجل الشريعة الإسلامية " . وتزامنا مع الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد ، فقد حرض أبو أيوب أحد أبرز أمراء السلفية الجهادية في تونس علي " الخروج علي الحاكم الظالم المرتد " وقال في تهديدات واضحة للتونسيين " إذا كانت دساتيركم ومؤسساتكم ودولكم وحقراؤكم يبيحون الطعن في ربنا وفي ديننا وفي نبينا ، فنحن نكفر بدساتيركم وبمؤسساتكم وبدولكم ، ونعلنها صراحة أننا نكفر بكم ونكفركم، وهذا حكم الله فيكم " ، وأفتي أبو أيوب أمير السلفية الجهادية في تونس بشرعية ممارسة العنف ضد مؤسسات الدولة السيادية والأمنية والقضائية والإدارية ، وبشر بالدولة الدينية في تونس . وفيما يبدو أن هناك مشروعا سلفيا جهاديا يمضي في تونس ، فقد صرح أمير السلفية الجهادية سيف الدين بن حسين الملقب ب " أبو عياض " بأن حركته تدعم حكومة النهضة ، والتي فوضت بالعمل السياسي ، فيما اكتفي السلفيون بالجوانب العلمية والعقائدية والتوعوية . وفي جوهر هذا المشروع ، يتم تقسيم المجتمع إلي مؤمنين وكفرة، ومن المنشود أن تتحول الدولة إلي دولة المؤمنين ، ليكون " القتل " هو مصير الكفرة . وكان رئيس جمعية دار الزيتونة وخطيب جامع بلال بسوسة فريد الباجي الذي يعد من رموز السلفية العلمية قد كشف أن السلفية تتحول الآن من التنظير والتكفير إلي التفجير، ويقترن ذلك باتساع نطاق الفتاوي السلفية ، والتي تدخل في زمرة الكفرة الديمقراطيين والعلمانيين والليبراليين والمبدعين ( والمسلمين الذين لا يواظبون علي أداء الفرائض الدينية) . وفي تقرير استخباراتي وصل إلي أجهزة الأمن ، جاء أن عناصر محسوبة علي تنظيم القاعدة وذات صلة بالسلفيين تدبر لتنفيذ عمليات ارهابية في تونس، وقد اعتقلت السلطات عددا من هؤلاء في مدينة بئر علي بن خليفة، وأصدرت تونس منذ أيام أحكاما مشددة في حق مجموعة جهادية تسربت من الجزائر واغتالت عسكريين تونسيين، ويعمل جهاديو تونس علي تجنيد الشباب المتدينين وإرسالهم للجهاد في سوريا ، فضلا عن نشاطهم المتصاعد في تونس ، واستهزائهم بضعف الحكومة الإسلامية والمرتبكة ، والتي دعاهم الظواهري صراحة لمقاتلتها ويطلق جماعة السلفية علي أنفسهم اسم " جماعة أنصار الشريعة " وهو نفس الاسم الذي يطلقه تنظيم القاعدة علي فرعه في اليمن ، في تأكيد واضح للسلفيين علي ولائهم للتنظيم الدولي . ويري المحلل السياسي الهاشمي الطرودي أن كلمة الظواهري شكلت فرصة لتعبئة السلفيين من أجل استهداف مؤسسات الدولة وتقويض مقومات المجتمع ، ويؤكد المولدي الرياحي القيادي في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أن السلفيين يتحركون في تونس بشكل ممنهج ، وباتوا يهددون عملية الانتقال الديمقراطي ويرتكبون الجرائم في حق رموز الدولة ، ويصل الأمر إلي ذروته فيما يؤكده الكاتب عبد الواحد براهم من أن هناك " ميلشيات سلفية ونهضوية موازية لأجهزة الدولة " . التحذير الأول توقعت دوائر عديدة في تونس أن ترد حكومة النهضة علي الممارسات السلفية بكل قوة لحماية الدولة المدنية وحريات التعبير ، ووقف ممارسات السلفيين التي تطال أسس الدولة ومؤسساتها وتمس صورة المجتمع التونسي الحديث في مقتل ، غير أن حزب النهضة وزعيمه أخذ جانب السلفيين في موقفهم الهجومي ضد المعرض الفني ، واتهم الفنانين والمنظمين للمعرض باستفزاز الشعور الإسلامي بلوحة فنية رأوا فيها مساسا بالمقدسات الإسلامية ، واتفق زعيم النهضة وآخرون علي تنظيم " مظاهرة " للتنديد بهذه المواقف التي تتجاوز حدود حريات التعبير من وجهة نظرهم ، غير أن وزارة الداخلية التونسية بقيادة علي لعريض القيادي في حركة النهضة رفض الترخيص للمظاهرة التي كانت بعنوان " الدفاع عن المقدسات " ، وعندئذ ، سارع المكتب التنفيذي للنهضة بعقد اجتماع ليقرر التراجع عن تنظيم المظاهرة انصياعا لأمر وزير الداخلية. وما يهمنا في هذا السياق الإشارة إلي أن وزارة الداخلية التونسية انصاعت إلي أمر قائد أركان الجيوش الثلاثة في تونس رشيد عمار الذي رفض السماح بتنظيم المظاهرة حفاظا علي أمن البلاد ، ما وجه صفعة إلي راشد الغنوشي ، وهو ما أثار تكهنات حول موقف الجيش من حزب النهضة وأداء حكومته ، وخاصة موقفه من ممارسات سلفيي الجهاد التونسيين . وهنا نذكر أن رشيد عمار يحظي بشعبية عارمة في تونس ، ويثق فيه التونسيون ويلقبونه بعبارة " الحامي الأول للثورة " لرفضه الوقوف إلي جانب الرئيس السابق بن علي ، واختياره الوقوف وحماية الثورة التونسية في ديسمبر 2010 ، وصولا إلي خروج بن علي إلي السعودية في 14 يناير 2011، ثم رفض رشيد عمار الزج بالمؤسسة العسكرية في تجاذبات اللعبة السياسية ، ويتداول السياسيون والإعلاميون التصريح المهم الذي أصدره رشيد عمار مؤخرا في صورة تحذير صريح بأن " فسحة الاعتصامات والإضرابات في تونس " انتهت " . وتشير الكثير من المصادر القريبة من قائد الأركان إلي أنه ممتعض من ممارسات السلفيين في تونس ، وأن الجيش التونسي تحمل الكثير من الضغط بسبب حالة الانفلات الأمني الماثلة والتي تهدد استقرار وأسس الدولة التونسية ، وأن عمار غير راض عن أداء حكومة النهضة ، ولكنه ينأي بالجيش عن التدخل في السياسة حتي الآن ، وقد قام بحماية المؤسسات السيادية للدولة ، وسيظل مؤتمنا علي حماية أمن الشعب التونسي . فشل الإسلاميين يبدو أن معارك الإسلاميين للوصول إلي السلطة أكثر يسرا من معارك ممارستهم الفعلية لهذه السلطة ، حيث تثبت التجربة العملية سواء في تونس أو في مصر محدودية الأداء السياسي للإسلاميين ، فضلا عن ارتباك خططهم السياسية وربما انعدام خبرتهم في
المجالات السياسية والاقتصادية وعدم توافرهم علي برامج أو رؤي سياسية واقتصادية مناسبة للمرحلة. وبقدر من الثقة يمكن القول إن كل ما ترتب علي وصول الإسلاميين إلي السلطة هو إطلاق الصراع المجتمعي حول دور الدين في الدولة والمجتمع ، ومحاولة تقديم القضية الدينية لتحتل مكان الصدارة في دولة ما بعد الثورة علي حساب جميع القضايا الأخري ، الأمر الذي يتسبب في ارباك الساحة السياسية وإثارة قلق النخب الليبرالية والعلمانية التي تخشي أن يؤدي ذلك إلي تقويض القضية الديمقراطية " الوليدة " وتعثرها في مهدها . ففي تونس ، بدا بوضوح ضعف أداء حكومة النهضة حيث تتصاعد الأزمة الخانقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعجزت الحكومة عن مواجهة موجة