يبدو ان العلاقة بين الجالية المصرية في المانيا والجهات الرسمية في مصر ممثلة في سفارتنا في برلين مقبلة علي مرحلة جديدة من الانتعاش والنشاط والتواصل الحقيقي. يمكن أن تستفيد خلالها مصر من خبرات ابنائها في المانيا, وان تسهم فيها السفارة المصرية في تذليل المشكلات التي تشغل ابناء الجالية. ويعود الفضل في هذا النشاط الجديد للطرفين معا: للسفير المصري في المانيا د. محمد حجازي الذي دعا في مقر السفارة في برلين لعقد اول إجتماع جامع برؤساء الإتحادات والجمعيات الممثلة للجالية المصرية في ألمانيا استمر لمدة أربع ساعات وشارك فيه40 ممثلا عن17 اتحادا وجمعية. ويرجع ايضا للجالية المصرية في المانيا التي اعادت تنظيم نفسها بتأسيس المجلس الأعلي للجاليات المصرية في المانيا الذي تم إشهاره في فرانكفورت في30 ابريل الماضي ويضم الآن14 جمعية واتحادا مصريا ويهدف لانضمام بقية الجمعيات والروابط المصرية لكي يعبر عن مصالح المصريين في المانيا. وبالفعل فقد طرحت في هذا الاجتماع الأول العديد من الموضوعات التي تشغل الجالية المصرية منذ فترة طويلة وقد خرج اللقاء ايضا بتوصيات لكيفية التوصل لحلول لها. وفيما يلي عرضا لأهم ما دار بهذا الاجتماع: من بين الشواغل القديمة للمصريين في المانيا والتي ركز عليها ممثلو الجالية ورؤساء الروابط كانت مشكلة المصريين من الجيل الثاني والثالث من المهاجرين وعدم ارتباطهم بثقافة بلادهم مصر ما فرض مطلبا مهما وهو ضرورة إنشاء مدرسة مصرية في ألمانيا أو أكاديمية تعليمية تقوم بتدريس المناهج المصرية والألمانية معا, أو تدريس المناهج الألمانية مع تدريس اللغة العربية والتربية الدينية. وقد طالب البعض بأكثر من مجرد مدرسة, أي بإنشاء مركز ثقافي مصري في برلين إسوة بباريس و روما يضم مدرسة لتعليم اللغة العربية و الدين الإسلامي و الدين المسيحي علي العقيدة الأرثوذكسية المصرية. وأوضح حجازي أنه بصدد الالتقاء في اقرب وقت مع مسئولي ولاية برلين, ووعد بطرح اقتراح إنشاء مدرسة مصرية ألمانية. كذلك طرح ممثلو الجالية مشكلة إستخراج بطاقة الرقم القومي من البعثات الدبلوماسية في خارج مصر, وطالبوا السفارة بمساعدتهم في ذلك. وقد أوضحت السفارة خلال الإجتماع أن استخراج بطاقات الرقم القومي هو من اختصاص وزارة الداخلية وأنه يمكن فقط استقدام لجنة من مصر في حالة وجود طلبات لعدد كبير من المواطنين, واتفق علي تجميع الأعداد وإخطار القاهرة لإيفاد لجنة الي المانيا يكون مقرها برلين نيابة عن باقي المدن. ومن شواغل الجالية ايضا إشكالية عدم سماح السلطات الألمانية باحتفاظ المواطنين المصريين بجنسيتهم الأصلية عند اكتساب الجنسية الألمانية, حيث لا تسمح المانيا بازدواج الجنسية في حين يسمح القانون المصري بإسقاط الجنسية المصرية لمن يرغب في اكتساب الجنسية الأجنبية. واوضحت السفارة أنها تتواصل في هذا الصدد مع الجهات الالمانية والمصرية لتبني تعديلات تشريعية تسهل الأمر بالنسبة للمصريين في المانيا ودون الإضرار بمصالح الجاليات المصرية في أقطار أخري. غير ان الاجتماع شهد ايضا مبادرات واقتراحات لخدمة مصر حيث إقترح د. هانئ النقراشي خبير الطاقة الشمسية ونائب رئيس مجلس الاشراف في مؤسسة ديزرتك, تبني توليد الكهرباء الشمسية في مصر, وتوطين صناعتها واستغلال الفجوة التي ستعاني منها المانيا خلال سنوات من الآن بسبب قرار تخليها عن الطاقة النووية وذلك بالمسارعة في إبرام اتفاق مع المانيا لتصدير الكهرباء النظيفة وإنشاء شركة مساهمة مصرية لإنشاء خطوط نقل الكهرباء لأوروبا. كما تم استعراض مشروع ديزرتك الطموح لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بدول شمال افريقيا ونقلها إلي الدول الأوروبية والتعاون بينه وبين هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المصرية. كما تناول الاجتماع الزيارة الأخيرة التي قام بها المهندس العالمي هاني عازر الي مصر ولقاءه برئيس الوزراء هشام قنديل وكذلك برئيس مجلس إدارة هيئة السكك الحديدية, واستعراضه معهما للمشكلات المزمنة في قطاع النقل بصفة عامة والسكك الحديدية بصفة خاصة. حيث أوضح هاني عازر استعداده للمساهمة في إيجاد حلول لهذه المشكلات بالتنسيق مع الشركات الألمانية والفرنسية والهولندية, كما أكد أن الأزمات بوجه عام موجودة في كافة الدول إلا أن الفارق بين ألمانيا والدول النامية أنه يتم مناقشة هذه الأزمات بشفافية ووضوح في غرف مغلقة ولا ينفض الاجتماع قبل الاتفاق علي حلول ملزمة, وهذا ما تحتاجه مصر مؤكدا استعداده التام للتعاون متطلعا لتلقي المعلومات التي طلبها حول احتياجات كل قطاع والإمكانات المتاحة. كذلك تقدم الشيخ خضر إبراهيم باقتراح أيده الدكتور ثروت قادس رئيس المجلس الأعلي للجاليات المصرية في المانيا وهو قيام المراكز الإسلامية والمسيحية المصرية في المانيا بالمساهمة في التسويق للسياحة المصرية علي أن يتم ذلك بالتنسيق مع المكتب السياحي المصري. وقد وعدت السفارة ايضا بترتيب لقاء مع المستشار السياحي لبحث هذا المقترح. وقد خلص الاجتماع الهام إلي اتفاق السفارة علي عقد اجتماعات دورية ومتكررة مع قيادات الاتحادات والروابط المصرية وبصورة منتظمة, وبحيث يتحول هذا اللقاء الجامع لإطار مؤسسي يجتمع بشكل دوري إذا ما تم الاستقرار علي ذلك. وكذلك الترتيب لعقد أول مؤتمر للعلماء المصريين في ألمانيا لطرح مبادرات ومقترحات وأفكار تصب في صالح مصر وجهود تحقيق التنمية والتقدم بها. وقد أكد السفير د. محمد حجازي أنه سينقل كافة اقتراحات ومبادرات الجالية وطلباتها إلي القاهرة مثنيا علي ما لمسه منذ وصوله لبرلين من رغبة حقيقية من قبل الجالية المصرية في ألمانيا علي الوقوف إلي جانب الوطن الأم وتقديم خبراتها لمساعدته.