بدأت الأزمة السورية تأخذ منحي جديدا, بعد تغيير بعض حكام المنطقة المؤثرة في هذه الأزمة, وهي مصر وقطر وإيران, خاصة مع زيادة قوة بشار الأسد وصموده علي الأرض أمام قوات المعارضة واستعادة السيطرة علي بعض المدن والمناطق التي حررها الجيش الحر مما أعاد الخلل العسكري في الموازين ويرجح كفته وتماسك جيشه وهي نتيجة حتمية لشبكة المصالح المعقدة والمتعارضة للدول في المنطقة, خاصة أن الأزمة السورية تجاوزت مطالب الشعب السوري بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية, لتمتد إلي مطالب القوي الاقليمية والدولية التي تقود إلي صياغة جديدة للأزمة مع استمرار دعم روسيا والصين للنظام السوري, وزيادة الدور الإيراني في الأزمة لتصبح إيران لاعبا مهما وأقوي تأثيرا من تركيا في هذه الأزمة. ولاشك أن تغيير بعض قيادات المنطقة سيغير من أسلوب التعاطي مع الأزمة السورية, وربما يأخذ ذلك الشكل الدبلوماسي والحوار بدلا من الاقتتال والحرب, خاصة مع تراجع الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تسليح المعارضة السورية, وإعلان كل من بريطانيا وفرنسا عدم إرسال السلاح قبل أغسطس المقبل, رغم مساهمتهما في إلغاء الاتحاد الأوربي للقيود المفروضة علي تسليح المعارضة السورية في مايو الماضي. ويمكن القول إن تغيير النظام في مصر أعطي بشار الأسد قبلة الحياة, علي نحو يدفع نظامه إلي المزيد من الصمود وربما يفتح له نافذة لعودة العلاقات مع القاهرة, وهو ما بدت بوادره تلوح في الأفق عبر اتفاق الجانبين علي الاحتفاظ بعلاقات قنصلية بينهما بعد إزاحة نظام الإخوان المسلمين المساند للمعارضة السورية, ووصف بشار له بأنه نظام فاشل وسقوط للاسلام السياسي, بعد أن قطع النظام المصري السابق العلاقات مع سوريا واغلق السفارة السورية في القاهرة وسحب القائم بأعمال السفير المصري في سوريا, الأمر الذي ربما يتغير بعد عزل مرسي فضلا عن تراجع دور الإخوان المسلمين في سوريا رغم أنها الجماعة الأكثر معارضة والتي تمتلك الأصوات اللازمة لترجيح كفة أحد المرشحين. كما يبدو أن تغيير القيادة في قطر وتخلي الشيخ حمد عن إمارة الدولة الخليجية, الأكثر تأثيرا إلي ابنه وولي عهده الشيخ تميم, سيكون له دلالات وانعكاسات سلبية علي المعارضة السورية, خاصة أن السياسة القطرية الجديدة ستركز بشكل كبير علي ترتيب البيت الداخلي, كما أن فوز حسن روحاني- المحسوب علي التيار الإصلاحي الأكثر انفتاحا- في انتخابات الرئاسة الإيرانية سيكون المفتاح الدبلوماسي لحل الأزمة السورية, بعد ترحيب الولاياتالمتحدةالأمريكية بالتعاون مع إيران خاصة أن روحاني يدعم التوجهات السلمية والدبلوماسية لحل الصراع في سوريا, مع اقتراب انتهاء الفترة الرئاسية لبشار واجراء انتخابات جديدة في عام2014. وربما يساهم انتخاب أحمد الجربا رئيسا للائتلاف السوري المعارض وإعادة تشكيله, في وضع حل حقيقي للأزمة في الفترة المقبلة, خاصة بعد توحيد قوي المعارضة وانهاء الخلافات بينها لمواجهة النظام, ورغم استبعاد المعارضة الحل السلمي والدبلوماسي بسبب الميثاق الذي تم التوقيع عليه مسبقا بعدم الحوار مع النظام, الا أن الائتلاف سيتخذ موقفا موحدا من المشاركة في مؤتمر جنيف2 الذي تسعي الولاياتالمتحدةوروسيا إلي عقده للتوصل إلي حل سياسي للأزمة. وسبق للائتلاف أن أعلن أنه لن يشارك في هذا المؤتمر ما لم يتوقف دعم إيران وحزب الله لنظام الأسد, وخرج الجربا ليقول إنه لن يشارك قبل تعديل الموقف العسكري علي الأرض. بيد أن هناك أولويات لرئيس الائتلاف المنتخب, ومنها تسليح المعارضة وإذا ما نجح في هذه الخطوة فسوف تساهم في دعم المعارضة معنويا وآليا لتقترب أولي بوادر النصر خاصة أن الائتلاف طالب الدول الكبري بالوفاء بالتزاماتها وتسليح المعارضة السورية لمقاومة قوات الأسد المدعومة بمليشيات' حزب الله' وإيران وهو ما يكشف النية الحقيقية لهذه الدول بعد إعلانها عن تسليح المعارضة وهو ما لم يتم حتي الآن, كما أن من أولويات الجربا إقامة أجواء مصالحة وطنية بين القوي المعارضة, وإنهاء الخلافات وتوحيد الجهود في مواجهة النظام, ومتابعة مستجدات وتطورات الوضع في الداخل السوري.