كانت الإذاعات الموجهة تمثل قوة مصر الناعمة, وتؤكد ريادتها ودورها القيادي في المنطقة منذ إنشائها في1953, وكانت محركة للثورات في العديد من الدول. وكان لها دور أساسي في دعم حركات التحرر الوطني في إفريقيا, وفي ربط الشعوب الإسلامية ونشر الثقافة والرؤيا المصرية في أوروبا والأمريكتين والتواصل مع الجاليات المصرية في استراليا ووصلت الي داخل عمق الاراضي المحتلة مخاطبة اليهود ووصلت قوة تأثيرها الي حد جعل مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل يطلب من السادات في إعقاب محادثات اتفاقية كامب ديفيد تقليص ساعات الإرسال باللغة العبرية وتخفيف حدة خطابها, أما الآن فهي تعيش مشكلات فنية وتقنية تعوقها عن تقديم رسالتها وتوصيلها للمستمعين المستهدفين ورغم جهود العاملين بها الا أن جهودهم تضيع إمام تهالك الشبكات وعدم خروج بث بعضها من خارج نطاق ماسبيرو. يقول محمود عزت نائب رئيس قطاع الأخبار المسموعة: ان الإذاعات الموجهة تلعب دورا محوريا في تقارب الشعوب مع مصر, ولو كان هذا الدور مستمرا لما حدثت مشكلات مع دول حوض النيل, ناهيك عن اعتماد الجاليات المصرية في الخارج علي تلك الإذاعات في تعليم أبنائهم للغة العربية وربط انتمائهم بمصر, ولكن البعض لا يقدر دور تلك الإذاعات وقام بالغاء بعضها وعدم الاهتمام يبعضها الآخر, ففي عهد البلتاجي تم وقف بث بعض الإذاعات الموجهة لآسيا وإفريقيا وتقلص عددها والتي كانت مؤثرة لدرجة ان بعض الدول طلبت من الخارجية المصرية وبخطابات رسمية عودة هذه الإذاعات مثل دولة البانيا, بينما العديد من الإذاعات التي تم وقفها لم تعد مرة أخري منها مثلا خدمة اللغة الهندية والبنغالية والماليزية والتايلاندية, والحقيقة فان قطاع الإذاعات قام بجهود في تحميل بعض الإذاعات الموجهة عبر القمر الصناعي نايل سات ولكن للأسف الأخطاء القاتلة التي تنم عن عدم وعي بقيمة هذه الإذاعات تجعل الرسالة لا تصل منها تغيير الترددات في فترات قصيرة ورفع بعض الإذاعات دون إنذار, حتي في الموجات الإذاعية فان هناك ترددات موجهة يتم تغييرها دون سابق انذار مما يهدر جهود العاملين في تلك الإذاعات وأنا اعتبره إهدار للمال العام وفوضي واستهتار من قبل الهندسة الإذاعية. ويقول نبيل يعقوب رئيس الإذاعات الموجهة السابق أن أكثر قرار اثر علي الإذاعات الموجهة هو تقليصها من72 ساعة الي20 ساعة بدعوي ترشيد النفقات, فقد كان قرارا غير مدروس وكان يعارض الأمن القومي لمصر ويقلص من دورها الريادي وتواصلها مع الشعوب المحبة وأهمها دول حوض النيل وتناسي أصحاب هذا القرار ما قاله تشرشل بان الضغط علي مصر يبدأ من السيطرة علي دول منبع النيل وقد سهلنا لأعدائنا تلك المهمة بإهمال الإذاعات الموجهة لدول حوض النيل, وهذه الإذاعات تعمل علي أهداف لا تحيد عنها من ناحية المحتوي وهي علاقات مصر السياسية وطرح وجهة نظرها في القضايا الدولية المختلفة وافاق التعاون الاقتصادي بدول العالم وترويج الخطاب الديني الوسطي المعتدل النابع من الأزهر الشريف وان لا يكون متعارضا مع مذاهب اخري, وقد وصلت عدد اللغات الموجهة في الإذاعات الي23 لغة, وكانت نسبة الانسجام والتفاعل بين المستمعين والإذاعات الموجهة عاليه فقد كنا نعتمد في التواصل وقياس مدي تفاعل المستمعين علي البريد العادي والآن أصبحنا نقيس التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بل وأصبحنا نرسل كتب مترجمة بالمجان للمستمعين وأضيفت إدارة العربية بالراديو وهي تعمل علي تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عبر كورسات ممنهجة وكل معوقات الموجهة تكمن في المشكلات التقنية فقط. ويقول جمال أنور مدير عام آسيا والشرق الأوسط ان الإذاعات الموجه تلعب دورا قويا في دعم موقع مصر وريادتها ولكن للأسف البعض يستهتر بهذا الدور, والإذاعة الموجهة تعمل علي تطوير محتواها بشكل سريع وتضيف العديد من الخدمات واللغات كان أخرها نشرات أخبار بلغات الهوسا والسواحيلي والدري والبشو لنغطي بذلك كافة المستمعين هناك ونتواصل معهم, ونلعب دورا كبيرا في الترويج السياحي لمصر لدعمها اقتصاديا والترويج عن المنتجات المصرية. ويقول محمد الوكيل رئيس الإذاعات الموجهة السابق ان المشكلات التقنية هي العائق أمام وصول المحتوي الاعلامي للموجهة الي المستمعين و50% من المحتوي الاذاعي لا يخرج خارج نطاق ماسبيرو بسبب تهالك الأجهزة التي تحتاج الي خمسة ملايين دولار من اجل تغييرها, والقطاع بصفه عامه يعاني من مشكلة تمويل رهيبة, وقد تم طرح بعض البدائل منها استخدام السفارات لإعادة بث الخدمات ولكن وجدنا أنها لن تخرج خارج نطاق العواصم فقط او إقامة محطات إرسال في الدول الموجه اليها البث, هذا علي المستوي التقني أما من ناحية تطوير المحتوي فكي يكون قويا يجب أن يعود التعاون بيننا وبين وزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولي ووزارة السياحة والأزهر والكنيسة لتحقيق الرسالة المثالية المنشودة, ويحسب للعاملين في الاذاعة وصولهم الي هذه الدرجة العالية من الأداء بهذه الإمكانات الضعيفة, فقد وصلنا مؤخرا الي تقديم35 خدمة إذاعية.