تشهد ساحات بعض الجامعات الخاصة المصرية تفشي عدوي الشغب والبلطجة بين عدد من طلابها مما قد ينذر بانهيار منظومة التعليم العالي الخاص, إضافة لما يمكن أن تحدثه من دق ناقوس الخطر في تلك الجامعات, وإنذارها بتداعي التأثيرات السلبية والإضرار بسلامة وصحة العلاقة بين الطالب وجامعته- كما هي ممثلة في جهاز إدارتها وهيئه التدريس. تعتبر الجامعة إحدي أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي تعتني ببناء وإعداد أجيال المستقبل لمواجهة تحديات العصر. وهنا يبرز دورها في أداء وظيفتها ثلاثية الأبعاد في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع. وقد شهد العديد من الجامعات الخاصة كالجامعة الأمريكية والألمانية والبريطانية ومصر الدولية وغيرها سلسلة متفاعلة من أحداث العنف والشغب بين طلابها كانعكاس لحالة الفوضي المجتمعية السائدة خارج أسوارها, وكنموذج عدواني وغير مسئول يسعي لتحطيم الثوابت الأخلاقية والقيم المجتمعية. وفي اعتقادي أن أهم النقاط المسببة لتلك الأحداث العنيفة في بعض الجامعات المصرية الخاصة في ثلاثة مسببات محورية: ارتفاع المصاريف الدراسية وانخفاض نسب النجاح وانتشار الفساد داخل المنظومة التعليمية الخاصة. عندما يلتحق الطالب بإحدي الجامعات الخاصة, فهناك اتفاق معلن وضمني بقبول دفع مصاريف دراسية والتي ستخضع بصورة تلقائية للزيادة سنويا وفقا لارتفاع أسعار تقديم تلك الخدمة التعليمية, مما يلاحق الزيادات في أسعار جميع الخدمات داخل المجتمع المصري. ويجب ألا يرتبط في ذهن ذات الطالب أو ذويه أن دفع تلك المصاريف الجامعية وتحمل أعباء زيادتها يجب أن يرافقه نجاح مضمون أوشهادة جامعية مشتراة مسبقا من تلك الجامعة الخاصة. وينتهج بعض الطلبة الأسلوب الخاطئ لتوصيل اعتراضهم وإبداء رأيهم. فيقوم البعض بإحراق المدرجات واتلاف أجهزة الكمبيوتر والمعامل والتي بنيت لهم ومن أجلهم, ويقوم البعض في إقفال أبواب الجامعة, وفرض توقف الدراسة, وإجبار شرطهم لقبول التحاور بالإتيان باستقالة رئيس الجامعة ونائبه. مما يتنافي مع أخلاقيات المجتمع المصري الذي كان ينظر للمعلم نظرة إجلال واحترام وتقدير, علي عكس ما هو سائد في يومنا هذا. إذن ما هو الحل المقترح لاحتواء تلك السلوكيات الخاطئة ؟. إن تتخذ مجالس إدارة تلك الجامعات موقفا موضوعيا إيذاء تلك الأحداث الفوضوية: أولا, أن تتم معاقبة الطلبة الذين تسببوا في الإحراق والاتلاف وغيرها ليكونوا عبرة للآخرين, وحتي لا تكون تلك الجامعات المصانع التي تنتج العنف للمجتمع, بدلا من أن تكون المؤسسات التي تبني شباب هذا الوطن بالعلم الحديث والأخلاق القويمة. وأن تقوم كليات تلك الجامعات بدراسة أسباب ارتفاع نسب الرسوب بين الطلبة وإعداد خطة لمعالجتها دون المساس بسمعة ونزاهة المنظومة التعليمية. وإيضا, الاستغناء عن خدمات الأساتذة والإداريين الذين ثبت تورطهم في الفساد الإداري والتعليمي دون الأخد بالاعتبار مدي قوة انتماءاهم السياسية أو الحزبية. وأخيرا وليس آخرا, الإنصات لمطالب الطلبة ومشاكلهم من خلال قنوات رسمية, والحرص علي أن يكون لهم تمثيل واضح المعالم وفعال يتحدث لهم وإليهم في اتحادات الطلبة واللجان العلمية في أثناء سنوات الدراسة الجامعية المختلفة. يعتمد نجاح العملية التعليمية والتربوية في تلك الجامعات الخاصة علي مدي توافقها في ترسيخ نقاء منظومة العلم من شوائب تلك المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد, وأن تثبت حسن نياتها وقدرتها علي دعم وإصلاح المنظومة التعليمية مما ينفي المزاعم التي سبق ترويجها عنها, وذلك بأنها مؤسسات قائمة لتحقيق الربح وليس لخدمة العملية التعليمية داخل المجتمع المصري. لمزيد من مقالات د. مها احمد الدجانى