لم تكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا من مظاهرات في إسطنبول وأنقرة وبعض المدن الأخري بعيدة عن أجواء مناقشات المؤتمر الأول للمرأة فيالشرق الأوسط الذي استضافته مدينة ديار بكر آميد بتركيا واستمر لمدة ثلاثة أيام, فالمناقشات التي دارت بالمؤتمر تأثرت تلقائيا بالتوتر الحاصل في تركيا خاصة أنها ليست ببعيدة عن الأحداث, فهي جزء أصيل محاط بما يجري في بلداننا, لاسيما أن المؤتمر بحث تجارب حركات المرأة في الشرق الأوسط ودورها في التغييرات السياسية الأخيرة وقضايا النضال المشترك لحركات المرأة ووقف التمييز. نظم المؤتمر حزب السلام والديمقراطية الكردي, وشارك فيه250 إمراة يمثلن26 دولة منها مصر وسوريا والعراق وفلسطين وإيران والهند ونيبال, وأكدت جولتان كيشاناك رئيسة الحزب في كلمتها الافتتاحية رفضها لتحويل حديقة جيزي التي يخرج إليها الناس للتنزه, وتعد جزءا أصيلا من معالم اسطنبول إلي مبني تجاري, مستنكرة استخدام السلطات التركية العنف لوقف المظاهرات, وهو ما أيدها فيه جميع الوفود المشاركة في المؤتمر, وأشارت إلي أن المؤتمر كان نتاج نضال المرأة الكردية التي تعرضت ومازالت تتعرض للاضطهاد والعنف والاعتقال من قبل السلطات التركية, كما قرر المشاركون به أن يكون التاسع من كانون الثاني يوما لتكريم المرأة في جميع أنحاء العالم, وهو ذكري وفاة شهيدات النضال الكردي الثلاث وهن ساكينا جانسز وفيدان دوغان وليلي شايلمز, وأيضا أن تكون المرأة ممثلة بشكل أساسي في مفاوضات السلام المستمرة بين عبدالله أوجلان القائد الكردي المعتقل والدولة التركية, مع ضرورة الإفراج عنه وتحريره. ورغم تعدد واختلاف الجنسيات إلا أن مشكلات المرأة تشابهت في معظم الدول, فهي مازالت تتعرض للاضطهاد والعنف الجسدي والنفسي, ولا تحظي بفرص عمل متساوية مع الرجل, لذا أكد جميع الحضور بالمؤتمر أهمية مشاركة المرأة الفعالة من أجل الحرية واعتبروها خطوة ضرورية ومهمة لإعادة بناء المجتمعات مرة أخري, خاصة في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد ثورات وانتفاضات في الشرق الأوسط كله ضد الفساد والأنظمة المستبدة. الملفت للانتباه خلال أحداث المؤتمر هو اتفاق الوفدين المصري والفلسطيني علي ضرورة تحديد من هو العدو ولم تكن الإشارة إليه ضمنية, وإنما جاءت واضحة كالشمس, فالعدو الذي تحدثت عنه المرأة المصرية والفلسطينية هو الصهيونية والإمبريالية. الوفد المصريضد التمويل الأجنبي المسروق شاركت مصر في المؤتمر بوفد شعبي كان له حضور قوي, ضم شاهندة مقلد الناشطة النسائية وعضو جبهة الإنقاذ ودرية عوني الناشطة الصحفية, ود.كريمة حفناوي عضو مؤسس في حركة كفاية, وسحر طلعت مراسلة إذاعة راديو فرنسا الدولي, ونور الهدي زكي عضو الإتحاد الوطني للتغيير والتي اختارها الوفد المصري لتمثله في لجنة صياغة التوصيات النهائية للمؤتمر, والناشطة رباب المهدي, وسميرة إبراهيم منسقة حركة اعرف حقك, بالإضافة إلي4 أخريات, وأكد الوفد دعمه للقضية الكردية ورفضه للظلم والتعسف الذي يتعرض له الأكراد, كما ناقش مشكلات المرأة في مصر بصفة عامة والتي تمثلت في التهميش وعدم المساواة مع الرجل وتجاهلها في الدستور الجديد, وطرح مشكلات الفلاحة المصريةوالتي تناولتها شاهنده مقلد في كلمتها, بصفتها مشاركة في تأسيس اتحاد الفلاحين المصريين- الذي كان بصفة غير رسمية حتي قيام ثورة25 يناير فتم الاعتراف به رسميا- كما استنكرت ما فعلته المنظمات المدنية التي حصلت علي ملايين الدولارات لدعم المرأة الريفية ولكنها لم تفعل لها شيئا علي الإطلاق حيث الواقع المعاش لم يتغير, وتحدثت أيضا عما سمته الفاشية الدينية التي تتحكم في العديد من الدول ذات الثروات المتنوعة, وقد اعترضت شاهنده مقلد علي البيان النهائي للمؤتمر قائلة إنه ينقصه مقدمة سياسية تحدد إتجاهاته. وأوضحت نور الهدي زكي أن مشاركة الوفد المصري في المؤتمر كانت بعد الاطمئنان إلي أن المؤتمر لا يشارك به أي إسرائيليات, كما أكدت رفضها للدستور الجديد والذي لم ينظر إلي المرأة وبدا وكأنها ليست إلا كيانا مهمته الإنجاب ومتعة الرجل, فكان أول ما كان منه اختيار لجنة لتأسيس الدستور ليس بها امرأة إلا من كان اختيارهن للديكور فقط. و أكدت سحر طلعت علي دور المرأة في الإعلام خاصة في هذه المرحلة الخطيرة والإضطهاد الذي تتعرض له في كثير من الأحيان, مثل د.إيناس عبدالدايم مديرة الأوبرا التي تم إقالتها تعسفيا بدون ذكر أسباب, كما ذكرت أن الإعلام لا يسمح لأي ضيف في التليفزيون المصري أن ينتقد أو يسيء للنظام. الناشطات الكرديات: حق التعليم باللغة الأم كان من أبرز وفود المؤتمر أعضاء حركة النساء الحرائر الديمقراطية, وهي حركة أسستها مئات من الناشطات الكرديات اللواتي يعملن في مجالات متنوعة تتضمن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات التي تعني بالمرأة, ودعت أعضاء الحركة إلي الاعتراف بحق التعليم باللغة الأم حقا دستوريا. حرائر سوريا: ضرورة مشاركة المرأة في الدستور الجديد لم تختلف كثيرا مشكلات المرأة السورية عن بقية الدول, فأكد الوفد السوي ضرورة المشاركة الفعالة للمرأة في تشكيل دستور جديد للبلاد وربطه بمواثيق تضمن حقوق المرأة. فلسطينياتضد تكبيل الحريات وأيضا المرأة الفلسطينية لم تكن بعيدة عن تلك المناقشات, فأكد الوفد الفلسطيني- وعلي رأسه ليلي خالد الفدائية الفلسطينية- أهمية استرداد الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وبناء دولته الوطنية المستقلة.