ما أشبه اليوم بالبارحة .. وكأن حكامنا لا يتعلمون درسا من التاريخ القريب ، مما يطرح تساؤلا هل كرسي الرئاسة مغلفا بالعناد وإغفال رؤية هدير الشعب إلا بالتأييد فقط ، والمكابرة عن تدارك الأخطاء إلا بعد فوان الأوان، والتعنت حتي لفظ الأنفاس إلي نقطة اللأعودة فتصبح النتيجة فقد الشرعية الشعبية التي هي أساس الملك والتمسح بالشرعية الدستورية المنبثقة منها ، واللجؤ إلي التحريض بالعنف من المؤيدين للتبرير التشبث بالسلطة للوصول إلي الاقتتال الأهلي لكتابة نهاية مأساوية بديلا لتخليد التاريخ بالمحافظة علي اللحمة الوطنية والمؤتمن الوحيد للرئيس الشرعي تجاه شعبه . نعم ما أشبه ليلة خطاب المخلوع بالمعزول المتأخرة لهما والتي أوضحت العناد وبث روح الإنقسام وعدم الوطنية ، والبعد عن مواجهة اللحظة الحاسمة والظرف الدقيق الذي يواجه المصلحة العليا للبلاد وأمن الشعب العظيم والنزول إلي طلباته الواجبة النفاذ بعد إستنزاف صبره وفقد امنه وتحقيق طموحاته المشروعة وضياع احلامه في حاضره ومستقبله ، والعناد في التنازل عن وجاهة الرئاسة الزائلة ، والأعتراف أنه حان وقت الرحيل بعد إسترداد تكليف مانح الشرعية الوحيد في مظاهرات شملت إرجاء المحروسة من جميع طوائف محافظات وربوع المحروسة في مشهد لنزول تاريخي سجلته موسوعة جينيس بأنه أكبر تجمع بشري في التاريخ معلنا تخلي الشعب عن رئيسه المنتخب بل قبله مؤسسات الدولة جميعا ، مما أوجب وقوف القوات المسلحة ملبية نداء الإرادة الشعبية خاصة بعد خطاب الدم للرئيس المعزول مثل وقوفها سابقا بعد خطاب المخلوع ، الذان قسما أبناء الوطن الواحد وتنبؤ وقوع أحداث دموية وتكرار موقعة الجمل إلي مواقع أكثر دموية وهو ما حدث ، ومما وجب عليها عدم الوقوف مكتوفة الأيدي بعد زوال الشرعية الدستورية عن رئيس لا يستخدمها إلا إلتفافا مثل الطغاه للبقاء في السلطة علي أنهار الدم بقوله " أنه سوف يكون شهيدا للشرعية " ، والفرق الوحيد بين مشهدين المخلوع أنه قسم الثوار في خطابه إنما خطاب المعزول وحد الثوار بعد هرتلته أنها ثورة فوتوشوب وتهديده بإعلان حربا أهلية بدعوة أنصاره للخروج في كل الميادين والتضحية بكل غال ونفيس ، ولكن ضد من مما أفقده شرعيته الشعبية والدستورية في حماية البلاد والعباد وأحترام القانون والدستور. والآن يجب أن يتحدث عقلاء الأمة لوقف نزيف دم الميادين ومنع الاقتتال الشعبي وتلويث الأيدي بدماء المصريين للساسة ومحرضي العنف من المؤيدين والمعارضين علي السواء للتأكيد أن مصر لن تركع لأحد بعد الآن وأن قرارها من أبنائها الشرفاء وحدهم ، وأن يعمل الجميع دون إقصاء أو قرارات إستثنائية دون إقصاء لأحد وعلي الجميع أن يعمل فقط لصالح مصر ، وأن يصل صوتا واحدا للعالم أجمع أن ما حدث تصحيحا لثورة يناير الشعبية وتجنب أخطاء سابقة معترف بها من الجميع ، وأن تدخل القوات المسلحة جاء تلبية للإرادة شعبية طاغية ، وتعنت من الرئاسة بالقبول بالحد الأدني لتجنب البلاد حرب أهلية طاحنة ، ووجب حماية هذه الإرادة التي تتغلغل في العقيدة العسكرية الراسخة في حماية البلاد دون التحيز لجماعة أو فصيل وإنما للشعب المصري العظيم وحده ، وأن الوطن يسع الجميع من خلال مصالحة وطنية تشمل الجميع والتيارات الإسلامية وحق العيش في دولة مدنية ديمقراطية حديثة دون أقصاء طرف من أجل وحدة الصف في مواجهة التحديات الكبيرة وتحقيق أهداف ثورة الشعب في 25 يناير 2011 وتوابعها في 30 يونيو 2013 عيش حرية عدالة اجنماعية وكرامة إنسانية. والآن فقد حسم الأمر ويجب تغليب صوت الضمير الوطني من الجميع ووقف الاقتتال الشعبي فورا من كل فرقاء الوطن الواحد ، وبدء مصالحة حقيقية مجتمعية وإن ما حدث ليس إنقلابا عسكرية ولكن تدخلا ضروريا لحماية الدولة وتماسك الوطن ، وتأكيد من قيادات القوات المسلحة بالبعد عن إي دور سياسي بل للثورة شعب عظيم بشبابه الأطهار وجيش يحميها ويحرسها فقط ، وأن الوطن سيبدأ مرحلة جديدة كان يجب بدأها منذ 11 فبراير2011 لجميع القوي الوطنية دون تهميش أو إقصاء أو تمييز إلي وحدة الصف ونبذ الصراع والخلاف ومصالحة سياسية ومجتمعية شاملة ، وطوي لصفحات بعيدة عن الروح المصرية من تربص وكراهية واحتقان وصراع بين المؤسسات نحو هدف واحد بناء مصر الجديدة التي يحلم بها جميع المصريين دون أستنثاء وناضل من أجل تحقيقها بالغال والنفيس ودم شبابه ورد الجنان، والتشبث بحسن إدارة المرحلة الإنتقالية وأولوياتها الواجبة وتجنب أخطاء أرتكبناها جميعا بعد أن ضللنا الطريق السليم من الأول تحت تأثير الأنتقام الأعمي ، ووجب التصحيح وحان وقت العمل المشترك لصالح هذا الوطن والبلد العظيم بشعبه وتاريخه وحضارته التي تبهر العالم أكثر من تراثه الأثري العظيم ، والبدء فورا في مرحلة بناءه بعيدا عن إلصاق كل الخطايا بجماعة الإخوان أو ألقائهم في السجون والمعتقلات فهم من نسيج الوطن ولهم كتلة كبيرة يجب الإعتراف بها وأنهم أرتكبوا أخطاء قاتلة طوال عام كامل نتيجة عدم الكفاءة وسوء الإدارة وفشلهم في مواجهة الدولة العميقة ولكنهم ليسوا لصوصا أو فاسدين ، ولهم ما لنا وعليهم ما علينا بل من حقهم المشاركة دون إقصاء مثل ما فعلوه كمصريين ، ولكن يجب عليهم أولا وخاصة من قيادات الجماعة وعلي رأسهم الرئيس المعزول الخروج للشعب للأعتراف بذلك ومخاطبة مؤيدهم من أجل التهدئة وتغليب الحس الوطني ومنع سيل الدماء الطاهرة ، وإستكمال فرحة الشعب المصري بفرحة دخول شهر رمضان الكريم غدا ، وإن يتقوا الله في شبابهم فلا يدفعوا بهم إلي آتون معركة محسومة النهاية وتحسين أوضاعهم التفاوضية لخروج آمن .. فقلوب الأوطان لا تقتحم وإنما تطرق برفق فتفتح مغاليق القلوب ، حماه الله مصرنا الحبيبة . [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