الإضرابات والاعتصامات، ما دفع عشرات الشركات الأجنبية إلي إغلاق مؤسساتها ومغادرة البلاد خشية اتساع الصدامات الجارية ، ما تسبب في زيادة عدد العاطلين عن العمل الذين يقارب عددهم 800 ألف ، ويقول الكاتب مختار الدبابي إن حكومة الجبالي تكتفي باتهام " دوائر مبهمة " بالوقوف وراء التحركات ، ولكن التونسيين ، بمن فيهم أنصارها، يطالبون الحكومة بأن تقدم للرأي العام الأشخاص أو الأحزاب المتورطة في الأحداث لعرضهم علي العدالة، وعدم الاكتفاء بالبحث عن " مؤامرة " تتهمها بالسعي للإطاحة بها بدون توضيح مما أفقدها المصداقية . بل الأكثر من ذلك ، أن هناك مشكلة التردد في محاسبة رموز الفساد، وحتي تبييض وجوه من النظام السابق بدعوي الاستفادة من خبراتها وأموالها ، والتأخر في تكوين المؤسسات التي يتعين عليها الإشراف علي المحاسبة في القضاء والمحاماة . وفيما يتعلق بمواجهة الاضطرابات الأخيرة ، فقد أكدت مصادر قضائية أنه سيتم العودة إلي أحد قوانين النظام السابق ، الذي طالبت قوي سياسية بإلغائه ، وهو قانون مكافحة الإرهاب والمعروف باسم "قانون 2003 " والذي استخدمه بن علي في محاكمة 3 آلاف شاب تونسي بين 2004 2009 ، ويتهم التونسيون القانون بأنه غير دستوري ، حيث يكفي القانون العادي لمحاكمة من يرتكب أي نوع من الجرائم . وبالرغم من ذلك ، فإن ارتباك الحكومة التونسية يظهرها أمام التونسيين عاجزة وضعيفة عن حسن تدبير الشأن العام ، وتتأخر الجهات الأمنية في مواجهة أحداث العنف " انتظارا للأوامر " من السلطة ، وإزاء ذلك ، حذرت صحيفة الصباح من انزلاق تونس إلي نشوب " حرب أهلية " طاحنة مستحضرة السيناريو الجزائري ، وتساءلت الصحيفة " من له المصلحة في اشعال فتيل النار في تونس ومحاولة إعادة البلاد إلي المربع الأول ؟ " . وبالنسبة للكثيرين ، فإن المشكلة تبدو في طريقة تدبير الإسلاميين للشأن العام ، حيث لا ينم ذلك بحال من الأحوال عن إيمان حزب النهضة وزعيمه راشد الغنوشي بالدولة المدنية، ودولة المواطنة ، وكانت كلماتهم في هذا الصدد مجرد " قشرة خارجية " تخفي حقيقة النوايا في السعي لدولة الخلافة الراشدة كما قال حمادي الجبالي ، لأنهم يعتبرون الدولة المدنية " دولة علمانية معادية للإسلام "، والدليل علي ذلك استمرار اتهاماتهم للعلمانيين ووصفهم بالتآمر علي حكومة النهضة ، وتبرير الممارسات الهمجية للسلفيين الذين أحرقوا محكمة تونس 2 في العاصمة ، وهاجموا المسارح والمعارض وسعوا مخربين في عدة مناطق في أنحاء البلاد، ما يعني الموافقة من جانب النهضة علي تقويض أسس الدولة المدنية في تونس ، وتفكيك بنيتها ، وتدهور هيبتها أمام سطوة العنف السلفي ، وكأنهم يتشاركون في الإيمان بأن دولة المواطنة ليست هي الإطار المنشود للدولة الإسلامية التي يسعون إلي بنائها . إن السؤال الرئيسي الذي أصبح مطروحا في دول الربيع العربي التي منيت بوصول الإسلاميين إلي الحكم هو: هل حقا تبدو أحزاب الإسلاميين مؤهلة لتولي الحكم؟ وهل يكفي الاحتكام إلي صناديق الانتخابات لتسليم الشأن السياسي لمن يفتقرون إلي الخبرات السياسية والبرامج الاقتصادية ؟ أليست هناك حاجة ماسة لإعادة تقييم هذه الأحزاب وتوجيه الانتقادات إلي ممارساتها خاصة وأنها تمس في الصميم مصالح الدول ومصائر الشعوب ؟ أليست هناك خطورة فيما يصدر عن بعض الإسلاميين فيما يتعلق بوضع اليد علي السلطة وإطلاق التصرف فيها ، " فقط "، دعوي حيازة الأغلبية عبر انتخابات ديمقراطية ؟ أليست هناك اعتبارات تتعلق بأسس استقرار الدولة، ومعايير التوازن الاجتماعي ، والحلم الديمقراطي ، والبناء من أجل المستقبل ؟ وهل يتحلي الإسلاميون بالشجاعة ليبادروا بالاعتراف بفشلهم قبل أن تستفحل الأمور ؟ هيمنة الإسلاميين يبدو أن وصول الإسلاميين إلي السلطة بعد ثورات الربيع العربي لم يسهم في إثراء الساحة السياسية بتعددية التيارات بقدر ما أضاف الضبابية إلي المشهد السياسي ، فقد حاول الإسلاميون طمأنة العالم الخارجي بادعاء " الديمقراطية والقبول بالآخر السياسي "، ولكنهم في حقيقة الأمر يسعون إلي التغلغل في مفاصل الدولة والسلطات والمجتمع ، والهيمنة علي كل شيء، هكذا فعل الإسلاميون في مصر عندما كانوا يمارسون " السياسة " علي طريقتهم في مجلس الشعب، وفي طريقة تشكيل اللجنة المكلفة بوضع الدستور ، وفي ترشيح مرشح لهم في انتخابات الرئاسة ، وفي تونس ، قامت حركة النهضة وتحت رعاية راشد الغنوشي بالإعداد لخطة أعلنها الغنوشي نفسه بوضع قائمة أسمية لعدد 2000 كادر متخصصين في مختلف المجالات " لزرعهم " في مفاصل وأجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع ، وعندما وجهت الاتهامات إلي النهضة بالسعي لفرض السيطرة ، رد راشد الغنوشي بأنه " من حق الحزب الحاكم أن يجري تسميات تدين له بالولاء دون أن يعني ذلك إقصاء لمن يخالفونه في الرأي " . ويتهم ائتلاف الحزب الجمهوري الذي يضم عددا من الأحزاب يقودها الحزب الديمقراطي التقدمي حركة النهضة الإسلامية بالسعي أيضا للهيمنة علي البلديات من خلال تسميات أعضاء المجالس البلدية علي أساس الولاء وليس علي أساس الكفاءة والمصداقية، وذلك استعدادا للانتخابات القادمة في ربيع 2013 ، وتبدو مؤشرات عديدة علي اتجاه النهضة للسيطرة علي الدولة والمجتمع في مجالات الإدارة والقضاء والإعلام ( المؤسسات ذات البعد الاستراتيجي )، فيما تعتبره بقية دوائر المجتمع محاولة ( لأسلمة ) تونس ، تطبيقا لعقلية المحاصصة السياسية ومنطق الولاء الحزبي ( والاعتبارات الأيديولوجية ) علي حساب المصلحة الحقيقية في اختيار أشخاص أكفاء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، إضافة إلي ذلك، يسعي السلفيون لتكوين نقابات عمالية ( إسلامية ) في محاولة لإجهاض الاتحاد العام للشغل الذي يتهمونه بالعلمانية . ويبدو أن ظروف المجتمعات العربية التي ينتشر فيها الفقر والبطالة والعوز الاجتماعي الشديد توفر بيئة صالحة لانتشار هيمنة الإسلاميين الذين يستغلون خصاصة الناس، وعجز الدولة ، فيتقدمون سواء إخوان أو سلفيون ، بتقديم الخدمات والمساعدات الغذائية والصحية والاجتماعية تحت غطاء الجمعيات الخيرية ، فيكسبون ولاء الناس مقابل ما يقدمونه من خدمات حيوية، وهو ما يكون له أبلغ التأثير في أثناء اللحظة الانتخابية . أجندة الغنوشي يؤكد قيادي في حزب النهضة أن راشد الغنوشي لن يترشح مجددا