أتمني ومعي كل الغالبية الصامتة المكلومة الخائفة.. من أبناء الشعب ان تكون عملية تكليف الدكتور كمال الجنزوري باعباء الحكومة الجديدة بداية فصل النهاية لهذه المحنة المروعة التي مرت وتمر بها مصر المحروسة منذ نهاية يناير الماضي. هناك اجماع بأنه ليس هناك علاقة لثورة 52 يناير التي استهدفت اصلاح وتغيير حال البلد.. وبين ما تشهده الساحة من فوضي وانفلات أمني مناهض للانتماء والولاء والصالح الوطني. كل المظاهر السائدة تؤكد وجود عناصر تتسلط عليها الرغبة المجنونة لتدمير مصر وهو ما يجعلها لا تسعي ولا ترحب بأي محاولة للتحرك لحل الازمة. ان الممارسين لهذه السلوكيات قد استهواهم اللعب بمصير هذا الوطن دون مراعاة لقوة احتمالة وقدرته علي الصمود في مواجهة الانحدار إلي المجهول. كل ما جري ويجري يشير إلي أن كل المواقف تعمل علي حرمان الثورة من تحقيق أي انجاز. ان ما يدل علي ذلك الفترة الطويلة (01 شهور) التي مرت منذ اندلاعها من ان تخطو خلالها هذه الفترة الخطوات المسئولة لتحقيق الاستقرار وبدء مسيرة تحقيق الأهداف. كل الدلائل تعكس انه كانت هناك حالة تربص من جانب قوي داخلية وخارجية لا تريد الخير لمصر ذات التاريخ والحضارة والمكانة. تطورات الأحداث تكشف انهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة لتحويلها إلي فريسة ينهشون جسدها للقضاء عليها من أجل انهاء دورها اقليميا وعالميا. استطاعوا أن ينتزعوا الثورة من أيدي الثوار الذين تركزت أمنياتهم في بناء دولة حرة لا يجد الفساد فيها مكانا. تحولوا باوضاعنا إلي مسخ هوجائي لا يعرف أحد فيه الي اين المصير وسط هذا المناخ الملبد بالغيوم والاخطار والذي داهمنا بعد نجاح الثورة. عملت كل هذه القوي علي أن يكون طريقنا ظلاما دامسا امام حكومة الفريق أحمد شفيق الذي تجمعوا عليه لحرمانه من اثبات ذاته وامكاناته وهو ما جعلها لا تستمر سوي أياما قليلة. جاءت بعد ذلك وزارة الدكتور عصام شرف الذي اعتقد بإعلانه انه يستمد شرعيته من ميدان التحرير وهو يقصد بذلك الثورة ولكنه لم يكن يدري ان الذين قاموا بالثورة تركوا الميدان ليتولي امره التيارات المتضاربة والانتهازيون والخبراء في التربص بالثورات. الفئات والعناصر التي قفزت علي الاحداث استغلت ضعف حكومة الدكتور شرف وافتقادها إلي القدرة علي المواجهة وهو مما أدي بها إلي التردد وعدم الصمود أمام الضغوط غير المسئولة. يضاف إلي ذلك ليونة وتراخي المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبطء اتخاذ القرارات اللازمة والاجراءات الحاسمة التي تتطلبها سرعة التحرك لبناء الحياة الديمقراطية وفقا لما يقضي به الفكر الخلاق والعقل والمنطق. إنني لا أقول جديدا عندما اؤكد أن احد الاخطاء القاتلة التي وقع فيها المجلس الأعلي للقوات المسلحة لوضع لبنات هذه الدولة الديمقراطية هو القبول بإن تكون انتخابات مجلسي الشعب والشوري هي البند الأول للتنفيذ في الاستفتاء الدستوري مخالفا اراء اساتذة القانون والخبراء والمخضرمين السياسيين وشباب الثورة.. وكما يقول »الخطاب الاغبر يبان من عنوانه«.. وهو ما تمثل في تشكيل لجنة اعداد الدستور رغم أن لا غبار علي اعضاءها كأفراد وانما المشكلة كانت في اتجاهاتهم وادائهم. الآن وبعد ان أصبحنا علي مشارف الانتخابات التشريعية وتم تحديد أول يوليو لتسليم السلطة إلي رئيس مدني منتخب فإن احدا لم يعد يتحدث عن وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور والذي اهم ما تتضمنه الشفافية في اختيار اللجنة التي ستتولي اعداد الدستور الدائم والذي من الضروري والمحتم الا يترك للاهواء ولعلم الغيب.. أرجو الا يؤدي اختفاء الدكتور علي السلمي الذي كان ستارة لوثيقة المبادئ الحاكمة نيتجة استقالة حكومة الدكتور شرف مؤشرا سلبيا علي التخلي عن الوثيقة التي تمثل إصلاحا ضروريا للخطأ الذي وقع فيه المجلس الاعلي للقوات المسلحة. ان الوقت قد حان لتتحرك القوي المحبة لمصر وان ترتفع اصواتها سواء داخل الميدان أو في كل الارجاء مطالبة بالعمل كي يلتقط الوطن انفاسه بعد كل ما ضاع من وقت. علي الجميع التوافق علي اعطاء وزارة الدكتور الجنزوري التي أرجو ان تضم مجموعة من الشباب.. فرصة لانتشال مصر من محنتها إلي بر الامان. علينا ان نعترف بعيدا عن كل التأثيرات.. باستثناء الانتماء لمصر بانه لاجدال ان خبرته وما تحيط بشخصيته من نزاهة وما عُرف عنه من حسن ادارة سوف يمكنه من ان يضع الوطن علي أول الطريق السليم لاستعادة عافيته الاقتصادية التي اصبحت في الحضيض. إننا مطالبون في هذه المرحلة ان نثبت ان هناك في مصر شرفاء ومخلصين يتطلعون حقا الي تحقيق تقدمها وازدهارها.