لعدة سنوات, ظل العلماء يركزون علي الجانب المجهول من العمل الذي يتم داخل الخلايا, خاصة المادة التي تجعل الخلايا تلتصق ببعضها البعض بأنسجة الجسم. وبمجرد أن تمكن الباحثون من النظر بعمق للأنسجة الموجودة بين الخلايا, والتي تعرف باسم الحشوة البينية للخلايا, أدركوا مدي الديناميكية أو الحركية التي يتميز بها هذا الترتيب بأكمله. فلا توفر لنا هذه الحشوة البيولوجية التي تم فحصها فقط الدعائم اللازمة للحفاظ علي الأنسجة من الذوبان والتحلل, ولكنها أيضا تساعد الجسم علي التئام أي تهتك بأنسجته ذاتيا. وهو مايفسر سر صعوبة التئام الجروح في الحوادث الكبري والحروب, فقد يفقد الجنود الناجون من التفجيرات الجانبية في الحروب ما بين20% إلي80% من كتلة مجموعة عضلية معينة. وفي مثل هذه الحالات, قد يتجاوز الجرح كما يقول الباحث باديلاك قدرة الجسم علي تجديد الأنسجة, وملء الفجوة الناتجة عن الإصابة بكتلة من الانسجة, وبالتالي لا يؤدي ضم الأنسجة الباقية لبعضها البعض إلي استعادة العضلة المصابة لوظيفتها الكاملة. وفي مثل هذه الحالات قد يكون الخيار الأمثل هو بتر العضو أو الطرف المصاب وتركيب طرف صناعي بدلا منه بصورة تتيح له مدي واسع من الحركة. وبالبناء علي هذه النظرة العميقة, يقوم الباحثون الآن بتطوير مدخل جديد لهندسة الأنسجة. وتعتمد الفكرة الأساسية علي جمع هذه الحشوات من الحيوانات مثلا وزرعها في مرضي يعانون من جروح داخلية كبيرة بعد نزع المكونات التي من شأنها أن تتسبب في هجوم أو تفاعل مدمر من قبل الجهاز المناعي للمتلقي) ومن الممكن حينئذ أن تطلق الدعامة الجديدة الموضوعة حينئذ جزيئات تعمل علي جذب خلايا جزعية شبه متخصصة من باقي أجزاء الجسم لملء منافذ خاصة تتميز بشكل كامل إلي نوع النسيج الذي يجب أن يتواجد في ذلك المكان. وفي آخر الأمر, من الممكن أن يستبدل النسيج المزروع ببروتين وأنسجة بشرية, مع المحو الكامل لكل أثر لأصولها الحيوانية. هذه الفكرة يقوم الباحثون الآن بتحويلها إلي حقيقة بخطوات بالغة السرعة. فمنذ أقل من عشر سنوات, بدأ الجراحون في استخدام تلك الحشوات في إصلاح فتوق جدار البطن, وبشكل أساسي النقاط الضعيفة في العضلات والأنسجة الضامة التي تحيط بالأمعاء الدقيقة. ويأمل الباحثون في المستقبل القريب أن يتمكنوا من تجديد مجموعات من العضلات الرئيسية. وليس من المستغرب أن تمول وزارة الدفاع الأمريكية كثيرا من هذه الأبحاث بعشرات الملايين من الدولارات بهدف تطوير الخدمات الطبية في العناية بالجنود الذين أصيبوا بجروح نافذة ونقص في أنسجة الصدر والذراعين واليدين بتأثير المفرقعات والوسائل التفجيرية في العراق وأفغانستان. ويقول ستيفن باديلاك نائب مدير معهد ماك جوان للطب التجديدي في بتسبيرج بالولايات المتحدة إن النسيج البيني للخلايا أو تلك الحشوة قد تثبت يوما جدواها بشكل عملي وتسهم في التئام الجروح الكبيرة بالنسبة لمصابي المفرقعات والحروب. ويقوم الآن الدكتور باديلاك وزملاؤه باستخدام هذه الحشوات في علاج80 من الجنود المرضي شريطة أن يكون قد مضي6 أشهر علي الإصابة, للتأكد من أن الجسم قد استعاد أكبر قدر ممكن من كتلته العضلية اعتمادا علي قدراته الذاتية, حيث يقوم الجراحون بإعادة فتح الجروح القديمة, وإزالة أي أنسجة تالفة تكونت, ثم يقومون بوضع تلك الحشوات البيولوجية وتوصيلها بالأنسجة السليمة. وتشير التجارب الأولية إلي أن النتائج واعدة وهو مايعيد الأمل لملايين المصابين حول العالم في استعادة قدرتهم علي الحركة من جديد