لا أعرف لماذا دائما كل المصائب التى تحدث على أرض مصر نلصقها بشىء افتراضى اسمه «اللهو الخفى» أو «الطرف الثالث» أو «الأصابع الخفية».. نرضى به حلا لنبرر تقصيرنا وعدم وضوحنا، وكأننا لا نعرفه، ولا نستطيع معرفته إن أردنا؟! فى أحداث العباسية وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وما سيأتى كل المسئولين يرمون إلى أن هناك أشخاصا يدبرون لهذه الأحداث التى يقع الثوار فيها، ولا يشيرون أو يلمحون إلى شخص أو مسئول بعينه، وبقدرة قادر يكون الضحايا هم الثوار، ولا يترك من قام بفعلته دليلا واحدا يؤكد افتراض وجود طرف ثالث، حتى أراء المحللين والسياسيين لم تشف غليلنا حول ماهية الطرف المجهول وكيف يحرك مسرح الثوار بخيوط «بلطجيته»، حتى ولو كانوا أطفالا لا ذنب لهم، ولا يعرفون جرم ما اقترفوه فى حق أنفسهم ووطنهم، ولا ألوم عليهم بل على المجتمع القاسى الذى ساقهم إلى هذا الضياع. وانقسمنا بين متعاطف ومهاجم ل«أطفال الشوارع»، وانبرت الألسنة تحليلا لما حدث فى يوم «السبت الأسود».. ليلة أن أحرقنا تاريخنا وأشرنا بأصابع الاتهام إلى أطفال الشوارع، وأنهم مأجورون لهدم البلد وتنفيذ مخطط خارجى أو داخلى؛ لا فرق فالاثنان «عايزين الحرق بالنار» بدلا من المجمع العلمى، لكن ما حدث هو احتراق قلوبنا على التاريخ والشباب «اللى زى الورد» الذين راحوا ضحية أخطاء الكبار.. وبدلا من البحث عن المحرك الحقيقى اتهمنا الأطفال بأنهم «أصل البلاوى»، ونسينا أنهم الإرث الثقيل والذنب الذى لا يغتفر للنظام السابق، والقنبلة الموقوتة التى كنا ننتظر انفجارها بين حين وآخر، وحذرنا منها المختصون وصرخوا لنجدتهم ونجدتنا من خطرهم إذا تم استغلالهم.. كان عددهم في عام 2007 حسب إحصائيات الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي قد وصل إلي ما يقرب من 3 ملايين طفل من مختلف الأعمار، وكل يوم في تزايد مستمر؛ أى أنهم لو جمعوا رأيهم ووجدوا قيادة تنظمهم فسيقومون وحدهم بثورة دون تأييد أو مشاركة الشعب لهم. هل معرفة الأشخاص الذين خططوا واستغلوا هؤلاء الأطفال فى حرق وتدمير الوطن «خط أحمر» يصعب على المعنيين بأمن البلد كشفهم والقبض عليهم وتقديمهم لمحاكمة تكشف من وراءهم؟! ولماذا الآن أصبح أطفال الشوارع فجأة هم المسئول الأول عما حدث فى مجلس الوزراء، وهم من بداية الثورة يعيشون فى الميدان بين الثوار دون أدنى مخالفة تذكر؟.. هناك من استغل وجودهم فى الشارع وحولهم إلى سلاح فى وجه الثوار لإشعال النار وتأجيج الموقف، وقد كشفت التحقيقات ذلك واعترافوا أن أشخاصا قاموا بإعطائهم نقودا مقابل قيامهم بذلك، ولم نعرف من الذى وراءهم، كنا نتوقع أن تكشف التحقيقات عن الأيادي الخفية و«اللهو الخفي» الذى يريد لمصر الهلاك والدخول فى دوامة عنف وفوضى لا نعرف ما نهايتها، لكن - للأسف الغريب - جاء توقعنا مخيبا وعدنا لنفس السؤال.. من الذى يخطط ويكيد للثورة ويسعى لتدمير مصر؟ لحظة: إذا كانت هناك ثورة لأطفال الشوارع قادمة فلن تقوم لإزاحة نظام فاسد؛ بل للانتقام من مجتمع ظالم..! المزيد من مقالات على جاد