أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الجمعة 20-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    دبروا احتياجاتكم.. قطع المياه 5 ساعات عن 11 منطقة بالدراسة في القاهرة السبت    أسعار الدولار فى البنوك اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    مصابون في قصف إسرائيلي استهدف حي الزيتون جنوب غزة    وزير الاقتصاد التايوانى يكشف معلومات جديدة علن تصنيع أجهزة "بيجر"    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني والقنوات الناقلة    إيقاف تشغيل بعض القطارات بدءا من اليوم، تعرف عليها    «آخر أيام الصيفية».. غيوم وأتربة وارتفاع درجات الحرارة    بيان عاجل من النقل بشأن استعداد السكة الحديد والمترو للعام الدراسي الجديد    انطلاق فعاليات مهرجان سماع الدولى للإنشاد على مسرح السور الشمالي فى دورته ال17 الليلة    موعد مباراة شباب بلوزداد واتحاد دوانس في دوري أبطال افريقيا    حسن نصر الله يكشف عن رسالة تلقاها بعد انفجارات أجهزة «بيجرز» في لبنان    3 قرارات داخل الأهلي قبل لقاء الزمالك في السوبر الأفريقي    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 20 سبتمبر 2024    سورة قرآنية داوم على قراءتها يوميًا.. تقضي بها الحوائج    بدون سكر أو دقيق.. وصفة حلويات مليانة بروتين وبسعرات حرارية قليلة    5 أسباب لحدوث الإغماء المفاجئ ويجب اللجوء للطبيب فورا    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    موعد مباراة الأهلي وضمك اليوم في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    «دمعتها قريبة».. عبدالباسط حمودة يكشف عن أغنية أبكت ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد خفض الفائدة الأمريكية    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: جدري القردة خارج نطاق السيطرة    التوت فاكهة الغلابة.. زراعة رئيسية ويصل سعر الكيلو 40 جنيه بالإسماعيلية    حرب غزة.. قوات الاحتلال تنكل بجثامين الشهداء الثلاثة في قباطية    دعاء يوم الجمعة.. أفضل ما يقال للرزق والسنن المستحبة    بالأسماء| انتشال جثة طفل والبحث عن شقيقته سقطا في ترعة بالزقازيق    وينسلاند: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    ترامب يثير الجدل بتصريحاته عن إسرائيل: أفضل صديق لليهود    مقتل شاب على يد جاره في مشاجرة بدار السلام    الرئيس التنفيذي لشركة نايكي الأمريكية يعتزم التقاعد    صفارات الإنذار تدوّي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    عبدالباسط حمودة: أبويا كان مداح وكان أجري ربع جنيه في الفرح (فيديو)    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    قرار جديد من وزير التربية والتعليم قبل بدء العام الدراسي المقبل 2025    مفصول من الطريقة التيجانية.. تفاصيل جديد بشأن القبض على صلاح التيجاني    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    الداخلية تكشف كواليس القبض على صلاح التيجاني    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدل حول المشهد الأمريكي لنهاية التاريخ
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 04 - 2013


رد المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الإنجيلية
القس رفعت فكري سعيد
البروتستانت والصهيونية
طالعتنا جريدة الأهرام يومي25,18 مارس2013 في صفحات الأهرام السياسي بدراسة قيمة للأستاذ محمد تاج الدين, وحوت الدراسة تحليلا شاملا لموقف الولايات المتحدة الأمريكية وتخطيطها لحدوث ثورات الربيع العربي من منظور تفسيري للنصوص التوراتيةولكن ليسمح لي الأستاذ تاج الدين أن أختلف مع سيادته في بعض الأمور:-
أولا: ذكر الأستاذ محمد تاج الدين أن الحركة الصهيونية العالمية هي حركة مسيحية بروتستانتية وليست يهودية ولا تمت لليهودية بصلة وأنها نشأت في أعقاب حركة التصحيح البروتستانتي في القرن السادس عشر, وذكر أيضا أن الصهيونية حركة سياسية دينية بروتستانتية ومن ثم فهو صراع إسلامي صهيوبرو تستانتي تحرك أحداثه الدول البروتستانتية وعلي رأسها الولايات المتحدة, وذكر أيضا إن الحركة السياسية والاقتصادية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط وهي قلب العالم الاسلامي بما في ذلك اسرائيل تحركها المخططات الصهيوبروتستانتية الأمريكية بكل ما تملك من مؤثرات لتمويل المشروع الصهيوبروتستانتي للقرن, ويتساءل: فهل تدخلت القوي البروتستانتية وصنعت هذه الأحداث ؟
وفي حقيقة الأمر نحن نرفض الربط الخاطئ بين الحركة الصهيونية والإصلاح الديني البروتستانتي الذي قام في أوروبا علي موجات في القرن الخامس عشر واكتمل في القرن السادس عشر فهذا الربط يتناقض تماما مع المبادئ والأسس التي قام عليها الإصلاح, و كذلك يتعارض مع ما نادي به المصلحون, ففي عصر الإصلاح كتب مارتن لوثر كتابا ضد اليهود عنوانه' اليهود وكذبهم' جاء فيه إن مجامعهم يجب أن تحرق ولايبقي أي أثر منهم وكتاب صلواتهم يجب أن يزال من الوجود ويجب أن يطردوا خارجا باستمرار وهذا ما نفذه أتباعه وطردوا اليهود وأغلقوا مجمع برلين عام1572 م وعلي مايبدو إن تعليمات لوثر هذه كانت بدايات الأفران والهولوكست, وكان كالفن- أبو الفكر الإنجيلي المشيخي- أقل حدة من لوثر في موقفه من اليهود لكنه لم يقبل بوجودهم وطردهم من مناطق نفوذه, ومع اضطهاد البروتستانتية لليهود ازدادت الهوة بين المسيحية واليهودية ورسخت مفاهيم الجيتو اليهودي حتي أن الكنيسة كانت تقيم أسوارا تفصل بين الأحياء اليهودية وما يحيطها من أحياء أخري وتضع بوابات ذات حراسة لمنع خروج اليهود من هذه الأحياء إلا بإذن خاص من الكنيسة, وفي هذا الجيتو كانت بوادر إحياء عقيدة المسيح المنتظر تظهر لتحيي في اليهود رجاء العودة لأرض الموعد, ومن ثم فإن الصهيونية لم تكن حركة مسيحية بروتستانتية ولكنها جاءت كحركة سياسية علمانية لتساعد في حل مشكلة يهود الشتات, والصحفي النمساوي ثيودور هرتزل الذي نشر كتابه الدولة الصهيونية عام1896 م والذي تبعه بإقامة المؤتمر الأول للصهيونية عام1897 م في بازل بسويسرا لم يعط أهمية للمكان بل ركز علي القومية اليهودية وتحقيق حلم أن يكون لهم دولتهم الخاصة واستطاع أن يجذب الأوروبيين لمساندته إذ أكد لهم إن دولة اليهود سوف تخلص أوروبا من مشكلتهم وسوف تخلص اليهود من مشكلتهم وكانت هناك عدة أماكن مقترحة الأرجنتين, الشرق الأفريقي, العريش, موزمبيق, ليبيا, قبرص ولم تكن فلسطين هي غاية هرتزل مؤسس الصهيونية فهو كان يري أن الشعب هو الأساس الذاتي للدولة والأرض هي الأساس الموضوعي لها, وكذلك فلم يكن لهرتزل أو غيره من مؤسسي الصهيونية أي اهتمام باليهودية كديانة بل إنهم كثيرا ما أظهروا العداء تجاه الأفكار والشعائر والعبادة اليهودية, وقد حدد بن جوريون وظيفة الدين في الدولة اليهودية في قوله إن الدين هو وسيلة مواصلات فقط ولذلك يجب أن نبقي فيها بعض الوقت لا كل الوقت.
