للوهلة الأولي قد لا يبدو إخفاق اللجنة السوبر المشكلة من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس الأمريكي في التوصل إلي اتفاق بشأن خفض قيمته 1,2 تريليون دولار علي مدي عشر سنوات في عجز الموازنة أمرا يدعو للقلق. ولكن الحقيقة أن الفشل يعكس عجزا خطيرا في قدرة النظام السياسي علي أداء وظائفه علي نحو يعوق تحقيق أهداف متوافق عليها ويهدد الأمن الاقتصادي والقومي معا. فإخفاق اللجنة في الاتفاق علي خطة متواضعة لخفض عجز يمثل 0.6% فقط من الناتج المحلي الاجمالي, ويمثل ربع المطلوب لتقليص العجز بنحو خمسة تريليونات دولار, علي الرغم من الصلاحيات الواسعة التي أعطيت لها سواء بالتصويت بالأغلبية البسيطة علي الخطة بمجملها وتحصينها من الاجراءات المعوقة للتصويت في مجلس الشيوخ هو دليل علي عدم توافر الإرادة اللازمة للتعامل بجدية مع المشكلات العميقة التي تعوق الخروج من عنق الزجاجة. أسباب الفشل متجذرة وهي تمسك كلا الطرفين بمواقف أيديولوجية مسبقة. الجمهوريون متشبثون بشعار عدم فرض أعباء ضرائبية جديدة علي الأغنياء, بما في ذلك رفضهم لإغلاق الثغرات التي تتيح تهرب الأغنياء من سداد التزاماتهم تجاه المجتمع, والديمقراطيون متشددون بعدم المساس بأبقارهم المقدسة من برامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. والنتيجة أنه في حين أن هناك توافقا اجتماعيا حول حتمية زيادة الإيرادات الضرائبية وخفض الإنفاق لمواجهة مخاطر العجز المزمن إلا أن التوازن بين قوة الحزبين والمفترض أن يدفع في اتجاه الحل الوسط تحول إلي مسبب للشلل التشريعي وهو المصدر الحقيقي للخطر وتعميق القلق. علي الجانب الاقتصادي, قد يقال إن البديل وهو الاستقطاعات الإجبارية علي بنود الانفاق العسكرية والمدنية لن تدخل حيز التنفيذ قبل 2013, وأن الانتخابات المقبلة قد تحسم الموقف قبل ذلك. ولكن من الواضح أن أيا من الحزبين لن يحصل علي التفويض الكافي لتطبيق أجندته الأيديولوجية بالكامل, وبالتالي فإن التسويف في الوصول إلي حل وسط هو مضيعة للوقت يدفع ثمنه الاقتصاد الذي قد يتراجع نموه بنسبة 2% خاصة مع مخاطر عدم مد العمل بالتخفيضات الضرائبية وإعانات البطالة التي ستنتهي العام الحالي. كما أن عدم وجود خريطة واضحة لخفض العجز يعني تخفيضا آخر للتصنيف الائتماني للسندات الأمريكية المستفيدة حتي الآن من أزمة اليورو. الرسالة الواضحة إذن هي أن الشلل السياسي له ثمن اقتصادي فادح وهو ما ينبغي أن نتحسب له أيضا ونحن ننتخب من سيتولون أمرنا غدا. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني