العلاقات المصرية السعودية علاقات تاريخية تضرب بجذورها في عهود سحيقة, وهي علاقات رسمية قوية, وأكثر قوة ومتانة علي المستوي الشعبي, ولا يمكن للعوارض والظروف الاستثنائية المؤقتة أن تعصف بثوابت راسخات كما الجبال في علاقات الشعبين الشقيقين. وحب المصريين وشغفهم بالأراضي المقدسة وكل بقعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة, بل وكل ذرة تراب ورمال وطأتها قدما النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه من السلف الصالح, لا يعادله حب وشغف, وتهفو نفوس ملايين المصريين دائما تجاه الأراضي المقدسة, ومن لم تسعفه ظروفه لزيارتها في حج أو عمرة, يمني النفس دائما بالزيارة, ومن زار في حج أو عمرة تتطلع نفسه من جديد لتكرار الزيارة.. ولذلك فإنه ليس بمستغرب أن يكون المصريون من أكثر المسلمين زيارة إلي البقاع المقدسة في السعودية. غير أن العام الحالي شهد تخفيضا كبيرا من جانب السلطات السعودية في أعداد المعتمرين من كل الدول الإسلامية خلال شهر رمضان الكريم, وبعد أن كانت تسمح ب15 مليون معتمر خلال شهر الصيام, خفضت العدد إلي500 ألف فقط من كل دول العالم بسبب عدم انتهاء التوسعات الجارية في الحرم المكي والتي كان من المفترض أن تنتهي في شهر شعبان المقبل, إلا أنها لن تنتهي إلا بنهاية شهر رمضان, وكان من جراء هذا التخفيض أن تراجع نصيب مصر من المعتمرين إلي85 ألف معتمر فقط, بعد أن كان العدد يتجاوز ال300 ألف خلال رمضان فقط. ولهذا السبب, قام وزير السياحة هشام زعزوع بزيارة للسعودية, وبحث مع المسئولين هناك سبل التعاون من أجل حل مشكلة المعتمرين التي سوف تسبب خسائر فادحة لشركات السياحة المصرية التي تعاني بالفعل انخفاض عدد السياح القادمين إلي مصر بسبب الظروف الحالية. المشكلة كما شرحها أحد أعضاء الوفد الذي سافر مع وزير السياحة هي أن تخفيض أعداد المعتمرين المصريين بنسبة تصل إلي70% سيؤدي لخسائر فادحة لشركات السياحة, لأن الشركات مطالبة الآن برد المقدمات التي حصلت عليها من المعتمرين, بعد أن قامت بتحويل تلك الأموال إلي السعودية لحجز الفنادق وتذاكر الطيران. نأمل أن يتم حل مشكلة المعتمرين المصريين, مع تفهم الأسباب التي دفعت السلطات السعودية إلي تخفيض أعداد المعتمرين, وهي أسباب منطقية ومقبولة. لمزيد من مقالات راى الاهرام