لرئاسة الحركة ( لأنه سيتفرغ للعب دور رئيسي في بناء مشروع يتبلور علي صعيد المنطقة ) وفي تعليق بعض الدوائر علي ذلك فقد قيل إن المقصود هو " مشروع الإسلام الوسطي المعتدل " في المنطقة العربية، والذي يستوعب قيم الحرية والعدالة والانفتاح علي الآخر وتحديد الأدوار ورسائل كبار المصلحين مثل جمال الدين الأفغاني، وأن هذا المشروع سيتم برعاية عربية وغربية ، بناء علي العلاقات الوثيقة والثقة التي يتمتع بها الغنوشي علي المستويين العربي والدولي . وتقوم أدلة الدوائر التي كشفت عن هذا التوجه علي أساس التقدير الذي أصبحت تتمتع به حركة النهضة وزعيمها من جانب دولة قطر والولايات المتحدة ، والاتجاه إلي " إدارة الربيع العربي " في سياق يساعد الحركات الإسلامية علي الصعود إلي قمة السلطة في الدول العربية ، واستبعاد الحركات اليسارية والعلمانية التي تعادي الإسلاميين ، وبما يعني في التحليل الأخير البدء في" تفكيك مؤسسات الدولة العلمانية الحالية "، واستبدالها" بدولة الخلافة الإسلامية ". وتبدو هذه التكهنات مواكبه لما أعلنه الغنوشي ( 70 سنة ) عن رغبته في عدم الترشح لقيادة النهضة " وتفرغه لمهام التوجيه الفكري والسياسي في المنطقة " في الوقت الذي يتردد أن الغنوشي بصدد الترشح لخلافة يوسف القرضاوي في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتخذ من الدوحة مقرا له . تونس .. والمستقبل تتهم الباحثة رجاء بن سلامة حكومة النهضة بتحمل مسئولية الانفلات الذي نتج عن ممارسات السلفيين ، وأنها دائما ما تبحث عن" شماعة " لتعلق عليها الفشل ، فمن المعارضة إلي المؤامرة إلي اليسار ، إلي ذريعة الاستفزاز المزعوم . ويبدو من فحوي كلمات الباحثة التونسية أن درجة " الاحتقان المجتمعي " في تونس قد وصل إلي درجة خطيرة فيما تعكسه حالة الاستقطاب الشديد بين التونسيين الذين يعيشون حياة عصرية مدنية ، والذين يبغونها " وهابية أو إخوانية " علي حد تعبيرها، وهي تشدد علي أن ذلك، أبدا لن يكون . ومع ذلك ، فليس ثمة إنكار للمشاهد التي أصبحت ماثلة في المجتمع التونسي في ظل الإسلاميين، بدءا من حالة الاستقطاب السياسي والديني ، وانتشار مظاهر التدين ، وظاهرة اللباس الأفغاني ، وإطلاق اللحي ، وارتداء النقاب ، ومحاولات استقطاب الشباب التونسي إلي حظيرة " المتدينين " ، وإصدار رئاسة الحكومة بيانات حملت فيها المبدعين والمثقفين مسئولية أحداث العنف ، في الوقت الذي تعرض فيه الفنانون وشخصيات تونسية أخري لتهديدات بالقتل ، وهجمات السلفيين علي منازلهم ، ووصل الأمر إلي قيام إمام وخطيب جامع الزيتونة بإهدار دم وقتل الفنانين التشكيليين ، فيما يحرص الغنوشي علي احتواء السلفيين وكأنه بذلك يوجه رسالة إلي العلمانيين واليسار بأن ثمة التحالف الممكن أمامهم والذي يتشكل من النهضويين والسلفيين . وربما في محاولة لتعديل بعض ملامح صورة المشهد السياسي الاستقطابي في تونس ، قام الباجي قائد السبسي الوزير الأول السابق ( 87 سنة ) بالإعلان رسميا عن حزب جديد تحت اسم " حركة نداء تونس " علي أمل " توفير أرضية سياسية لطريق ثالث بعيدا عن الائتلاف الثلاثي الحاكم بقيادة حركة النهضة