لا يقف الدين بعيدا عما يحدث للوطن الآن.. عندما تتوالي ضربات جاهلة تدمر أمن البلاد وتحرق قلبها وتسحق كل جميل فوق أرضها.. وتكاد تدمي القلوب عندما تشهد الوطن يتهاوي بأيدي أبنائه. ويتسابق الأبناء في همة ونشاط وحيوية مخيفة لتدمير الحياة فوق أرض الوطن وحرق كنوزه في سابقة لا يعرفها العالم.. ولكن عرفتها مصر صاحبة القلب الطيب والمزاج الإنساني المسالم علي مر التاريخ وطول الزمن ولا يقف الدين بعيدا عما يحدث للوطن الآن.. فالدين الإسلامي شريعته الحفاظ علي دماء البشر وأموالهم وأعراضهم وحرماتهم.. وأيضا أمنهم.. والدين الإسلامي وكل شرائع السماء تري في الاعتداء عليها من أعظم الجرائم التي تستوجب أعظم العقاب.وكأني بكلمات الرسول العظيم في وداعه للأمة والحياة يوصي الناس في حجة الوداع كما يشرح د. أيمن مصطفي أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر في قوله عليه السلام كل المسلم علي المسلم حرام, دمه وماله وعرضه.. ولقد حذر الرسول الكريم الأمة من بعده في نفس الخطبة أن يرتدوا من بعده إلي عصر الجاهلية فيعادي بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا بغير حق.فقال في خطبة الوداع لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.. وتسترسل تعاليم النبوة إلي حد أن يحرم ترويع المسلم أخاه المسلم حتي ولو كان مداعبا أو مازحا فقال لا يحل لمسلم أن يروع مسلما.وكأن الرسول الكريم كان يشهد قبل الزمان بزمان هذه الضربات المجنونة والقتل الوحشي للإنسان المسلم في قلب القاهرة. إن سقوط إنسان مصري ذبيحا فوق أرض الوطن جريمة أكدتها السماء وضمها كتاب الله الكريم عندما قال أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.. وعندما قال الحق ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فإنه تعالي قد حرم قتل كل نفس مادامت غير معتدية بالكفر أو الظلم.وروي أن النبي عليه السلام طاف بالكعبة وقال لها ما أطيبك وأطيب ريحك, وما أعظمك وأعظم حرمتك, والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ثم قوله عليه السلام لو أن أهل السماوات والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم في النار. ذلك أن الإنسان بنيان الله تعالي ولا يحق لأحد أن يهدم هذا البنيان إلا صاحبه وبانيه.. بل ليس للإنسان نفسه أن يهدم هدا البنيان وأن يقتل نفسه.وعندما يتردد أن هناك ثمنا مدفوعا من أجل تعميم الفوضي والقتل وإسالة الدماء فإن كلمات الحديث الشريف تحدد ثمن هذا الفعل من أعان علي قتل مسلم ولو بشق كلمة جاء يوم القيمة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله. ولا يقف الدين بعيدا عما يحدث للوطن الآن.. فإن الجزاء قاس إلي أعظم الدرجات.. والذين يستبيحون الآن القتل بضربات الحجارة أو مقذوفات النار أعدت لهم السماء ثمنا باهظا لهذا السلوك اللاإنساني.. تقول كلمات الحق ومن يقتل مؤمنا متعمدت فجزاؤه جهنم خالدا فيها, وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.. وقوله عز وجل.. ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا يشهد ولا يزنون, ومن يفعل ذلك يلق أثاما, يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا.