في عقد الستينات من القرن الماضي كانت هناك كلمات شائعة تقول إنه قد' دقت ساعة العمل الثوري', ولا أذكر عما إذا كانت جذورها في الميثاق الوطني أو أنها كانت واحدة من كلمات خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر أو الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل, وعلي أية حال فلا فرق فقد كانت الكلمات دائما للأخير سواء كانت في كتاب الثورة أو في خطب الزعيم. المهم أن ساعة العمل الثوري كانت تدق لأنه كان مطلوبا تحقيق انطلاقة كبري بمصر إلي صفوف الدول المتقدمة التي تصنع كل شيء ومن' الإبرة حتي الصاروخ', ويكون بها مكانة إقليمية وعالمية, إلي آخر الآمال الكبري التي كان الشعب يلقنها لطلائعه الثورية كما كان يقال في تلك الأيام. للأسف لم يحدث أي من ذلك حتي ولو جري بعض التراكم في استيعاب طوائف جديدة من الشعب كانت معزولة في عصور سابقة. الآن لدينا فرصة أخري لكي تدق ساعة من نوع جديد هي الديمقراطية التي يقع في أول درجاتها الانتخابات النزيهة والحرة والتي اقترب وقتها. هذه الساعة حاسمة لأنها هي التي ستنتخب المجلس التشريعي الذي سيكون ممثلا للشعب, ويعمل بمثابة جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد طالما طالبنا به في العهد السابق واللاحق أيضا. بمعني آخر فإن الساعة تدق للحظة فاصلة في التاريخ المصري تجعل ما جري في يناير الماضي ثورة بحق وليس هبة جماهيرية أو حركة احتجاج كبري كما تصفها الصحف ومراكز البحوث الغربية, والسبب أنها لم تغير النظام القائم وإنما أطاحت برأسه فقط. الآن جاءت الساعة الحاسمة لتغيير النظام كله وبإرادة الشعب ومن خلال صناديق الانتخابات. وهي ساعة تحتاج الكثير من الاحترام من الشعب نفسه أولا, ومن السلطات الحاكمة ثانيا. الشعب من خلال تحمله للمسئولية التاريخية بالذهاب إلي صناديق الاقتراع واختيار من يحقق له المستقبل الذي يريده له ولأولاده ولبلاده. لا يوجد لأحد الحق إلقاء اللوم بعد ذلك علي آخر قام بتنويمه مغناطيسيا وإعطائه جرعة صفراء تجعله يضل السبيل. أما السلطات الحاكمة فواجبها معروف, فهو ليس مجرد المناداة علي الشعب للذهاب إلي صناديق الاقتراع, وإنما بإعدادها بحيث تستوعب الأغلبية الساحقة من50 مليون إنسان مصري في سن الاختيار, وحماية هؤلاء وتأمينهم ممن يريدون العبث باللحظة التاريخية. وربما تساعد جميعا في تحقيق ذلك عن طريق جمع من الحكماء في كل موقع انتخابي لحل المشكلات والمنازعات قبل أن تسيل الدماء أو تحدث الأحداث المؤسفة!. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد