لاشك أن المهمة الأولي الآن لحكومة د. كمال الجنزوري هي استعادة الأمن الغائب عن الشارع المصري, فالناس تعيش في رعب بعد أن استفحل أمر قطاع الطرق لدرجة أنهم أصبحوا يرتكبون جرائمهم جهارا نهارا أمام الجميع دون خوف أو تردد. والواضح أن رجال وزارة الداخلية عقدوا العزم علي ترك الأمور سداحا مداحا منذ أحداث شارع محمد محمود, فلقد انسحبوا من كل مكان, ولم تعد البلاغات التي يتقدم بها المواطنون تجدي شيئا, وصار صوت البلطجية هو الأعلي والأجرأ. ولا يعفي الحكومة من هذه المسئولية أن المسألة شائكة, إلي جانب اندساس البلطجية بين صفوف المتظاهرين والذي يزيد من عوامل الاحتقان لدي ضباط الشرطة, فلم يعد أحد يعرف من هم البلطجية علي وجه التحديد بين جموع المتظاهرين, ويعرف الدكتور الجنزوري, واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الجديد أن هناك مندسين بين الثوار, والدليل القاطع علي ذلك الأحداث التي وقعت في التحرير خلال الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية, التي أسفرت عن إصابة ما يقرب من مائة فرد من الثوار والبلطجية, حيث تدفع جهات لها أجندات خاصة بمن يحاول افتعال أزمات مع الثوار, وإطالة أمد المواجهات والاعتصامات! من هنا تبدو القضية معقدة.. لكن يجب أن يكون هناك تعاون بين الحكومة والمعتصمين لدراسة مطالبهم حتي وإن كان بعضها فئويا.. فحكومة الإنقاذ يجب أن تكون اسما علي مسمي بإنقاذ البلاد من الانفلات الأمني المتعمد أحيانا. وعلي جانب آخر, فإن الطرق أصبحت ظلاما دامسا بعد أن قطع البلطجية الأسلاك الكهربائية بطول الطرق وسرقوا كشافات الإضاءة وأقاموا مطبات غريبة بحفر الأسفلت كل بضعة أمتار لتكون مصيدة للسيارات. وحتي في بعض مناطق القاهرةوالجيزة لم يعد هناك مكان تسير فيه السيارات بعد أن احتل أصحاب المحال الشوارع, كما هو الحال في السبتية, وروض الفرج, وشارع26 يوليو, ومعظم شوارع الجيزة. أيضا ينبغي الاستغناء عن أفراد المباحث الحاليين ونقلهم إلي أعمال أخري, وإحلال آخرين محلهم, لأن معظم الحاليين علي علاقة وثيقة بقطاع الطرق, بل ويعملون مرشدين لهم عند القيام بحملات أمنية, وهم أيضا وسطاء لاستعادة السيارات المسروقة نظير مبالغ كبيرة يقتسمونها مع البلطجية. إن طريق الإنقاذ يبدأ بالأمن.. وأعتقد أن الدكتور الجنزوري بخبرته لا يخفي عليه ذلك. المزيد من أعمدة أحمد البرى