هل العالم مقبل فعلا علي ندرة شديدة وقاسية في الغذاء بحيث إيجاد حل لها؟الإجابة علي السؤال وغيره طرح في مؤتمرين كبيرين لخبراء الغذاء في العالم والذين إجتمعوا في الأسبوع الأول من أبريل في أيرلندا ليناقشوا كيف تستطيع الدول إطعام تسعة مليار شخص هم تعداد سكان العالم. وكانت الأبحاث التي أجراها60 من العلماء المتخصصين قد توقعت تأثر المحاصيل الزراعية بالتغيرات الجارية في درجات الحرارة في العالم وأنها ستؤثر أيضا علي الثروة الحيوانية من الماشية والدواجن. وتأتي هذه التوقعات في أعقاب كوارث أصابت المحاصيل الزراعية وشهدتها كل من روسيا وأوكرانيا وأستراليا والولاياتالمتحدة, وقد أدت التغيرات في المناخ إلي إنخفاض إنتاج محصول القمح في روسيا بنسبة33% وفي أوكرانيا بنسبة19%. ويقول فرانك رجيسبرمان رئيس مجموعة من15 منظمة دولية للبحوث الزراعية قامت بدراسة الأخطار علي الأمن الغذائي, أنه يفترض أن يرتفع الإنتاج الغذائي بنسبة60% في عام2050 إذا أردنا مواجهة الزيادة السكانية في العالم, بالإضافة إلي تغيرات المناخ والذي سيؤثر علي حجم الإنتاج الزراعي. وحذر الخبراءفي تحقيق لصحيفة الأوبزرفر البريطانية من أن انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يحول أجزاء من قارة أفريقيا إلي مناطق كوارث, وأن نتائج هذه الكوارث ستكون فادحة بالنسبة للفقراء علي وجه التحديد. وقد ذكرت التقارير المعروضة علي المؤتمرين في أيرلندا أن كثيرا من المناطق في العالم قد تتأثر بهبوط الإنتاج الزراعي من الحبوب والمواد الغذائية ومن الثروة الحيوانية, وأن التأثيرات التي كانت قد حدثت مؤخرا نتيجة تغيرات المناخ ينتظر أن تزيد أكثر من ذلك خلال الخمس وعشرين سنة المقبلة. ومن المنتظر أيضا أن تتأثر إقتصاديات الزراعة في الولاياتالمتحدة بدرجة كبيرة خلال الثلاثين سنة المقبلة نتيجة التأثيرات الضارة لإرتفاع درجات الحرارة علي المحاصيل الزراعية وذلك طبقا لتقرير رسمي للحكومة الأمريكية. كما ذكرت تقارير أخري أن إرتفاع درجات الحرارة يمكن أن يصيب عدة مناطق بالجفاف في بعض مناطق الولاياتالمتحدة وهو ما سيكون له تأثير خطير علي مستقبل المزارعين وعلي المحاصيل الزراعية. لذلك أعلن جيري هاتفل مدير إدارة البحوث الزراعية والبيئة بالولاياتالمتحدة أن تغيرات المناخ كانت قد بدأت بالفعل تحدث تأثيرات سيئة نتيجة سخونة الجو في بعض الليالي وقلة البرودة في بعض الأيام وهبوب موجات حارة وعواصف وفياضانات كانت قد دمرت بعض المحاصيل. وقد قامت الولاياتالمتحدة بتمويل دراسات دولية حول وضع المنطقة المعروفة بالخصوبة في دلتا وادي ميكونج والتي توجد في أراضي فيتنام وكمبوديا وتايلاند ولاوس وإنتهت هذه الدراسات إلي أن درجات الحرارة هناك يمكن أن ترتفع ضعف المعدلات الموجودة الآن بمرتين, وبأكثر مما كان متوقعا من قبل بحيث تدمر الكثير من محاصيل الغذاء والتي يعتمد عليها100 مليون شخص, وأن ذلك الإرتفاع المدمر لدرجات الحرارة سيتم تدريجيا حتي يبلغ أقصي إرتفاع له عام.2050 وقد إشتركت ثلاث منظمات دولية في تنظيم عقد هذين المؤتمرين في أيرلندا وهي, برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم وبرنامج الأبحاث الدولي لتغيرات المناخ, ومؤسسة ماري روبنسون لدراسات المناخ, وتوقع الخبراء المشاركون في هذين المؤتمرين أن تكون أكثر المناطق تأثرا في العالم بنقص الغذاء هي قارتي أفريقيا وآسيا, مما سيؤدي الي تضاعف أسعار الغذاء بصورة فائقة بحلول عام2050, وهو العام الذي يعتبرونه حد الخطر والذي ينبغي أن تستعد له الدول من الأن, كما إتفقوا علي أن الإرتفاع الشديد في درجات الحرارة وموجات الفيضانات والجفاف سوف تغير كثيرا من طرق الإنتاج الزراعي في العالم بطريقة تمثل إستعدادا للتعامل مع توقعات خطيرة سوف تؤثر علي العالم السنوات المقبلة. ومن المتوقع ان لا تكون مصربعيدة عن هذه التوقعات الخطيرة, فهي تقع داخل حزام الخطر الذي يضم دول العالم الثالث خاصة أفريقيا, بالإضافة إلي أن مصر لا تتمتع بالإكتفاء الذاتي في المواد الغذائية بل ويتراوح حجم إستيرادها من الخارج ما بين65 إلي70%, بالإضافة إلي أنها تعتمد علي إستيراد القمح بشكل أساسي ومستمر. وإذا كانت هناك دول في العالم قد بدأت تتنبه إلي هذا الخطر المقبل وراحت تجري أبحاثا لتعديل سياستها الزراعية بما فيها الدول التي لا تعاني حتي الأن أي مشكلة في الزراعة, فإن مصر ملزمة قبل غيرها من أي دولة أخري في العالم بالتفكير في سياسة زراعية مختلفة تماما عما هو متبع الأن في مصر من أجل إنعاش القطاع الزراعي وحل مشكلاته وتجديده وتطويره بدلا من الإنتظار حتي قدوم الكارثة ثم نبدأ بعد ذلك في التفكير, فلقد صدر عن المؤتمرين الدوليين في أيرلندا إنذارا مبكرا وهو موجه إلي كل دولة في العالم دون إستثناء سواء كانت دولة غنية ومتقدمة أو حتي دولة فقيرة ومتخلفة زراعيا.