مصطفي المليجي بعد ثورة 25 يناير ظهرت مطالبات بتطبيق أو إنشاء محاكم ثورية... بعض القوي السياسية رفضتها بدعوي إنها إنتقامية, وبعضها طالب بها بدعوي أنها ستكون عبرة للأنظمة المتتالية في الحكم.. وعاد الحديث مرة ثانية الآن بعد ثورة 30 يونيو.. يفتح هذا الملف من جديد لنعرف الحقيقة.. المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة السابق يري أنه في أعقاب الثوارت التي تقوم في أي من البلدان, يجب علي النظام الجديد إنشاء محاكم ثورية تكون مهمتها محاكمة النظام الذي أسقطته الثورة, وإن عادة تكون هذه المحاكمات عن الفترة التي حكم فيها النظام السابق, ويحاسب علي الجرائم التي وقعت خلال فترة حكمه في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وغيرها مما تسبب في قيام الثورة. ويشير إلي أن هذه المحاكم لا تشكل من القضاء العادي, لأنه غير قادرا علي نظر هذه القضايا, فهي تحتاج إلي خبرات ليست قضائية أو قانونية, فحسب, لكنها تحتاج إلي العناصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلخ, فهي تعتبر بمثابة خبرات فنية هي القادرة علي الفصل في أمور تخصصها. وهذا ما جعل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد قيام ثورة يوليو سنة 1952 أن يلجأ إلي تشكيل محاكم ثورية مثل محكمة الغدر والثورة والشعب. ويمكن تشكيل هذه المحاكم, كما يضيف المستشار زكريا عبد العزيز برئاسة قاضي وعضوية الخبراء سواء في الاقتصاد أو السياسية أو الاجتماع أو التعليم أو حتي في مجال الصحية, وبهذا, فتكون لدينا محكمة مشكلة من جميع الخبراء, تقسيم إلي دوائر تنظر كله دائرة ملف من الملفات, علي أن يقوم بجمع هذه الملفات مدعي عام بتولي التحقيق وتوجيه الاتهام. وبهذا التشكيل, وهذه الموضوعات يمكن أن تسري علي أي نظام, ويحاسب كل حاكم علي المدة التي قضاها سواء 30 عاما أو عاما واحدا2 لأ القانون قاعدة عامة, ومجرد تطبق في أي زمان ومكان وعلي أي شخص. ويختلف معه المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق, حيث يقول أن المحاكم الثورية عرفتها مصر عقب ثورة 23 يوليو 1952, وذلك بقصد محاكمة أعمدة النظام الملكي السابق ممن نسب إليهم من إفساد للحياة السياسية انذاك, وكانت هذه المحاكم التي كان يتولاها أعضاء في مجلس قيادة الثورة, وليس القضاة لا تطبق قوانين العقوبات أو الإجراءات الجنائية, وإنما تضع لنفسها قواعد غير منضبطة في هذه المحاكمات, وخاصة محاكمات العمال الثائرين في كفر الدوار, وكذلك محاكمات الاخوان المسلمين عقب اتهامهم بتحريض محمود عبد اللطيف علي قتل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية عام.1954 وكان استناد ثورة يوليو في ذلك هو الشرعية الثورية, وليس الشرعية الدستورية أو القانونية, فمثلا وعن كيفية إجراء المحاكمات, فقد كان يترأس محاكمة الثورة جمال سالم عضو مجلس قيادة الثورة, وكان يحاكم أمامه يوسف طلعت أحد قيادي الإخوان المسلمين بالإسماعيلية, فسأله رئيس المحكمة عما إذا كان يحفظ القرآن من عدمه, فأجابه بالإيجاب, فطلب منه أن يقرأ سورة البقرة من الآخر إلي الأول, فرفض يوسف طلعت ذلك, فقال له أنت لا تحفظ القرآن, وتزعم أنك من رجال الدين, فحكمنا عليك بالإعدام شنقا و إعدم فعلا. ومن هنا يقول المستشار رفعت السيد وقانا الله شر المحاكم الثورية, وما كان يجري فيها, ولعل مصر ليست فقط التي عانت من هذه المحاكم التي جعلت من الشعوب العربية أضحوكة أمام العالم أجمع, فقد كان