الإعلام الحديث يتطلب فكرا متطورا وعصريا حتي يستطيع المنافسة في ظل الصراع الفضائي علي جذب المشاهد والإعلانات علي حد سواء. تلك حقيقة أدركتها من خلال زيارتي لبيروت لمشاهدة حلقتين من حلقات برنامج' أراب أيدول' علي قناتي'mbc1 وmbc مصر', ومن حسن الحظ أن حلقتي الأسبوع الماضي كانتا من أفضل الحلقات سخونة وجاذبية لوجود' الكنج' محمد منير الذي امتع الجمهور بأفضل أغانيه, بالإضافة للتألق الواضح للمتسابقين, وإرتفاع مستواهم من حلقة لأخري. وإذا عدنا للبرنامج فالحقيقة ادون مجملة أنه استطاع جذب المشاهدين إليه من كل الأقطار العربية, وبصورة لافته للنظر, وهو ما يضعه من البرامج التي يمكن أن تكون في المقدمة بالنسبة لبرامج المنوعات والمسابقات, وهناك عدة أسباب ساعدت علي نجاح هذا البرنامج, ومنها الفكرة نفسها والتحضير الجيد قبل بث البرنامج, حيث تستمر مسابقة اختيار الأصوات في مراحلها الأولي عدة شهور قبل الظهور علي الشاشة, فضلا عن وجود إمكانات مادية كبيرة حتي يخرج بالشكل المناسب, علاوة علي توافر إمكانات الإخراج والتقنيات الحديثة التي جاءت علي أعلي مستوي وإستضافة مجموعة من أفضل المطربين والمطربات للغناء في كل حلقاته. البرنامج إستضاف محمد منير وسميرة سعيد وأمال ماهر ونوال الزغبي ورامي عياش وغيرهم كما استطاعوا التعاقد علي لجنة تحكيم متنوعة, ولها ثقلها ومكانتها في مجال الأغنية, وهم' نانسي عجرم' التي انضمت للبرنامج هذا العام وأعطت له ثقلا وجاذبية بخفتها وأناقتها وإسلوبها الرقيق, وأحلام التي تمتلك شعبية كبيرة في منطقة الخليج والدول العربية, وراغب علامة صاحب الشعبية الكبيرة والواعد الصاعد حسن الشافعي الذي يمتلك رؤية خاصة في التحليل. كما أن قوة وفنيات المخرج جعلته يسيطر علي كل أدواته بشكل متميز فرغم أن البرنامج يبث لمدة3 ساعات علي الهواء, إلا أن هناك سلاسة في النقل ولاتمسك خطأ واحد علي المخرج, بالإضافة إلي تنوع المتسابقيين من معظم البلاد العربية جعلت المنافسة أشد شراسة, ولكن ما يؤخذ علي البرنامج أنه يحكم علي المتسابق من خلال الغناء فقط, بما يعني أنه لابد من توجيه بعض الأسئلة للمتسابقين في الثقافة العامة ومجال الأغنية, لأن شخصية ومواصفات المطرب يجب أن تتوافر فيها عدة عناصر وليس الصوت وحده, أيضا لابد من تحفيز هذه المواهب وضرورة رعايتهم في المستقبل وليس فترة البرنامج فقط, ولاشك ان البرنامج أحدث حالة من الجاذبية للجماهير خاصة في ظل المنافسة الشرسة بين المتسابقين والتي تزداد سخونة من ليلة السبت الماضي, حيث لابد من خروج أحد المتسابقين, وبالتالي فإن الحلقات المقبلة تشهد صراعا رهيبا علي اللقب وعلي الجماهير, لأن التصويت للأفضل كما قالت لجنة التحكيم يعني أن يكون بعيدا عن الجنسية والدين والشكل, كما أكد لي والد المتسابق الفلسطيني محمد عساف الذي حضر هو وزوجته لتشجيع ابنهم أن فوز إبنه أو المصري محمد جمال هو فوز للطرب العربي سيبارك لمن يفوز أين كان. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لايستطيع التليفزيون المصري بكل إمكاناته من إنتاج مثل هذا البرنامج التي تدر دخلا ماديا كبيرا ؟, وما الذي ينقصنا لبث مثل هذا البرنامج؟, هل هو الفقر المادي أو الفقر الفكري أم كلاهما ؟, خاصة أن معظم البرامج الناجحة في الفضائيات العربية يشارك في نجاحها مصريون كما لدينا مدينة الإنتاج الإعلامي هذا الصرح المتكامل الذي لم يستغل بالشكل المطلوب حتي الآن, خاصة ونحن علي أبواب شهر رمضان الكريم الذي دائما ماتنتعش فيه البرامج والمنوعات. هل نستطيع تقديم برامج في المستقبل مثل برنامج' أراب أيدول' أو حتي نصفه ولماذا لايكون لدينا أفضل من' أراب أيدول' نفسه, مع كل التحية والتقدير للقائمين علي قنواتmbc, الذين استطاعوا بفكرهم أن يصنعوا برنامجا يعرض في توقيت مناسب جدا وتوافرت له كل عناصر النجاح بفضل إدارة ناجحة علي العكس تما مما يحدث عندنا.