ظاهرة خطيرة انتشرت في الآونة الأخيرة كالسم الذي يجري في جسد الأمة الإسلامية وهي فوضي الإفتاء حتى وصل الأمر أن كل من يعرف ولا يعرف يفتي في الدين الإسلامي وأصبحت كثير من الفتاوى تصدر من غير المتخصصين في مجال الإفتاء والتي شوهت صورة الإسلام والمسلمين في العالم وقد ساهم في ذلك بعض وسائل الإعلام فنجد علي الفضائيات في كثير من الأحيان بعض الشيوخ التي تظهر علي تلك الفضائيات وتتصدر للفتوى وهم غير مؤهلين أو متخصصين في مجال الإفتاء. بالتالي ما يصدر عنهم من فتاوى تنم عن جهل ومتاجرة بالدين ويفتون بكل ما يحلو لهم علي الفضائيات بدون أي شعور بالخجل أو تأنيب للضمير مستغلين أن كثير من الشعب المصري ليس لديه المعرفة الكافية بأمور دينه. والحقيقة أن المسئولية لا تقع علي مثل هؤلاء الأشخاص وحدهم بل أيضاً علي أصحاب تلك الفضائيات التي تستخدمهم إما لتحقيق مصالح شخصية لهم وإما أنهم يعانون من الجهل الشديد بأمور دينهم والحالتين أسوأ وأخطر من بعض. فهذا الطوفان من الفوضى لم يقتصر علي الفضائيات بل امتد إلي المحافل والندوات الاجتماعية وعلي منابر المساجد، فكل من يقرأ كتاب أو اثنين في الدين وارتدي جلباباً وأطلق لحيته أصبح مفتى. كما ظهر علي السطح في هذه الأيام شئ جديد وهو محاولة بعض هؤلاء إصدار بعض الفتاوى الدينية لمصلحة تيار سياسي معين وهذا لا يصلح علي الإطلاق، فمن المعروف أن هناك شروط يجب أن تتوافر في من يتصدر للإفتاء من أهمها... العلم بالإفتاء بغير علم حرام : فيجب أن يكون قد درس الفقه والأصول وقواعده دراسة مستفيضة وأن يكون قد نال الدراسات العليا من جامعات معتمدة في ذلك التخصص. كما تتوافر لديه شرط الاجتهاد وهو بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من الأدلة. ولديه الفطنة والتيقظ بجانب هذا لديه الحلم والوقار والسكينة. وأن لا يجامل أحداً في فتواه وأن يطابق قوله وفعله. وأن جهل الحكم في مسألة فليس له أن يفتي فيها. ولندرك مدي أهمية وحرمة الإفتاء في الدين فلنري ماذا كان يفعل الإمام مالك وغيره من كبار الأئمة في هذا الشأن. فقد قال عبد الرحمن بن مهدي كنا عند الإمام مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدتي مسألة أسألك عنها فسأل الرجل عن المسألة فقال الإمام مالك رحمة الله لا أدري فبهت الرجل وقال أي شئ أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم فقال تقول لهم قال مالك لا أدري. وواضح من هذا مدي البلاء الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من هؤلاء الذين يتصدرون للفتوى ممن يتسمون بالجهل والافتراء علي الله سبحانه وتعالي والكذب علي شريعته أيوجد أكثر من هذا تبجح وعدم ضمير ونفوس مريضة. فمن المفروض أن الأزهر الشريف هو المرجعية الرئيسية لأي شئ يتعلق بالشأن الإسلامي في مصر، فبعد هذا كله .. إلي متى يلتزم الأزهر بالصمت؟ ومتى يقوم بأخذ مواقف حقيقية وفاعلة لوقف فوضي الإفتاء في مصر؟ لمزيد من مقالات أمانى جمال الدين