مع سقوط مدينة القصير السورية بأيدي مقاتلي حزب الله والنظام السوري وحصار أكثر من ألف جريح من الجيش السوري الحر داخل المدينة حتي تدخل الأممالمتحدة لإخراجهم للعلاج، تبدل الوضع داخل سوريا لصالح نظام بشار الأسد مدعوما من إيرانوروسيا والصين ومقاتلي حزب الله, مما وضع المعارضة المسلحة في مأزق التشتت وقلة السلاح مع إصرار الغرب والمجتمع الدولي علي عدم تسليح المعارضة علنيا وإن كانت تتلقي الدعم اللوجستي من دول الخليج البترولية بحجة حماية السنة في سوريا من حرب الإبادة التي تتعرض لها علي أيدي قوات النظام السوري المدعوم عسكريا من حزب الله وإيران. ومع تدخل حزب الله لصالح الأسد إزداد الموقف الروسي صلابة تجاه الغرب وأمريكا مما يهدد مؤتمر جنيف2 الذي سيعقد هذا الشهر لبحث الأزمة السورية. ومن ناحية أخري أدي سقوط القصير وإصرار حزب الله علي الاستمرار في القتال لصالح نظام الأسد إلي إرباك قوي المعارضة المسلحة التي إستنجدت بالأممالمتحدة لإجلاء جرحاها المحاصرين داخل القصير للعلاج, كما إتهمت الولاياتالمتحدة بشار الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية في الصراع ضد المعارضة المسلحة والمدعومة معنويا وإعلاميا من الغرب, وماديا من الخليج, مما يضعف موقف النظام السوري في حربه المعلنة ضد المعارضة, بحجة أنه يقود حربا ضد قوي غير سورية تريد القضاء علي آخر قلاع المقاومة والصمود في وجه المشروع الأمريكي الصهيوني, بينما يري داعمو المعارضة بأنهم يدعمون المعارضة المسلحة في جهادها المقدس ضد ما أسموه المشروع الإيراني في سوريا لمساعدة نظام بشار الأسد العلوي ضد السنة في سوريا. ومع اشتعال المظاهرات المنددة بالنظام في تركيا فقدت المعارضة المسلحة ظهرا قويا في حمايتها شمالا من هجمات الجيش السوري النظامي. ومع إصرار حزب الله علي الحرب لصالح الأسد ومع تشتت المعارضة السورية المسلحة بعد سقوط القصير, شهد الشارع السني في الدول العربية مظاهرات حاشدة لدعم المعارضة في سوريا, حيث أصدر الشيخ يوسف القرضاوي فتوي تبيح الجهاد في سوريا إلي جانب المعارضة ضد نظام الأسد, كما حضر الشيخ السعودي محمد العريفي لخطبة الجمعة الماضية بمسجد عمرو بن العاص بالقاهرة, لتكون الخطبة المذاعة في وسائل الإعلام المصرية الرسمية دعوة للجهاد في سوريا لنصرة أهل السنة الذين يتعرضون حسب قولهم إلي حرب إبادة من نظام الأسد وإيران وحزب الله,ليصبح وصف الحالة بين نظام الأسد ومعارضيه, بأنها حرب مذهبية بين السنة المعارضة ومن يساندها من مقاتلين وردوا إلي الداخل السوري من كل حدب وصوب وبين نظام الأسد العلوي مدعوما من الشيعة في إيران وحزب الله اللبناني, لتتحول الثورة السورية المستمرة منذ أكثر من عامين للحصول علي الديمقراطية, إلي حرب مذهبية قد تمتد نيرانها إلي المنطقة العربية بأسرها في وجود قلاقل مستمرة بالبحرين ذات الأغلبية الشيعية وكذلك شرق السعودية ذات الوجود الشيعي, وذلك بعد الترويج الإعلامي غير الصحيح والمغلوط والذي يصف تدخل حزب الله في سوريا بحماية المراقد والمقدسات الشيعية في دمشق وغيرها من هجمات محتملة للسلفية الجهادية وجبهة النصرة المنبثقة عن القاعدة في حربها ضد نظام بشار الأسد,بينما يري الآخرون المعارضة وداعموها من العرب أن المعارضة تقاتل الأسد دفاعا عن السنة. أما الغرب أمريكا وأوروبا فيدعمون المعارضة المسلحة نكاية في النظام السوري وإيران وحزب الله, بينما يظل الموقف الروسي واضحا في دعمه للأسد حماية للقواعد العسكرية الروسية في اللاذقية وبانياس السوريتين, وكذلك الموقف الصيني حفاظا علي مصالحه الاقتصادية في التنقيب عن البترول والغاز بشمال سوريا والبحر المتوسط, بينما يظل الموقف الإيراني علي ثباته في النظر إلي العلاقة مع سوريا لخدمة المقاومة الشيعية في لبنان حزب الله لتظل شوكة في ظهر إسرائيل لتضغط بها إيران علي الغرب وأمريكا في مفاوضاتها النووية, ولأن سوريا هي الممر الوحيد لإيران علي البحر المتوسط. ونظرا لتشابك المصالح بين الجميع داعمي المعارضة وداعمي الأسد فإن الوضع السوري حاليا يشبه بيت العنكبوت في تشابك خيوطه, فبالرغم من دعم الغرب وأمريكا للمعارضة المسلحة فإن هذا الغرب يرفض إقامة منطقة حظر طيران فوق سوريا لحماية الجيش السوري الحر وذلك خوفا من الصواريخ والطيران السوري, كما أن روسيا والصين يعارضان الحظر الجوي, مما يهدد مؤتمر جنيف2 لبحث الأزمة السورية بالفشل نظرا لعدم اتفاق المشاركين علي خطة البحث مع تسلط كل فريق علي مطالبه ومقترحاته للحل. ومن ناحية تركيا الداعمة للمعارضة المسلحة فقد خفت صوتها ودعمها في ظل الأحداث الداخلية العاصفة من المظاهرات ضد الحكومة والنظام في تركيا. وعلي الجانب الإسرائيلي فإن تل أبيب تؤيد وتحث الغرب علي زيادة محاصرة النظام السوري نكاية في حزب الله وإيران ولإضعاف ماتبقي من الجيش السوري في مواجهة إسرائيل. وبعيدا عن إيران وحزب الله وتركيا وإسرائيل وأمريكا والغرب وروسيا والصين, فإن مايحدث علي الأرض السورية بوضعه الحالي لايمكن توصيفه بالثورة بين الشعب المتعطش للحرية والديمقراطية وبين نظام مستبد ويفرط في استخدام القوة بكل أنواعها, إنما هي حرب ذات أبعاد إقليمية يشارك فيها الجميع ولا يدفع ثمنها إلا الشعب السوري الأعزل الذي فقد استقراره ولقمة عيشه ورب أسرته, في ظل الدعاوي المحرضة من الجانبين لزيادة وتيرة الصراع والقتال تحت مسمي الشيعة التي تحمي المقدسات والسنة التي تدافع عن الناس الذين يتعرضون لإبادة جماعية من النظام العلوي, فهل تمتد الحرب الشيعية السنية من سوريا إلي لبنان وبقية المنطقة العربية لتنجر إيران إلي المستنقع بحجة الدفاع عن الشيعة,وتنجر الدول العربية السنية خاصة السعودية ومصر وتركيا ومعها الغرب بكل جحافله بحجة الدفاع عن السنة وفي حقيقة الأمر للدفاع عن المصالح الغربية وكراسي الحكم من المد الصفوي الإيراني وتزايد قوة الهلال الشيعي الممتد من العراق لسوريا لحزب الله؟