والأحزاب اليسارية التي لم تنجح في انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة " ، ويأتي تشكيل الحزب الجديد ليضاف إلي خريطة سياسية تحظي بتعددية حزبية تصل إلي أكثر من 130 حزبا ، وفي محاولة لوقف " زحف " التيارات الإسلامية علي المشهد السياسي التونسي . وإذا كانت خطوات الانتقال السياسي الديمقراطي في تونس تمضي بسلاسة نسبية ( بالمقارنة بالحالة المصرية المتعثرة ) فإن المشكلات المجتمعية في تونس لا تمضي حتي الآن في طريق الحل ولا تقترب منه فتيلا ، وبعد ما يقرب من 16 شهرا علي الثورة التي أطاحت بزين العابدين بن علي وأوقدت شرارة الربيع العربي ، تقول غالبية من شباب تونس وفئات كثيرة أنهم لم يروا بعد أية ثمار حقيقية للثورة التي شاركوا في إطلاقها ، بل لقد زادت الأمور سوءا في كثير من المجالات ، فعدد الشبان التونسيين العاطلين عن العمل قد ازداد ، وهناك الضغوط الاجتماعية بسبب الحرمان من فرصة الزواج وتكوين الأسرة ، وكانت الحكومة قد وعدت بتوفير الآلاف من فرص العمل للمصابين والعاطلين ، وهو ما لم يحدث ، كما لم تنفذ الحكومة ما وعدت به من خطط تطوير المناطق شديدة الفقر أو تحسين جودة الإسكان وشق الطرق إلي المناطق النائية ، ومن هنا فلم تتخذ أية خطوة لتهدئة غضب المناطق التي عانت كثيرا من الإهمال والتهميش . ويواجه الاقتصاد التونسي صعوبات كبيرة حيث انكمش بنسبة 8.1% بعد أن أصابت الإضرابات والمظاهرات المتواصلة المصانع بالشلل، وبينما تضاعفت مطالب التونسيين المعيشية ، والدعوة إلي تحسين الأجور وظروف العمل ، فإن القدرة الاقتصادية أصابها عطب كبير، وتبذل الحكومة جهدا كبيرا حتي لا يرتفع عجز الموازنة العامة عن المستهدف لعام 2012 وهو 6.6 % من الناتج القومي الإجمالي (وتراجع التصنيف الائتماني لتونس بدرجتين ) هذا ، بينما بلغت نسبة العاطلين عن العمل 18 % ، ونسبة البطالة بين الخريجين والحاصلين علي المؤهلات العالية 35 % ، وتزيد نسبة البطالة في
المناطق الساحلية عن 20 % ، ويقول المحلل المتخصص ريكاردو فابياني إن الاستقطاب يزداد عمقا في المجتمع التونسي وتشعر فئات كبيرة بالتهميش السياسي والاقتصادي مجددا ، فهناك سلفيون وعمال يعيشون في المناطق الداخلية ، ويشعرون أنهم غير منضوين في النظام الجديد ، لذلك يسهل انضمامهم للفئات التي تنتهج العنف . ومن المفارقات أن بيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة ( اليونيسيف ) تصف تونس بأنها من الدول التي تتمتع بأحد أعلي معدلات التعليم في شمال أفريقيا بنسبة 80 % ، بالمقارنة مع مصر 66 % ، والمغرب 56 % ، ومع ذلك فإن قطاع التعليم يعاني من التنافس بين آلاف الخريجين علي عدد محدود من الوظائف . وكان عدد الطلاب المسجلين في التعليم العالي في السنة الدراسية 2010 2011 حوالي 85 ألف طالب . وكانت تونس قد حصلت علي قروض ثنائية منخفضة التكلفة من قطر وتركيا وليبيا، وضمانات من الولايات المتحدة تساعدها علي الاقتراض بسعر منخفض، ولكن الأزمة الاقتصادية في أوروبا، شريكها التجاري الأول، تعوق بدورها الاقتصاد التونسي علي النهوض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.