انتخبت علشان البلد تستقر والدنيا تمشي الانبوبة وصلت30 جنيها ومش لا قينها.. والعيال قاعدين من غير شغل وابوهم موظف بسيط في الاستاد.. هكذا قالت صباح يوسف 45 سنة ست بيت عندما سألتها لماذا جاءت تنتخب.. والسؤال الآن هل هذا فقط هو سبب مجيء صباح الذي جاءت من أجله الكثيرات من نساء مصر وفتياتها من مختلف الاعمار والذي جسده هذا الإقبال الشديد والصفوف الممتدة في الطوابير امام اللجان برغم قلة عدد النساء المرشحات في نفس البرلمان.. ام ماذا؟!وفي نفس المشهد الانتخابي وفي إحدي اللجان قالت الشابة سمية صالح خريجة سياحة وفنادق ومن ثوار التحرير والتي تبرعت بدمها يومي28,25 يناير: جئت لأحافظ علي حقي في التصويت وإن كان مبدأ التصويت في هذه الانتخابات مرفوض لدينا كشباب وفتيات التحرير في البداية ولكن تراجعنا ولمست ان كل الذين في التحرير حريصيون علي التصويت.. وها هي صفية عزيزة69 عاما وكيلة مدرسة شبرا الثانوية بنات سابقا تعاني الكثير من امراض الشيخوخة ولأن لجنتها في الدور الثالث بمدرسة ام المؤمنين الاعدادية بنات حملها رجلين من مندوبي اللجنة علي مقعد لتصل اليها وتنتخب من أجل مصلحة البلد علي حد قولها واضافت قائلة: انا فرحانة وسعيدة بالديموقراطية وعندي أمل في برلمان الثورة انه يحسن التعليم ويخفض الأسعار,وخصوصا اسعار الدواء التي نعاني منها جميعا نحن كبار السن واناشد كل الناس مهما تكن ظروفها الحرص علي مصلحة البلد والنزول للانتخاب. وبصراحة شديدة قالت فتحية عبد الحميد محمد54 سنة ست بيت: العيال خوفوني قالوا لي هتدفعي غرامة500 جنيه وانا اصلا مابعرفش اقرأ ولكن قالوا لي اعلم علي علامة معينة في الورقتين. ويعتبر المستشار عمرو غراب رئيس إحدي اللجان الانتخابية النسائية ان الغرامة المعلن عنها في حالة عدم التصويت كانت عاملا اساسيا في هذا الإقبال الشديد من النساء ويستطرد قائلا: ولكن الفتيات الشابات جئن للتصويت احتفالا بالديمقراطية وشعورا منهن بأن صوتهن سيؤثر بدرجة كبيرة في العملية الانتخابية.. وهناك فئة من المثقفات اللاتي حرصن علي ممارسة حقهن الدستوري وإرساء معالم الدستور والقانون والمحافظة علي بناء الدولة.. وبشكل عام لمست من كل الناخبات انهن جئن عن رغبة حقيقية للعبور بالبلاد الي بر الأمان عن طريق برلمان منتخب يساعد السلطة الموجودة في آداء رسالتها, حتي البسطاء منهن فبرغم عدم اجادتهن للقراءة والكتابة إلا أنني فوجئت بأنهن علي وعي كامل بمشكلات الوطن وهمومه وبضرورة انتقال البلاد الي حياة ديمقراطية سليمة قائمة علي الحرية. ويتفق المستشار محمد السيد عبد الحفيظ رئيس إحدي اللجان الانتخابية مع المستشار غراب في هذا الرأي ويضيف قائلا: احساس المرأة المصرية بقيمة التصويت وحرصها علي الإدلاء بصوتها وإدراكها بأن التصويت في الانتخابات من الممكن ان يغير شكل الحياة ومجريات الأحداث كان الحافز الأول وتعتبر هذه ثقافة جديدة أضيفت لثقافة المجتمع المصري بوجه عام نساء ورجالا سوف تضعه علي أول طريق الديمقراطية والتحضر.. كما أن ما أتخذ من إجراءات امنية من قبل القوات المسلحة بتأمين مقار اللجان والصناديق الانتخابية تأمينا كاملا ازال الخوف والقلق لدي المرأة وشجعها علي النزول الي الانتخابات بدون تردد ولم تهتم بالطبع اذا كان عدد المرشحات من النساء قليلا ام كثيرا. وفي نفس السياق تري ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب السابق ان الوعي لدي المرأة المصرية لايقل عن الرجل وإحساسها بأنها اصبحت مهمشة في هذه الفترة واضحا فكان ردا طبيعيا منها ان تقبل علي التصويت بشدة وتثبت وجودها علي الساحة السياسية كناخبة خاصة عندما وجدت ان تمثيلها كمرشحة في البرلمان بعد ثورة يناير لم يتناسب مع تاريخها البرلماني وإن كنت اظن ان المرأة لاتصوت بالضررة للمرأة.. فالمرأة أصبح لديها من الوعي السياسي مايجعلها تختار الأصلح سواء من الرجال أو النساء هذا بالإضافة الي ان بعض الرجال يؤثرون علي اختيارات زوجاتهم وخاصة في الريف مع انتشار الأمية. ويفسر د. عماد مخيمر استاذ ورئيس قسم علم النفس بآداب الزقازيق الاقبال الكبير من المرأة علي التصويت بإحساسها بأهمية صوتها وقيمته وادراكها ان الانتخابات ستكون نزيهة لثقتها في المجلس العسكري الذي اكد ذلك, ويضيف استاذ علم النفس قائلا: وكلما سمحنا للمرأة بالمشاركة الفعالة في السياسة وكل مجالات الحياة الاجتماعية تتلاشي لديها الطاقة السلبية ولذا حرصت معظم الأسر علي خروج المرأة الي التصويت في الانتخابات والمشاركة الفعالة لأن جزءا مهما من هوية المرأة ان تشعر انها مقدرة من قبل الآخرين وأن لرأيها أهمية وهذا يمنحها نوعا من الصحة النفسية فهي ترتدي ملابسها وتخرج من البيت وتقف في الطابور وتمارس حق من حقوقها ثم تعود الي بيتها لتروي ماحدث. وهو ما يشعرها براحة نفسية كبيرة لادراكها ان خطواتها هذه في صناعة مستقبل هذه الامة. ويرجع د. رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع ونائب رئيس جامعة حلوان السابق الإقبال الضعيف علي الترشيح من قبل المرأة وفي نفس الوقت الاقبال الكبير منها علي التصويت قائلا: المرأة المصرية بطبعها ليست مغامرة كما أنها عندما تتعارض مسئولية اسرتها مع مسئولية الترشيح فهي تفضل الأسرة بالطبع.. كما أنها تحتاج الي دعم مادي ومعنوي وإذا لم يتوفر لها ذلك لاتقبل علي الترشح ولذا نجد أن المرشحات معظمهن كبار في السن وتقلصت مسئولياتهن الأسرية. أما المرشحات الصغيرات فمعظمهن غير متزوجات اي ليس لديهن مسئولية اجتماعية.. اما عن الإقبال الشديد علي التصويت في أري انه بعد قيام ثورة25 يناير تملك الاسرة المصرية شعورا بأن صوتهم مهما بجانب الحشد الإعلامي الذي اوضح اهمية التصويت وإن كنت اري ان السبب الرئيسي هو الغرامة التي اعلنتها الدولة وخاصة مع الفئات الفقيرة التي لايوجد لديها الدخل الكافي للمعيشة وتخاف من السلطة.