معاملة الطفل بعنف أو رؤيته للعنف يؤثر علي شخصيته ونفسيته وعقله.. وضرب الطفل هو شكل من أشكال العنف الذي يمارسه الآباء في المنزل والمدرسين في المدارس . وهو سلوك يرفضه علماء التربية والنفس والاجتماع لأنه أقل وسائل التربية نجاحا, حيث يكون الضرب علاجا ظاهريا مؤقتا يلغي أسلوب الحوار والإقناع بين الطفل وذويه أو معلميه.. والضرب حسب قول د. عادل المدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يولد لدي الطفل فقدان الثقة في ضاربيه وعدم يتجاوبه معهم, وقد يصل الأمر إلي كراهيتهم, وتصبح العلاقة بين الطرفين مبنية علي الخوف وليس الاحترام والتقدير, ويقتل الضرب أيضا المشاعر الإيجابية داخل الطفل فيصبح ضعيف الشخصية أو يجعله منقادا لكل من يملك سلطة أو قوة أو نفوذ بسبب الخوف الذي يتملكه, وقد يدفعه ذلك إلي الانحراف بسبب انقياده لرفقاء السوء.. بل يتولد لديه العناد والعدوانية أوفقدان الثقة بالنفس الذي قد يصل لحد الانطواء والخجل والميل إلي العزلة, كما أنه يتأخر في تحصيل دروسه ولا يكون لديه طموح وقد يشعر بالدونية, ويصاب الطفل أحيانا ببعض الاضطرابات النفسية مثل القلق والخوف والكوابيس الليلية, بل ان الضرب المتكرر للطفل خاصة علي الرأس والوجه-كما توضح د.آن ميكي الأستاذة بكلية الطب جامعة بوسطن- يمكن أن يسبب أمراضا عصبية مثل مرض الألزهايمر الذي يفقد المخ وظائفه. ويحذر د.عادل أيضا من مشاهدة الأطفال لأمهاتهم وهن يتعرضن للعنف والاعتداءات البدنية خاصة من الآباء لأن معايشة العنف في البيت قد يولد لدي الطفل شعورا بعدم الأمان وفقد الإحساس بدفء الأسرة وله عواقب وخيمة علي الصحة العقلية للطفل وقدرته علي التفاعل مع المحيطين, كما أنه يصبح عنيفا عدوانيا, وهذا ما أكدته دراسة جديدة أجراها الباحثون بمركز أبحاث خدمات المراهقين في ساندييجو بقيادة أندريا الهازن والذين حصلوا علي بيانات2020 أسرة أمريكية من سلطات حماية الأطفال التي اشتبهت في سوء معاملة هؤلاء الأسر لأطفالهم أو إهمالهم, فوجدوا أن الأمهات اللائي ذكرن أنهن تعرضن لإساءة معاملة خطيرة من جانب شركائهن, سواء كانت ضربا أو خنقا أوتهديدا بسلاح, كن أكثر عدوانية تجاه أطفالهن واستخدمن العقاب البدني في تقويم سلوكهم مما أنتج مشكلات عاطفية وسلوكية أكثر لهؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين أربع سنوات و14 عاما. ولأن طفل اليوم هو أب الغد.. لذا يوجه د. عادل نظر الآباء والأمهات إلي أن الخلافات الزوجية يجب أن تكون بعيدة عن أنظار الصغار. ولا بد أن يبني الآباء جسرا من المودة والحب مع أطفالهم ويبتعدوا عن أسلوب الزجر والعنف سواء البدني أو المعنوي لينشأ الأبناء أسوياء حتي لا يكرروا مع أبنائهم ما فعله آباؤهم معهم.