وسط إجراءات أمنية مشددة, عاشت العاصمة الإيرانيةطهران أمس الأول ليلة من الاحتفالات الشعبية الحاشدة للاحتفال بفوز رجل الدين المعتدل حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية ورحيل سلفه المتشدد محمود أحمدي نجاد, حيث ردد آلاف الإيرانيين شعارات مؤيدة للتيار الاصلاحي ومطالبين بالمزيد من الحريات. وفي خضم حالة الرضا التي سيطرت علي الشارع الإيراني, وجه الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني أول رسالة للمواطنين بعد فوزه, أكد فيها أن الفائز الحقيقي في الانتخابات هو الشعب الإيراني الواعي والهادئ المفعم بالأمل. كما اعتبر فوزه في الانتخابات انتصارا للاعتدال علي التطرف,كما انتهز الفرصة لمطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بحقوق إيران النووية. وأوضح روحاني في بيان بثه التليفزيون الرسمي أن هذا الانتصار هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم علي التطرف. وأضاف أنه ينتهز الفرصة الناتجة عن هذه الملحمة الشعبية, لمطالبة من يتغنون بالديمقراطية والتفاهم والحوار الحر( الدول الغربية) بالتعامل باحترام مع الشعب والاعتراف بحقوق الجمهورية الاسلامية, حتي يتلقوا ردا ملائما, في إشارة إلي المفاوضات النووية المتعثرة مع الدول الكبري. وأكد أيضا أن الوجود القوي للشعب سيجلب الهدوء والاستقرار والأمل علي الصعيد الاقتصادي. كما أعرب روحاني عن امتنانه للمرشد الأعلي آية الله علي خامنئي معتبرا نفسه بمثابة ابنه الأصغر, فضلا عن إشادته بدور الرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي اللذين أيداه في حملته الانتخابية. كما أشار إلي أن الشعب الإيراني خطا خطوة واسعة وراسخة لتحقيق العزة والمصلحة القومية والإدارة المبنية علي الاعتدال والإصلاح والتدبير عبر إيمانه بالحق والثقة بسيادة الشعب الدينية. وجدد وعوده الانتخابية, مؤكدا أنه سيبذل ما بوسعه لتحقيقها بدعم من أبناء الشعب وأشار إلي الحضور الملحمي للجماهير في المسرح السياسي واعتبر أن هذا الأمر يبشر بالاستقرار والأمل في القطاع الاقتصادي وتسريع عجلة الإنتاج في البلاد وتوفير فرص عمل جديدة. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية, دعا روحاني الدول الكبري إلي إحلال السلام والاستقرار من خلال تعزيز العلاقات مع طهران استنادا إلي المصالح المتبادلة. واختتم كلمته بالإشادة بالجهود التي بذلها الرؤساء السابقون والقائمون علي إجراء الانتخابات في مجلس صيانة الدستور والسلطات الثلاث ووزارة الداخلية واللجان التنفيذية والرقابية وقوي الأمن الداخلي لدورهم البناء في العملية الانتخابية الأخيرة. وفي تأكيد وحدة الصف الإيراني, أعرب الحرس الثوري الإيراني عن استعداده الكامل للتعاون مع إدارة الرئيس المنتخب حسن روحاني. ووصفت قيادة الحرس الثوري الأمة الإيرانية بأنها الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات, كما قدموا التهنئة لخامنئي والأمة الإيرانية النبيلة وروحاني علي الانتصار الكبير الذي حققه خلال الانتخابات.واعتبر البيان أن المشاركة الشعبية والحماسية في العملية الانتخابية فتحت فصلا جديدا في الحركة التقدمية للثورة الإسلامية والتنمية في البلاد. وفي الوقت ذاته, أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أن تغيير الإدارات لن يؤثر علي سياسات طهران تجاه الدفاع عن حقوقها النووية, وشدد علي أن الجمهورية الإسلامية مستقلة عن كل القوي العالمية والكتل السياسية, مشيرا إلي أن بلاده تعتمد علي شعبها. وأضاف المسئول الإيراني أن بلاده كانت قادرة علي تقديم سياسات جيدة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية الرئيسية مثل فلسطين ولبنان والعراق. وانعكس الترحيب الرسمي بالرئيس المنتخب علي الصحف الإيرانية, حيث رحبت كافة الصحف بمختلف توجهاتها أمس بانتخاب روحاني رئيسا للجمهورية الاسلامية, مشددة علي التعبئة الواسعة للناخبين من أجل الاعتدال في مواجهة التطرف. وحملت صحيفة أرمان في قلب صفحتها الرئيسية عنوان أشرقت شمس الاعتدال, بينما تحدثت صحيفة اعتماد عن ترحيب إيران بشيخ الأمل ونشرت علي صفحتها الاولي صورة لروحاني وهو يبتسم ويرفع اشارة النصر. أما صحيفة شرق الاصلاحية, فرأت أن انتخاب روحاني يعني أيضا عودة الأمل وانتصار الإصلاحيين والمعتدلين الذين وحدوا قواهم في مواجهة المحافظين المنقسمين الذين توزعت اصواتهم علي اربعة مرشحين. ولم يحظ روحاني بنفس الترحيب من قبل الأصوات المعارضة للنظام الإيراني في الخارج, فقد نددت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس مريم رجوي بالانتخابات الرئاسية التي جرت في بلادها, معتبرة أنها مسرحية هزلية انتهت بسرعة من الجولة الأولي خوفا من انتفاضة شعبية. وأضافت أن ظهور الملا روحاني, الشخص الذي كان مشاركا في جميع جرائم النظام منذ البداية, في هيئة شخص معتدل لاينطلي علي أحد, مؤكدة أنه لا يمكن إنكار دوره في قصف قواعد مجاهدي خلق في التسعينيات من القرن الماضي. أما منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة فقد وصفت الهجمات الصاروخية التي استهدفت مخيم ليبرتي للمعارضين الايرانيين بالعراق أمس الأول بأنه رد فعل جبان من جانب خامنئي علي أزمة سقوط نظامه ومقاطعة مسرحية انتخاباته. وكانت رجوي قد استنكرت هي الأخري الهجمات التي أسفرت عن مقتل رجل وامرأة من أعضاء مجاهدي خلق وإصابة50 شخصا آخرين.