الشباب الذي نزل ميدان التحرير هذه المرة هو الشباب الشريف النقي صاحب ثورة25 يناير الحقيقي الباحث عن مصلحة البلاد وفقا لرؤيته- دون اعتبار لمصالحة أو مكاسب شخصية. نزل إلي الميدان بعد أن أيقن أن الثورة اختطفها رجال السياسة الانتهازيون الباحثون عن المناصب والسلطة والوجاهة الاجتماعية واضعين مصلحة البلاد الحقيقية في ذيل اهتماماتهم. اكتشف الشباب أن أموالا خارجية تتدفق علي جهات بعينها, لم يكن لها دور حقيقي في الثورة, لدعم توجهات معينة تخدم في المقام الأول أهداف الممولين, وأن الانتخابات القادمة سيفوز بها من يقدر علي دفع الآلاف من أنصاره للوقوف أولا أمام صناديق الاقتراع بعد صلاة الفجر مباشرة لمنع الآخرين من الاقتراع بطرق قانونية. واكتشف الشباب أن المجلس العسكري يتعامل مع تلك القوي ويتحاور معها ويخطط معها لمستقبل البلاد بينما من دفع الثمن الحقيقي لنجاح الثورة من شهداء ومصابين لا رأي لهم فيما يحدث. ولكن لكي ينجح الشباب في تحقيق أهدافه لابد وأن يدرك أن الأساليب الديمقراطية هي وحدها السبيل للتعامل مع الأوضاع الحالية وأن مطالبهم( المنطقية) لا يقبل بها قطاعات من الشعب تعبت من الآثار السلبية للثورة, وقوي سياسية( انتهازية) ولكن تملك قواعد شعبية تري في إجراء الانتخابات وسيلة للوصول للحكم. مصر التي كانت تقف كلها خلف ثوار يناير منقسمة الآن حول ما يحدث في ميدان التحرير, وتأجيل الانتخابات يعني دخول مصر في نفق مظلم يعود بنا للخلف مرة أخري. أما تسليم السلطة لمجلس مدني فيعني عدم الاستقرار لأن أنصار المستبعدين سينزلون للميدان مطالبين برحيلهم, وإرضاء الجميع باختيار عدد كبير للمجلس, علي تباين رؤاهم السياسية, يعني الاختلاف الدائم وعدم اتخاذ أي قرار, ثم من يضمن ألا يعمل هؤلاء علي ترتيب الأوضاع لمصلحتهم ضمانا لفوزهم في الانتخابات التالية؟ أعتقد أن الحوار والحلول التوافقية هو الحل للأزمة الحالية, ولذلك أدعو الشباب لاستغلال وجوده في ميدان التحرير لانتخاب قيادات لهم تتولي الحوار مع القوي السياسية الأخري والمجلس العسكري, وعليهم في جميع الأحول القبول بمنطق الأغلبية... هذه هي الديمقراطية التي قاتلوا من أجلها. [email protected]