علي خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية قدم الفنان المبدع خالد جلال رؤية معاصرة لرائعة ويليام شكسبير روميو وجولييت في إطار استعراضي غنائي يجمع مابين التراجيديا المؤلمة للنص الأصلي والكوميديا التي يصنعها التصور الجديد من إعداد وأشعار الدكتور مصطفي سليم.. يفترض المعد ان هناك فرقة هواة في احدي الجامعات تستعد لتقديم عرض روميو وجولييت وتصطدم بمعارضة بعض الشباب الثائر الذي يري في ذلك النص الكلاسيكي الحالم تجاهلا لواقع الثورة ومشاكل الوطن السياسية والاجتماعية,بينما يصر المخرج داخل المسرحية علي ان روميو وجولييت هي اكثر النصوص تعبيرا عن الواقع المعاش فالصراع بين عائلتي مونتيجيو وكابيلوت هو نفسه الصراع الدائر بين انصار الدولة المدنية وانصار تيار الإسلام السياسي والمخرج نموذج للشخصية الفاسدة التي تعطي الأدوار الرئيسية لأصحاب الواسطة وابنة قدري بك الواصل الي كل المسئولين بينما يعطي لصاحب الموهبة الكبري دورا صغيرا لحارس يقول جملة واحدة طوال العرض هي رجل بالباب ياسيدي وتنمو بين الشاب الموهوب وزميلته المحجبة التي تنتمي لأسرة محافظة مشاعر رقيقة تتطور اثناء العرض الي حب ورغبة في الارتباط ولكن تتحول عائلة الشاب المتحرر صاحب البنطلون الساقط الي عقبة في اتمام زواجه بابنة العائلة المحافظة وتحدث مشاجرة بين العائلتين تزيد من مساحة العداوة والجفاء مثلما حدث في نص شكسبير عندما بارز روميو قريب جولييت وقتله فأصبح الدم والثأر حائلا بين سعادة الحبيبين. وبرغم ان جولييت فكرت في الهرب مع روميو, فإن آية الفتاة المصرية الملتزمة لايمكن ان تفكر بنفس الأسلوب فتقتل أباها معنويا وتعيره مدي الحياة وتستمر الأحداث حتي يصبح الموت هو المسيطر علي الصورة في مسرحية شكسبير بينما يقرر الأبطال المعاصرون الهرب من تلك الصورة ومحاولة تغيير النهاية المفجعة حبا في الأرض والأهل وحقنا للدماء. الشيء المبهر في هذا العرض هو ضخامة الإنتاج الذي قدمته جامعة خاصة هي جامعة المستقبل حيث الديكورات المعبرة للفنان حازم شبل والملابس المناسبة للأجواء الكلاسيكية والحديثة معا من تصميم الفنانة مروة عودة والاستعراضات الراقية من تصميم الدكتور مجدي صابر والاضاءة التي لعبت دورا هائلا في التأثير الدرامي للأحداث وقدمها الفنان ياسر شعلان بالاضافة للموسيقي الرائعة للموهوب هيثم الخميسي ولاننسي دور الماكيير أحمد فكري الذي ظهر عمله بقوة من خلال مجموعة المهرجين واستعان بهم خالد جلال من الطلبة المميزين بالدفعة الثالثة لمركز الابداع وأبرز الموهوبين هي سارة مجدي التي أدت دور المربية الجشعة خفيفة الظل وأثارت عاصفة من التصفيق بحضورها الكوميدي المميز حتي ان الفنان أحمد بدير وصفها بعد العرض بأنها أفضل كثيرا من نجمات محترفات علي ساحة التمثيل كما تألق محمد ماضي في دوري المخرج وتيبالت وشادي في روميو الكلاسيكي ونديم روميو المعاصر ونهي خليل في دور والدة جولييت وأضاف خالد جلال عرضا مميزا جديدا إلي رصيد عروضه الجميلة يؤكد فيه اصراره علي العمل بالهواة وأخذ القطفة الأولي من فنانين موهوبين يبحثون دائما عن البداية الصحيحة.