ثانيا: يوجد بروتستانت في العالم لا يؤمنون بالتفسير الحرفي لنبوءات التوراة والتي تخدم المصالح الصهيونية, والكنيسة الإنجيلية المشيخية في مصر تنادي بأن دولة اسرائيل الحديثة والتي سبقت قيامها ضغوط قوي سياسية دولية كثيرة حتي صدور وعد بلفور1917 وتصويت الأمم المتحدة علي تقسيم فلسطين إلي دولتين عربية ويهودية1947 وقيام الكيان الاسرائيلي1948 باعتراف فوري أمريكي سوفيتي, لا علاقة لها علي الإطلاق بنبوءات الكتاب المقدس, فالإنجيليون المشيخيون في أمريكا وأوربا ومصر يؤمنون بأن دوله إسرائيل الآن لاعلاقه لها علي ضوء الدراسة التاريخية اللاهوتية من قريب أو من بعيد بالنبوات القديمة والتي تحققت فعلا في إطارها الزمني في العهد القديم واكتملت في دلالتها الروحية في العهد الجديد, وإن كل مايقال حول عودة اليهود الآن وربط ذلك بهذه النبوءات ثم بمجئ المسيح ثانية وإقامة الهيكل ومعركة هرمجدون ونهايه العالم إلي آخره هو فكر لبعض الفرق وهذا الفكر لايتفق مع اللاهوت الكتابي, ولا يتفق كذلك مع عقائد الكنائس المسيحية الرسمية في كل العالم, وأكبر دليل علي ذلك المقال الذي نشرته صحيفة اللواء اللبنانية عام2004 تحت عنوان قرار جرئ أين نحن من مثله؟ أشارت فيه إلي القرار الذي اتخذته الجمعية العمومية للكنيسة المشيخية في أمريكا والقاضي ببيع الأسهم التي تمتلكها الكنيسة في الشركات التي تجني أكثر من مليون دولار سنويا من تعاملها مع إسرائيل أو الشركات التي تستثمر مليون دولار أو أكثر في عام واحد في إسرائيل وقد جاء قرار الكنيسة المشيخية والتي ينتسب إليها نسبة كبيرة جدا من قادة السياسة والاقتصاد والأعمال في أمريكا ليتوج قرارات عديدة في اجتماعات كنسية سابقة نددت بممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني, هذا القرار تجاوز الاستنكار إلي اتخاذ عمل إجرائي عقابي بحق إسرائيل
كما نددت الكنيسة بجدار الفصل الذي تقيمه إسرائيل وطالبت بوقف العمل علي إنشائه, ولذلك فإننا نرفض التعميم الذي يقع فيه بعض المفكرين الذين يعتبرون أن الخطاب الديني الأمريكي كله في مجمله مساندا لإسرائيل فإذا وجد خطابا يخلط أصحابه بين ما هو يهودي وما هو مسيحي, وبين الدين والسياسة, ويؤيدون مزاعم إسرائيل الحديثة عن الشعب المختار, وتفسيرهم الخاص بالمجيء الثاني للسيد المسيح ومقولة هرمجدون فليس هذا هو كل الخطاب الديني الأمريكي, فهناك يوجد الخطاب الديني الأمريكي المعتدل المساند للشعب الفلسطيني الذي رفض وكشف كل المزاعم والأساطير التي تتبناها دولة إسرائيل, ورفض احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية, ومن هذا الاتجاه تكونت هيئة كنائس لسلام الشرق الأوسط وهم زاروا الضفة الغربية وغزة مرارا كثيرة وهم علي اتصال دائم بالإدارات الأمريكية المتعاقبة بالخطابات واللقاءات التي تنادي بدعم الحقوق الفلسطينية, وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وكان لهم لقاء مع كولين باول وزير الخارجية السابق وتركوا له وثيقة تؤكد أن احتلال إسرائيل لفلسطين سرطان يهدد المنطقه والعالم, وإنه ضد الأمن والسلام في كل المنطقة, وطالبوا بوقف المساعدات لإسرائيل في خطاباتهم للرئيس الأمريكي, وهذه القراءة للخطاب الديني الأمريكي ترينا الاتجاهات المتعددة من ناحية, وتحذرنا من التعميم الخاطئ الذي تركز فيه بعض الكتابات علي الاتجاهات المتطرفة فقط, وتدعونا في النهاية إلي أن نقيم الجسور مع الاتجاهات المعتدلة التي تتفق مع لاهوتنا ومصالحنا الوطنية والقومية في الوقت نفسه.
ثالثا: ورد بدراسة الأستاذ تاج الدين بعض التعميمات مثل' التصور الصهيوني البروتستانتي الأمريكي' و'إن هذه الدول قد وضعت تصورها للأحداث لتتطابق مع فهمهم لتفسير نبوءات الكتاب المقدس وهو تفسير تنفرد به بين جميع طوائف المسيحيين' وكذلك الحديث عن وجود مبدأ بروتستانتي عام مثلما أورده الأستاذ تاج الدين في قوله أمريكا كما مضت بجد في تحقيق ما سبق ماضية بجد أيضا في وضع وتنفيذ سيناريوهات الأحداث القادمة عملا بالمبدأ البروتستاني, إذا استطعت مساعدة الرب علي تحقيق نبوءاته التي وردت بالكتاب المقدس ولم تفعل فقد إثمت], وهي تري أنها تملك مساعدة الرب علي تحقيق نبوءاته الواردة بالكتاب المقدس وفق التفسير البروتستانتي للكتاب المقدس فلم لا تفعل', وبالطبع التعميم يتنافي مع التفكير العلمي ومن ثم فعبارات مثل جميع طوائف المسيحيين و المبدأ البروتستانتي هي عبارات عامة وهنا لابد أن نحذر من خطورة التعميم فليست جميع طوائف المسيحيين تنفرد بالتفسير الحرفي للنبوات, وليس كل الإنجيليين في الغرب وفي أمريكا لهم نفس التوجه الحرفي, وليس كل الذين لهم التوجه الحرفي للنصوص الكتابية صهاينة, بل هم حرفيون علي أساس فهمهم وقراءتهم الخاصة للكتاب المقدس. كما أن مؤيدي إسرائيل في الغرب نجدهم في كل التوجهات لدوافع عديدة, سياسية وثقافية ودينية, وعندما نقول بروتستانت أو إنجيليين يجب أن نحدد من هم الإنجيليون بالتحديد فليس كل البروتستانت الإنجيليين في الغرب وفي أمريكا لهم نفس التوجه الحرفي, وليس كل التيارات الإنجيلية تدعم الصهيونية, إذن ليس كل الEvangelical في الغرب لهم نفس الاتجاه ونفس الفكر ولذلك فبدلا من تعميم الكلام علي البروتستانتية من الأفضل أن نقول المسيحيون المتصهينون وليس البروتستانتية وليس المسيحية الصهيونية.
رابعا: لإزالة اللبس ولتوضيح موقف الكنيسة المصرية من القضية الفلسطينية نقول إن الكنيسة المصرية بكل طوائفها تؤمن أن العهد الجديد في الكتاب المقدس هو تفسير وتحقيق لنبوءات العهد القديم, وأن نبوءات ووعود العهد القديم قد جسدها مجئ السيد المسيح, وإن الاتجاه الأصولي الغربي المرتبط بالصهيونية وإسرائيل اتجاه تنادي به مجموعة من الإنجيليين الغربيين في أوربا وأمريكا وهي هيئات خارج الكنائس الرسمية المؤثرة هناك, خاصة الكنيسة المشيخية الأمريكية التي تقف لاهوتيا وفكريا بقوة ضد هذا الاتجاه في جميع المحافل الدولية, وإن فكر الكنيسة المسيحية المصرية الوطنية سواء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أو الكاثوليكية أو البروتستانتية الإنجيلية يرفض اتجاه هذه المجموعة استنادا إلي لاهوت وتعاليم الكتاب المقدس وانطلاقا من الانتماء الوطني الأصيل, والارتباط العضوي والجوهري بالأمة وقضاياها, وفي قلب هذه القضايا قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي, ولذلك تقف كل الطوائف المسيحية المصرية بحزم أمام هذا الاتجاه سواء علي مستوي مجلس كنائس الشرق الأوسط, أو في كل المجالس الدولية, أو القرارات المجمعية والسنودسية التي توضح فكر الكنيسة بالداخل والخارج أو بالاجتماع بممثلي هذه المجموعات مع بعض القيادات الكنسية في الغرب وفي الشرق الأوسط للرد المباشر عليهم ولدعم القضية الفلسطينية من منظور لاهوتي واضح.
وختاما إن الكنيسة الإنجيلية المشيخية في مصر ترفض محاولة البعض تفسير الحقائق الكبري في الإيمان المسيحي مثل الحديث عن نهاية العالم ومجئ المسيح ثانية وربطه بالأحداث السياسية المعاصرة والمتغيرة كامتلاك إسرائيل للسلاح النووي ومحاولات تهويد القدس وهدم المسجد الأقصي وإعادة بناء الهيكل وتعطيل مفاوضات السلام, حيث أن هذا الفكر يبني علي تفسيرات حرفية لبعض نصوص ونبوءات الكتاب المقدس وهذه النصوص تنتزع من خلفياتها التاريخية ولا تتفق مع الفهم الشامل لروح الكتاب المقدس ككل, وإن هذا التفكير الأصولي والحرفي ظهر بأكثر قوة ووضوح في أيام حكم ريجان للولايات المتحدة وتلاقي هذا التفكير مع مخططات الحركة الصهيونية التي ظهرت منذ مؤتمر بازل بسويسرا عام1897 ولذلك فإنهم فصلوا بين النصوص وبين إطارها الزماني والمكاني وسخروا النبوءات المقدسة لخدمة أغراضهم السياسية وأطماعهم التوسعية, ومن ثم فليس مسيحيا علي الإطلاق من يدعو للعنف, لذا فعلي من يؤججون الصراع ويخططون للعنف أن يقولوا لنا أي مسيح يتبعون وبأي مسيحية يدينون؟!!
.. وتعقيب كاتب المقال
بقلم: محمد تاج الدين
المتطهرون والسياسة الأمريكية
اتفق مع الأستاذ القس رفعت فكري في أنني ما كان ينبغي علي التعميم أو بالأحري كان ينبغي علي التخصيص الواضح فلم أعن من المقال أي من الكنائس البروتستانتية القائمة( أكثر من عشرين ألف كنيسة) وإنما عنيت تخصيصا اليمين المسيحي المتطرف من حملة فكر البيوريتان أو طائفة المتطهرين من اتباع كالفين التي ظهرت في بريطانيا في القرن السادس عشر ثم هاجر بعض آبائها إلي العالم الجديد وأسسوا مستعمرتهم الأولي سنة1620 وتوافد المهاجرون البيوريتان عليها طوال عقدين من الزمن بكثافة تماثل ما يتعرضون له من اضطهاد في العالم القديم, وكان لهم قوة التأثير الشعبي في المهاجرين التي استمرت حتي اليوم المكون الأول للشخصية الأمريكية والملهم الأول لغالبية المتدينين البروتستانت في أمريكا0
ورغم اختفاء هذه الطائفة وذوبانها في كنائس أخري مثل كنيسة المنشقين وكنيسة البرسبيتاريان إلا أن أثرها لم يزل يحرك السياسة الأمريكية العالمية والمحلية.
وقد كان البيوريتان الإصلاحيون أو الإنفصاليون هم أول من نبه إلي أن الله لم ييأس من بني إسرائيل بعد, وأنه ممهلهم إلي آخر الزمان, ومن ثم ظهرت نظرية حتمية عودة اليهود إلي فلسطين كشرط أولي للنزول الثاني للمسيح0
وقد ذهب بعض المؤرخين إلي اعتبار البيوريتان من شدة تمسكهم بكتاب العهد القديم يهودا قبل أن يكونوا مسيحيين, وذهبوا هم إلي تقمص الكتاب المقدس اليهودي( العهد القديم) في حياتهم كلها ومن أشهر كتبهم كتاب' الصورة الربانية للانسان للأب توماس واتسون والذي يري فيه أن الإنسان ينبغي أن يكون صورة من الله علي الأرض كما في كتاب العهد القديم وقد ذهب الزعيم السياسي الانجليزي وقائد الثورة الاصلاحية أوليفر كرومويل(1642) في الحرب الأهلية الانجليزية إلي القول' إني علي يقين بأن الله رجل انجليزي' كما وصل الحد بالمتطهرين في تقمص الدراما التوراتية أن سموا أنفسهم بالمستعبرين شعب الله المختار الجديد بدلا من العبريين وسموا مستعمرتهم في بليموث أرض الميعاد الجديدة أو إسرائيل الجديدة, وذهب آباؤهم الأول أو الحجاج إلي حد المطالبة بتبني اللغة العبرية لغة أم في أرض الميعاد الجديدة والرجوع إلي يوم السبت كعطلة إلهية بدلا من الأحد, واعتبروا سكان أرض الميعاد الجديدة( الهنود) الكنعانيين الجدد, فاستباحوا عهدهم ودماءهم بنص آيات العهد القديم بالرغم من أن هؤلاء الهنود هم الذين استقبلوهم وآووهم وأعانوهم علي قضاء الشتاء الأول واهدوهم عيد الشكر, وهؤلاء الحجاج أو الآباء الأول هم الملهم الأول للثورة الأمريكية, والملهم الأول للمثل والتقاليد الأمريكية والرأسمالية الأمريكية, وبالرغم من اختفاء البيوريتان من الساحة العامة فإنهم شكلوا فكر العديد من الكنائس الأمريكية مثل( البرسبيتاريان) والتي تشكل أكبر كنائس أمريكا من حيث عدد المنتمين لها.
كما ينحدر من سلالة هؤلاء الحجاج أو الآباء الأول العديد من زعماء وقادة أمريكا مثل جون آدام الأب والإبن وابراهام لينكولن وزكاريا تيلور وعائلة بوش.
وفي القرن الثامن عشر عام1844 أصدر البروفيسور جورج بوش( جامعة هارفارد) كتابا باسم( عودة عظام اليهود الجافة للحياة) دعا فيه إلي توطين اليهود في فلسطين وتلقي هذه الدعوة قيصر المانيا فرديناند ثم فرانز جوزيف, الذي زار القدس وطلب من السلطان العثماني الموافقة علي إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين إلا أن الأخير رفض ذلك, ثم تلقفت هذه الدعوة الإمبراطورية البريطانية العظمي في نهاية القرن التاسع عشر, واحتضنت هرتزل, ومن الجدير بالذكر أن الفصيل اليهودي الوحيد الذي تقبل الدعوة المسيحية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين كان هو الفصيل( العلماني) الذي مارس السياسة بلا مرجعية دينية ومن بينهم ثيودور هرتزل والرعيل الأول من الحركة الصهيونية المكونة للمؤتمر الصهيوني الأول في بازل0
هذا هو الإتجاه السياسي البروتستانتي الذي عنيته في مقالاتي وهو الاتجاه المهيمن علي مقدرات أمريكا المالية والسياسية اليوم في صورة اليمين المحافظ الأمريكي.
كما أتفق مع القس رفعت فكري في وجود بروتستانت في العالم لايؤمنون بالتفسير الحرفي لنبوءات التوراة, واتفق معه جملة فيما ورد بالفقرة الثانية من تدليله علي كراهية المذاهب البروتستانتية بصفة عامة لليهود وهذا لا ينفي أن45% من الشعب الأمريكي يؤمنون بنبوءات الكتاب خاصة ما ورد في شأن الأيام الأخيرة ويسعي لتحقيق ذلك بجهده بدعم إسرائيل ودفعها لحرب نهاية التاريخ, وقد عبر عن ذلك الكاتب جافين فاينلي في مقال له بعنوان أو البيوريتان اليوم والدفع باتجاه تحكم ديني ومملكة الله في الأرض الآن بمعني فورا وبلا انتظار ويمكن لسيادته مراجعة هذا المقال في الموقعWWW.ENDTIMEPILGRIM.ORG' أما القول بأن وعد بلفور لا علاقة له بنبوءات الكتاب المقدس فيتنافي مع أقوال اللورد آرثر جيمس بالفور نفسه وما قرره في مقدمة كتاب( تاريخ الصهيونية من1600 إلي1919) الذي طبع في لندن سنة1919 بقلم ناحوم سوكلو- حيث بين أن ما بذل من جهود بشأن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين كان من الحكومات البروتستانتية وقد لاقي معارضة جميع البرلمانيين اليهود في إنجلترا, وكان مرفوضا تماما من جماعات اليهود بصفة عامة عدا بعض العلمانيين, كما نفي عن نفسه ما أشيع بين اليهود من أن هناك دوافع دينية متطرفة وراء هذا الترتيب والقصد هنا هو الفكر البيوريتاني0
وأما القول بأن قرار عصبة الأمم سنة1923 بندب انجلترا علي فلسطين وشرق الأردن لتنفيذ وعد بلفور ثم قرار الأمم المتحدة سنة1947 وقيام الكيان الاسرائيلي سنة1948 لا علاقة لهم بنبوءات الكتاب المقدس فهو وجهة نظر البعض, وهناك الكثيرون غيرهم الذين يؤمنون بأن هذا التوافق في تواريخ الأحداث لم يأت مصادفة بل بترتيب أمريكي توراتي نابع من الأثر البيوريتاني بالتعاون مع الرأسمالية الأمريكية والجماعات السرية, وهي النظرية التي ضمنتها مقالي الثاني, ومن ثم فإني أتفق مع سيادته في قوله أنه يرفض التعميم الذي يقع فيه بعض المفكرين الذين يعتبرون أن الخطاب الديني الأمريكي كله مساند لإسرائيل أو هؤلاء القائلين بالمجئ الثاني للمسيح أو هرمجدون ففي قوله إعتراف أمين بوجود الفريقين. وأجد في ذلك تأييدا لوجهة نظري التي عبرت عنها في خاتمة المقال الثاني من تعدد وجهات النظر حول الأيام الأخيرة.
اتفق مع سيادته أيضا فيما انتهي إليه بالفقرة الثالثة من أن التعميم يتنافي مع التفكير العلمي, وقولي أمريكا والدول البروتستانتية لا تعميم فيه فلم أقل الشعب البروتستانتي وانما قصدت تحديدا الحكومات ذات الاتجاه اليميني المحافظ الغالبة عليه الافكار البيوريتانية.
ولا يسعني إلا الشكر لسيادته لما قرره من أن الكنيسة المصرية بكل طوائفها ضد الاتجاه الأصولي الغربي المرتبط بالصهيونية وإسرائيل. وكذلك توضيحه أن هذا الاتجاه الذي تنادي به مجموعة من الانجيليين الغربيين في أوروبا وأمريكا هو خارج الكنائس الرسمية هناك فهذا القول يثلج صدور الكثيرين, وأختلف مع سيادته في أن الكنائس الرسمية هي الأكثر تأثيرا هناك فالاحصاءات الأمريكية تؤكد أن عدد المؤمنين بأحداث الأيام الأخيرة كما يفسرها الأصوليون يصل إلي45% من تعداد الشعب الأمريكي الذي تصفه الاحصائيات بأنه من أكثر الشعوب تدينا بنسبة أكثر من70% من أفراده يصفون أنفسهم بأنهم مسيحيون متدينون أي أن أكثر من60% من المتدينين الأمريكيين يؤمن بوجهة النظر الأصولية في شأن نبوءات آخر الزمان وحرب هرمجدون.
وختاما
اتفق مع سيادته بالتأكيد في رفض محاولة البعض تفسير الحقائق الكبري في الايمان المسيحي وربطها بالأحداث السياسية ولكن ليس بأمانينا أو اتفاقنا تأتي الرياح, فهناك فريقان قد عقدا العزم علي تفسير الدين المسيحي بهوي السياسة أولهما اليمين المحافظ الأمريكي, وثانيهما الجماعات السرية الحاكمة من خلف الأستار والتي تستغل العواطف الدينية والإرادة الشعبية لتحقيق مآربها, وما كنت في هذا الأمر إلا ناقلا لوصف غيري من الكتاب الغربيين لهذه الحالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.