في العراق وقت عهد عبد الكريم قاسم محاكم ثورية يرأسها من يدعي باللواء المهداوي, وكانت أيضا تطبق ذات الأساليب والإجراءات التي كان يتبعها رؤساء مجالس الثورة المصرية. أما مصر في الوقت الحاضر فقد قامت ثورة 25 يناير, ومن اليوم الأول تم صدور الإعلان الدستوري الذي تحكم به البلاد, وبالتالي فقد اعتمد نظام الحكم في مصر علي الشرعية الدستورية والقانونية في محاكمة كل من نسب إليه مخالفة القانون في قوانين العقوبات, وفي التشريعات الجنائية الخاصة ما يكفي لردع كل من خرج علي القانون أو أساء إلي مصر وشعبها طبقا لقوانين, وإجراءات جنائية تكفل حق الدفاع عن المتهم, وتحقق العدالة بين المواطنين, فسواء كان حاكما أو محكوما, فالكل مصريون لهم كل الحقوق, وعليهم كل الواجبات التي يفرضها القانون, فلا تفرقة بين عظيم وغفير أو غنيا وفقير. وبالتالي فإن الدعوة التي قد يتبناها البعض بقصد محاسبة خصومهم, والانتقام منهم, وتصفية الحسابات معهم, وأيضا الانتقاد للمحاكم العادية عندما تقضي بتبرئة كل من لم يثبت في حقه إرتكاب جريمة تستأهل العقاب هل يقبلون اليوم, وقد إختلفت صورة الصورة أن تطبق عليهم القوانين الثورية التي لا ترتكن إلي قانون أو إجراءات, أم أنهم سوف يتمسكون وينادون بتطبيق القانون, فسبحان الله الذي لا يتغير بينما الكل متغير ولم يبقي سوي الحق والعدل. وهناك رأي أخر يطرحه عبد الله خليل المحامي بالنقض وخبير حقوق الانسان وهو كما يقول أن المحاكم الثورية كانت إحدي الادوات التي تستخدم في الثورات التقليدية القديمة, ولكن مع بداية التسعينات ظهر مفهوم العدالة الانتقالية في الدول التي تمر بمراحل إنتقالية سواء في مرحلة مابعد الصراعات المسلحة أو مابعد الحكم الاستبدادي ومفهوم الهدالة الانتقالية سواء في مرحلة مابعد الصراعات المسلحة أو ما بعد الحكم الاستبدادي ومفهوم العدالة الانتقالية يعني أن تكون هناك مجموعة من الاجراءات سواء القانونية أو المؤسسية أو بعض الاجراءات هو إنشاء لجان للحقيقة والمصالحة تكون مهمتها الكشف وبيان الحقيقة عن كافة الانتهاكات التي ارتكبت في الماضي أي في عصور الاستبداد وبيان اسبابها ايضا والكشف عن الجناة وعن ضحايا هذه الانتهاكات وايضا تقدير التعويض المناسب للضحايا عن الاضرار التي أصابتهم من جراء هذه الانتهاكات, واقتراح البرامج الخاصة لتأهيل هذه الضحايا, ووضع صور وضوابط بالنسبة لمنح العفو لمن يرتكب إنتهاكات جسيمة لحقوق الانسان, وبالتالي لايدخل في مفهوم العفو كل من ارتكب جرائم القتل أو التعريض علي القتل والجرائم الارهابية, أو السرقة أو استغلال النفوذ أو التعذيب وارتكاب جرائم الابادة الجماعية أو جرائم تتعلق بالتعريض علي الكراهية الدينية أو الدعوة الاقتتال الداخلي كما تختص لجان الحقيقة المصالحة كما يضيف عبد الله خليل بوضع تصور لبرامج حماية الضحايا والشهود علي الجرائم التي ارتكبت في العهد الاستبدادي, وايضا تتولي اللجان نفسها إقتراح التدابير والتشريعات اللازمة لمنع هذه الجرائم في المستقبل. ثم تأتي الفكوة الاخري للعدالة الانتقالية عن طريق إنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المتهمين عن ارتكاب أي انتهاكات لحقوق الانسان هذه المحاكم المدة التي يغطيها إختصاص المحكمة بمعني أنه يجب أن تشمل إختصاص هذه المحكمة الجرائم التي ارتكبت منذ6 أكتوبر عام 1981 وحتي الان.. وتشكل هذه المحاكم من قضاه طبيعيين يتم إختيارهم مباشرة عن طريق المجلس الاعلي للقضاء ويتبعها جهاز من النيابة العامة يتم اختيار رئيسه عن طريق المجلس الاعلي للقضاء ولايتبع النائب العام, ويعاونه عدد كافي من أعضاء النيابة وأيضا عدد كافي من العاملين والموظفين, وتكون هذه المحاكم مستقلة ويتوافر فيها كافة ضمانات المحاكمات العادلة والمنصفة, وتطبق قانون الاجراءات الجنائية والقانون الجنائي العادي والنافذ, ويكون التقاضي فيها علي درجتين, أي يجوز الطعن علي أحكامها أمام محكمة النقض وأيضا تطبق المحكمة مبدأ شخصية العقوبة بمعني أن كل من ارتكب فعل ينزل عليه عقوبة ولايمتد أثر هذه العقوبة أو الجريمة الي غيره, وعدم تطبيق أي قانون جنائي بأثر رجعي وتختصبمحاكمة كل من ارتكب جرائم في عهد النظام السابق والنظام الاسبق, وكل من آمر بارتكاب أي من لاجرائم التي يعاقب عليها القانون, أو كل من إمتنع عن إصدار أمر لمنع وقوع هذه الجرائم, وأيضا محاكمة الاشخاص المعنوية بمعني رؤساء الاحزاب السياسية إذا كانوا قد اهدروا أوامر وحرضوا علي ارتكاب هذه الجرائم وايضا اذا كانت هذه شركات أو مؤسسات قامت بتمويل هذه الجرائم ويؤكد عبد الله خليل قائلا اننا نريد العدالة القانونية المجردة ولانريد ارتكاب اخطاء النظام السابق الذي كان يريد تطبيق العدالة السياسية المنحازة والعدالة الانتقامية التي تزرع الكراهية والبغض بين المواطنين المصريين, كما لابد أن نسعي لإقامة دولة القانون وترسيخها في مفهوم الثقافة المصرية لأنها هي الطريق لتحقيق الحرية والكرامة لاانسانية والعدالة الاجتماعية, وكلها أهداف الثورة محمد زارع المحامي ورئيس المنظمة العربية للاصلاح الجنائي يقول أن كل القوي السياسية في مصر منذ ثورة 25 يناير 21011 مرورا بالموجة الثانية من الثورة 30 يونيو 2013 أجمعت علي ضرورة المحاكمات لعادلة, وعدم الالتجاء إلي محاكم استثنائية, وكذلك لم تلقي فكرة إنشاء محاكم ثورية قبولا من اجماع القوي السياسية, ونتيجة هذا الامر فلم يحاكم نظام مبارك بأي محاكمات استثنائية, وكذلك نظام محمد مرسي يجب أن يحاكم أمام قضاء طبيعي تراعي فيه كل ضمانات المحاكمة العادلة. والهدف من عدم إنشاء محاكم ثورية أمرين الأول مراعاة عدم حدوث زي تجاوزات وأن تكون المحاكمات مجالا للانتقام من الخصوم السياسيين والامر الثاني هو محاولة لم الشمل مع كل القوي السياسية بما فيها التي ثار عليها الشعب, فاختيار الشعب وقواه الحية منذ اللحظة الاولي لثورة 25 يناير أن تكون المحاكمات أمام القضاه الطبيعي, هو لها مميزات وايضا لها عيوب فميزاتها أن العدالة تكون محققة من قوانين وإجراءات سارية أمام المحاكم في تلك اللحظة وأن العامة لديهم علم بتلك الاجراءات, أما عيوب هذه المحاكمات فهي أنها تخضع لاجراءات طبيعية من الممكن أن يتم فيها إخفاء أدلة ومستندات, ومن الممكن أيضا أن تستمر لفترات طويلة وتلك هي العيوب الواضعة في محاكمة نظام مبارك. ولكن في النهاية وكما يضيف محمد زارع استقرت العدالة في مصر علي ضرورة أن تكون المحاكمات عادلة وعادية أمام القضاء الطبيعي, حتي لايتم وصم الثورة المصرية بأنها جاءت للانتقام وانها تقوم علي إجراءات ظالمة, وعلي أحكام قاسية مبالغ فيها وايضا فإن المحاكمات العادية لها منفعة إضافية دولية بمعني أن دول العالم بمتابعتها للمحاكمات فإنها تتعاون مع تلك الاحكام, فمثلا موضوع استرداد الاموال وايضا تسليم مطلوبين غالبا ما تشترط دول العالم تسليم الاموال والمطلوبين يكون مرهونا بتحقيق العدالة, وأن تكون المحاكمات قضائية طبيعية وغير إستثنائية...