إذا كنا جميعا نتحمل جزءا, قل أو زاد, من المسئولية عما جري أثناء وما بين مليونيات الأسبوع الماضي, فإن شخصا واحدا يتحمل نصيبا خاصا منها وهو الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء لشئون التحول الديمقراطي عندما قام بطرح وثيقة المبادئ الدستورية التي أدي طرحها إلي سلسلة من التوابع التي قادت بدورها إلي نتائج وخيمة. فمن ناحية فإن الرجل وهو نائب رئيس حزب الوفد, أي أنه جزء من التركيبة السياسية لعهد ما بعد الحادي عشر من فبراير, كان بوسعه أن يتحسس خطاه مع القوي السياسية الرئيسية قبل أن يضع وثيقته الهامة علي طاولة السياسة المصرية. فالأمر لا يحتاج حنكة كبيرة لكي نعلم ونتعلم مما مضي أن كل ما يتعلق بالمباديء الدستورية يكفي لكي يجعل قوي سياسية هامة في حالة غضب شديد. وبصراحة فإن من يسعي إلي التوافق بين القوي السياسية لا يمكن أن يعتمد علي المفاجأة أو الإحراج أو الضغوط الخفية أو المعلنة. ومن ناحية أخري فإن فضيلة التوقيت المناسب لم تكن واحدة من الفضائل الذائعة حيث يستحيل في أي من بلدان العالم طرح وثيقة هامة مثل المبادئ الدستورية بينما الدولة كلها تعيش حال عشية الانتخابات. لقد كان عرض مثل هذه الوثيقة سيكون مقبولا إذا جري بعد عرض وثيقة الأزهر والبرادعي والتحالف الديمقراطي وعشرات مثلها, ولكن أن يجري ما جري لهذه الوثائق ويتم التوقيع علي بعضها من قبل جميع القوي السياسية الرئيسية ثم يفتح الباب مرة أخري بينما المعركة الانتخابية جارية لإضافة وثيقة استرشادية أخري, فإنه يكون بعيدا عن كل ما نعرفه عن الحكمة السياسية. أما إذا أضيف للوثيقة موضوع له من الحساسية والأهمية القصوي للأمن القومي بنود دون أن يجري التفاهم و التوافق حولها في مناخ هادئ ضمن عملية إعداد الدستور, فإن النتيجة تكون ما رأينا من انفجار عرض البلاد كلها لخطر بالغ. وكان ما هو أخطر أن الدكتور علي السلمي لم يكن علي استعداد لسحب الوثيقة حتي بعد أن سالت الدماء وسقط الشهداء وجرح المئات, وإنما كان علي استعداد للتنازل عن الطبيعة المدنيةس وتغنت بأنها كانت أول من قال بها ونشرها انطلاقا من مرجعيتها الرشيدة. ولكنها, وسيف المليونيات واقع فوق رقبة الحكومة, ومسدس الجماهير موضوعة فوهته في رأس الدكتور علي السلمي فقد كان مستعدا للتراجع عن أهم سمات الدولة المصرية الحديثة. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد