هذا الاسبوع تكون حكومة الدكتور هشام قنديل قد مر عليها8 أشهر, وبرغم أن هذه الأشهر في عمر الحكومات قصير, إلا أنها في عمر الشعوب كبير, وإذا كان السياسيون ينتقدون الحكومة عند كل شاردة وواردة, فإن الناس في الشارع يقيسون أداء الحكومة من خلال ما يتحقق علي الأرض من توفير الأمن إلي التحكم في ارتفاع الأسعار غير المبرر, إلي توفير فرص العمل, وغير ذلك. وإذا كان الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء, قد أكد قبل أيام أن مشكلات مصر معقدة وتراكمية, وأن البعض يسطح الأمور ويدعي أنه يمتلك الحل السحري, وأن حكومته تعمل وتخطط وتنفذ ما فيه الصالح العام, وأنها قطعت شوطا كبيرا في حل مشكلات البوتاجاز والخبز والتوظيف والسياحة والاستثمار, وجار إنهاء مشكلات الطاقة والأمن وفرض هيبة الدول, فإن الكثير من المواطنين لم يشعروا بذلك, ويرون أن ما يقال وعود حكومية وأنهم شعب يستحق الحياة. تحقيقات الأهرام قامت بجولة في بعض المناطق الشعبية والأحياء الراقية, لتسأل الناس عن أحوالهم, وكل ما يتعلق بحياتهم, طرحت العديد من الأسئلة: عن الأسعار التي ترتفع كل يوم؟, عن أزمة السولار؟, عن حال المرور في الشوارع؟ عن حال التعليم والفساد والدروس والفشل الإداري؟. الجولة كانت سببا في تأجيج أسئلة داخلية عجزوا عن الإجابة عنها, فوجوه الناس تنطق بأكثر مما تنطق ألسنتهم, وجوه مكفهرة وحزينة, وجوه هدها التعب, وصدمها القدر, وأعياها الصبر, فهذا سائق إحدي الشاحنات يجلس في انتظار أن تمتليء سيارته, وهو أمر أصبح لا يحدث كثيرا, بسبب ظروف الطرق وأزمة السولار, يجلس وسط زملاء يشاركونه الطريق, بيده سيجارته وكوب الشاي تحت شجرة يستظلون بظلها: الحكومة ضعيفة والشرطة غائبة, فوضع الشرطة لم يتغير بعد الثورة ما زالت تسحب منا الرخص, وحين يتم سرقة سيارتنا لا يتحركون, وهم يرون اللصوص ولا يقتربون منهم ليست فقط الشرطة التي لم تتغير الموظفون أيضا الرشوة أصبحت أمام الناس وعلنا بينما ناصر وهو مقاول رخام ويعمل في مهنة تتعامل مع أصحاب الظروف الاقتصادية ميسرة, حيث عمله في الفيلات والشركات الكبيرة, أنا تعبت من الوضع الحالي, النظام السابق كان فيه فساد, بس فيه عيشة وأمن ويري أن توقف الحال من الحكومة وليس من أحد آخرالحكومة لا تشعر بالناس, نريد حكومة جديدة تشعر بالشعب ويخشي ناصر أن يستمر الحال طويلا وتتوقف أعماله نهائياوقت الثورة كان الموظفون يصرفون مرتباتهم, بينما نحن كنا نجلس في البيت, ولا نجد عملا, ونحن ليس لنا معاش, معاشنا صحتنا. سائقو التاكسي الذين ضاقت بهم السبل, ولم يستطيعوا دفع أقساط سياراتهم, وقطعوا أكثر من مرة كوبري أكتوبر, لمطالبة الحكومة بان تجد لهم حلا, وبرغم أن من قام بذلك مجموعة صغيرة, وليس كل السائقين, فإن الآخرين يشكون أيضا, يقول محمد إحنا ربنا يستر علينا في الأيام الجاية دي ويري أن الحل ثورة تانية فمحمد لا يهمه نوع الحكومة يجيبوا يهود يجيبوا إسلاميين المهم نعيش ما يشغل باله أنا أهم حاجة أروح لعيالي بكيس اللبن والفاكهة ومصاريف البيت أما طائفة المعمار, فالأمر أسوأ, تستيقظ مبكرا كل صباح, تنتظر علي الرصيف حتي يأتيها رزقها, الانتظار قد يدوم أياما وأحيانا شهرا, كما يعبر مهندس أحمد المشرف علي أحد العقارات تحت الإنشاء بامبابة الحكومة لا تصلح, والتغيير ليس حلا, الحل علاج السلبيات, ولابد من وجود وزراء أكفاء, حتي يمكن حل هذه المشاكل ويشكو كغيره من ارتفاع الأسعار الأسعار غير مستقرة, الحديد يرتفع كل يوم, برغم الركود في مجال الإنشاءات, والحكومة غير قادرة علي مواجهة جشع التجار ولا يشكك أحمد في أمانة الحكومة ولكن يري الحكومة الحالية أهل ثقة, وليست أهل خبرة, بينما كانت حكومات مبارك مذيجا من أهل الخبرة وأهل ثقة. وعلي بعد خطوات من هذا المبني, وفي طابور طويل أمام إحدي ماكينات الصراف الآلي, تصطف مجموعة من النسوة انتظارا لعمل الماكينة, فتشكو أم ستينية من العذاب الذي تجده كلما قررت الذهاب إلي ماكينة الصراف الآلي كثيرا ما آتي إلي هنا ولا أجد أموالا في الماكينة, إما لأن الكهرباء مقطوعة, أو لا توجد أموال بالماكينة ثم تردف قائلة الحكومة ملهاش ذنب, هي هتعمل إيه ولا إيه, دا سلوك ناس وهي تتحمل الجزء الأكبر وتصف وقوفها الطويل أمام ماكينة الصرف بأنه دا العادي وإحنا اتعودنا علي كده. وعلي أرصفة إحدي الاسواق تجلس امرأة أربعينية وأمامها سلة السمك مملوءة عن آخرها, تجلس منذ أعلن الفجر حضوره, ووسط لهيب الشمس والعرق يتصبب من جبهتها, تسألها عن أحوالها فتقول الساعة2 ظهرا وأنا من الفجر وحتي الآن السمك موجود زي ما هو, الناس هتجيب منين ويبدو أن هذا حالها منذ فترة, إذ توجه لك السؤال إذا كان الحال ماشي معاك يبقي ماشية معايا. لكن الشيخ عبدالرحمن علي الذي يجلس أمام إحدي محلات الخردوات يفاجئك حين تسأله عن الحكومة, ويرفع بصره إلي السماء ويردد قول الله تعالي وفي السماء رزقكم وما توعدون ثم يطرح تساؤلات هي الحكومة بتأكلني, فصاحب الكون هو الله, والحكومة أسباب, وأداؤها مش بطال, فيها ملاحظات ولازم نتحملها, ومش كل حاجة تحصل يبقي الحكومة السبب دي ابتلاءات الشيخ عبدالرحمن يري أن هناك كثيرين يلعبون في تروس مصر, المظاهرات والاشتباكات, وحين نقيم الحكومة لازم نوفر لها الظروف الملائمة أمام محكمة امبابة يتنهد أحمد محمود( محام) تنهيدة طويلة تجيش عما يعتمل في صدره الأداء سييء بكل المقاييس, والأمر لا يحتاج كلاما, انظر أنت إلي الشارع, المرور, حياة الناس, البلطجة, السحل, كلها توحي لك بالأداء. وفي شارع أحمد عرابي بالمهندسين وأمام أحد المحال الشهيرة, يقف المهندس عادل عبد الرحمن مدير بإحدي شركات البترول حتي الآن لا نستطيع الحكم علي أداء الحكومة خاصة في عدم وجود الأمن ويؤكد أن هناك ثلاثة مصادر للدخل لدينا البترول والسياحة وقناة السويس الشريان الرئيسي للدخل ونحن فقدنا السياحة بسبب مظاهرات الجمعة والمطالب الفئوية, وكلها تؤدي إلي عدم الاستقرار وبالتالي كما يشير مهندس عادل لا نستطيع الحكم علي الحكومة بأنها فاشلة أو ناجحة أو متوسطة الأداء, فلابد من وجود أمن وموارد للدولة حتي نستطيع الحكم فالحكومة من وجهة نظره أداؤها متوسط فلا هو ناجح أو فاشل, ولكن لابد من تغيير بعض الوزراء, حيث لا وجود لهم في الشارع. أمام أحد النوادي الشهيرة يقف رجل سبعيني ذو ملامح أرستقراطية في انتظار سائقه, وتتحدث يده أكثر مما يتحدث لسانه حكومة ضعيفة وأداء سييء, وبلد ينهار ويسير إلي الهاوية, ولا أحد يعرف ماذا يمكن ان يحدث غدا!