كشفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية, النقاب عن مجموعة من الخبراء العسكريين بمجال الدفاع الصاروخي في أمريكا وإسرائيل يشككون بقدرات منظومة القبة الحديدية, التي عمل الجيش الإسرائيلي علي تطويرها مؤخرا. لاسيما بعد أن كشفت أبحاثهم النتائج الحقيقية لاستخدام هذه المنظومة خلال الحرب الأخيرة علي غزة, والتي جاءت متناقضة مع ما أعلن عنه الجيش الإسرائيلي من تحقيقه له علي أرض الواقع. وذكر المحلل العسكري والطيار السابق في سلاح الجو الإسرائيلي, رؤوفين بدهتسور, إن نتائج أبحاث الخبراء دللت علي نجاح القبة الحديدية في اعتراض5% فقط من صواريخ جراد التي أطلقها الفلسطينيون من غزة, وليس84% منها, كما أعلن الجيش الإسرائيلي في نهاية عملية عمود السحاب العسكرية شهر نوفمبر الماضي. وأضاف الخبير العسكري الإسرائيلي, أن الخبراء الثلاثة, الذين أجروا أبحاثهم بشكل منفصل, أجروا تحليلات لعشرات أشرطة الفيديو التي تم تصويرها خلال الحرب, وتبين أن جميع كرات النيران التي تظهر في أشرطة الفيديو, وتبدو للمشاهدين أنها عملية اعتراض صاروخ ناجحة, لم تكن في الواقع سوي انفجار نابع عن عملية التفجير الذاتي لصواريخ القبة الحديدية, وليست إصابة الهدف, وهو الصاروخ الفلسطيني. وقال بدهتسور, إن الخبراء الثلاثة اكتشفوا ظاهرة غريبة, وهي أن الصواريخ التي تطلقها القبة الحديدية تسير بمسارات متطابقة بشكل كامل, وفي نهايتها تكون هناك خطوط دخانية متشابهة تماما, ودمرت هذه الصواريخ نفسها في الثانية نفسها بالضبط. ووجد الخبراء في بحثهم أن الإسرائيليين قدموا حوالي3200 طلب للسلطات من أجل ترميم بيوتهم التي تضررت جراء سقوط صواريخ فلسطينية, مشددين علي أنه ليس معقولا أن58 صاروخا, التي قال الجيش الإسرائيلي إنها سقطت في هذه التجمعات السكنية, ألحقت أضرارا بهذا الحجم. وأشار بدهتسور في نهاية مقاله إلي أن هذه الرواية تتطابق تماما مع ما سبق وأن أعلنته إسرائيل في نهاية حرب الخليج الأولي من أن منظومة باتريوت اعترضت96% من الصواريخ العراقية, لكن بحثا أجراه البروفيسور بوستول حينذاك أظهر أن نسبة نجاح الباتريوت في اعتراض الصواريخ العراقية كانت صفر. وتشكل هذه الدراسات ضربة قاسمة لجهود جيش الإحتلال, الذي ظن عبثا إن هذه المنظومة الدفاعية الجديدة قد تقربه من تحقيق حلم الأمن, الذي طالما حلمت به إسرائيل وسط جيرانها العرب, من ثم كان التخطيط لمنظومة القبة الحديدية للحيلولة دون وصول الصواريخ التي تستهدف أراضيها. وتشير التقارير العسكرية الإسرائيلية إلي أن المنظومة تضم حاليا إحدي عشر بطارية, تم نشر أربع منها قبل الحرب الأخيرة علي غزة ونشرت الخامسة بالقرب من تل أبيب إبان تلك الحرب. وبحسب معلومات صادرة عن مجموعة التحليلات الأمنية آي إيتش إس جاين فإن الرأس الحربي لكل صاروخ يطلقه هذا النظام, يحتوي علي11 كيلو جراما من المواد عالية الإنفجار, ويتراوح مدي صواريخه بين أربعة كيلومترات إلي سبعين كيلومترا. فالقبة الحديدية هي نظام جوي متحرك تستخدمه إسرائيل لصد الصواريخ القصيرة المدي والقذائف المدفعية. وقد بدأت إسرائيل تشعر بخطر الصواريخ القادمة إليها من لبنان وتحديدا من حزب الله, بعد حرب يوليو2006 الحرب الإسرائيلية علي لبنان, والتي إستمرت34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان, خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت وفي شمالي إسرائيل في مناطق الجليل, الكرمل ومراج بن عامر, حيث أطلق حزب الله خلال تلك الحرب ما يزيد عن4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدي سقطت في إسرائيل وأدت إلي مقتل44 مدني إسرائيلي وأدي التخوف من هذة الصواريخ إلي لجوء حوالي مليون إسرائيلي إلي الملاجيء. كذلك أكد هذا الأمر إستمرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ حيث أطلق ما يزيد علي8000 صاروخ كان آخرها إطلاق صواريخ من عيار122 ملم. وبحسب المعلومات المتوفرة لدي شركةRafaelAdvancedSystem والناتجة عن إستخدام المنظومة في الظروف القتالية, فإن القبة الحديدية قادرة علي إعتراض الأهداف بنسبة إحتمال90%. وبوسع المنظومة إكتشاف الخطر بإحتمال100%, لكنها عجزت أحيانا عن تدمير بضعة صواريخ فلسطينية مطلقة في آن واحد. ويفسر ممثلو شركةRafael هذا الأمر بعدم كفاية كمية البطاريات لدي إسرائيل( مجموعتان للمنظومة فقط وقت الإستخدام القتالي). ويكلف كل إطلاق لصاروخ من منظومة القبة الحديدية مايتراوح بين30 و40 ألف دولار أمريكي, مما يفوق أضعافا سعر أي هدف محتمل للاعتراض. إذن, حتي في حال بلوغ فاعلية100% فإن إعتراض وسيلة الهجوم سيكلف أغلي بكثير من سعر وسيلة الهجوم نفسها. لكن الفاعلية الإقتصادية للمنظومة تنحصر في أن الدولة تتخلص من ضرورة تعويض خسائر بمقدار مليون شيكل( ما يعادل250 ألف دولار) لسكان الحي السكني في حال سقوط صاروخ فيه. وتعد حرب غزة الأخيرة الإختبار الأكبر من نوعه لنظام دفاع جوي استثمرت فيه الولاياتالمتحدة الأميركية مبلغا يزيد عن200 مليون دولار, ولكن العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة, أثبت وأثبتت معه صواريخ المقاومة كفجر وجراد والقسام, مدي محدودية فاعلية منظومة الصواريخ الإسرائيلية المضادة للصواريخ.