أتعجب من موقف مجلس الشوري.. وهو المجلس الذي ينتمي الأغلبية فيه إلي تيار الإسلام السياسي, وعدم تعديله لعقوبات الخطف والاغتصاب حتي الآن, خاصة بعد أن انتشرت ظواهر الخطف والاغتصاب, وامتدت جرائم الخطف لتشمل الأطفال والشباب والرجال بغرض دفع الدية, ولن تكون جريمة خطف الطالب مصطفي سعيد عبدالعزيز, الطالب بالثانوي, المقيم بمحافظة المنوفية, التي نشرتها جريدة الأهرام في صفحة المحافظات يوم الاثنين الماضي, هي الأخيرة, مادام ظل الانفلات الأمني الحالي, وظلت العقوبات بوضعها الحالي هزيلة, وغير رادعة. كنت أتمني أن يتبني أعضاء مجلس الشوري, بكل تياراته الإسلامية والليبرالية, مشروع قانون لتعديل المواد الخاصة بجرائم الخطف والاغتصاب في قانون العقوبات, والنص صراحة دون مواربة علي الإعدام في كل جرائم الخطف أو الاغتصاب, دون فتح الباب للتلاعب, أو إيجاد ثغرات ينفذ منها المحامون لتوصيل العقوبة إلي الحبس من3 إلي7 سنوات في الكثير من الأحيان. الخاطف أو المغتصب ليست لهما عقوبة إلا الإعدام, ولو كنت مكان المشرع لتمسكت بالنص علي أن يتم التبرع بأعضاء هؤلاء المجرمين إن كانت تصلح للمرضي للاستفادة منها في عمليات زرع الكلي, والكبد, والنخاع, والقرنية وغيرها من العمليات الجراحية, أو علي الأقل تسليم جثثهم إلي المستشفيات التعليمية لإجراء الأبحاث والتجارب عليها ليكونوا عبرة وعظة لغيرهم. يجب أن ينحاز مجلس الشوري للمواطن الذي لم يعد يشعر بالأمن ولا بالأمان, وبات مهددا في كل لحظة خشية أن يقع فريسة للسرقة أو الخطف تحت تهديد السلاح في أي وقت, وفي أي مكان. وطبقا لرؤية د. سمير محمد شحاتة المحامي بالنقض, فإن المواد267 و269 و285 و289 و290 كلها تحتاج إلي نسف وإعادة صياغتها من جديد لتنص علي الإعدام صراحة في جرائم الخطف أو الاغتصاب أو كلاهما معا حتي لا نفتح باب التأويل ونترك الثغرات التي تغل يد الفاضي, ولا يجب التفرقة في الخطف بين الطفل أو الأنثي أو الرجل, والعقوبة لابد أن تكون واحدة وهي الإعدام, والإعدام فقط, والحال نفسه في جرائم الاغتصاب, فالاغتصاب واحد لا يتجزأ, وإذا ثبت أن هناك اغتصابا فلابد من الإعدام كعقوبة وحيدة غير قابلة للتعديل أو التخفيف, مشيرا إلي أن هذه المواد بها عقوبات غير مقبولة وهزيلة, وتفتح الباب واسعا أمام إفلات الجناة من العقاب, فالعقوبة هدفها الردع, والعقوبات الحالية لم تعد رادعة, وبالتالي لابد من تغييرها فورا للحفاظ علي كيان المجتمع وسلامته. لقد أصبحت جرائم الخطف والاغتصاب ضيفا دائما علي صفحات الحوادث في الصحف نتيجة انتشارها, وبعد أن كانت أحداثا شاذة تحولت إلي ظاهرة يومية معتادة في المجتمع المصري المتدين بطبعه( مسلم كان أو مسيحي), وفي وقت يعتلي فيه الإسلاميون سدة الحكم, فهل هذا معقول؟! إلي متي نظل صامتين؟ وإلي متي يظل مجلس الشوري متفرجا دون أن يتحرك ويقوم بتعديل المواد فورا, والنص علي أن الإعدام هو العقوبة الوحيدة لجرائم الخطف أو الاغتصاب وكذا تشديد عقوبات السرقة بالإكراه, خاصة تلك المقترنة بقطع الطرق, أو اقتحام المنازل. الأمن هو المطلب الشعبي الرئيسي الآن للأغلبية الصامتة في المجتمع المصري, ولم يعد هناك من حديث في المنازل إلا عن الانفلات الأمني, وغياب الشرطة, وكأنهم في إجازة مدفوعة الأجر, لأنهم لا يعملون, ولا يتحركون, وإن تحركوا فهم يتحركون بعد فوات الأوان, وقد حدث أن تم ضبط أحد اللصوص واتصل الأهالي بمركز الشرطة الذي لم يحرك ساكنا, وأبلغ الضابط الأهالي أن عليهم أن يأخذوا حقهم بأنفسهم. حوادث السرقة والخطف ليست مقصورة علي محافظة بعينها, وإنما امتدت إلي كل المحافظات, بما فيها القاهرة, ويوم السبت الماضي اقتحم ملثمون صيدلية في عمارات الشرطة بحي السفارات التابع لقسم أول مدينة نصر, وسرقوا خزانة الصيدلية والتليفونات المحمولة لمن كان موجودا بها وفروا هاربين, علما بأن معظم قاطني هذه العمارات من ضباط الشرطة, وخلفها يقع معسكر ناصر لقوات الأمن المركزي. ليت د. أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري يخصص عدة جلسات للأمن وتعديل المواد الخاصة بالخطف والاغتصاب والسرقة بالإكراه في قانون العقوبات, وتلك هي المهمة الأساسية للبرلمان في أي دولة من دول العالم, فهل يفعل مجلس الشوري؟! لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة