يقع وادي النطرون في الجزء الشمالي الشرقي من الصحراء الغربية, وتبلغ مساحته حوالي500 كيلو متر مربع, ومنذ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم1018 في عام1974 بإنشاء مركز وادي النطرون, واعتباره من المناطق النائية. لم يأخذ الوادي ما يستحقه من اهتمام المسئولين أو حتي الباحثين, لكن ظل مطمعا لمافيا الأراضي تمارس فيه سطوتها وتجارتها, ومكانا معزولا لا يطفو اسمه علي سطح الأحداث إلا في حوادث المشاجرات والنزاعات علي الأرض. عن ذلك يقول الدكتور حمدي ياسين إن البحث تضمن دراسات ميدانية للطبقات الرسوبية لمعظم أراضي وادي النطرون وأخذ عينات وتحليلها باستخدام جهاز الأشعة السينية الحيودية الذي يستخدم في تحديد المكونات المعدنية والكيميائية للعينات المتبلورة سواء كانت صلبة أم مطحونة وجهاز(xrf) بمعمل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول, وجاءت النتائج لتؤكد وجود خام البتونيت بتركيزات عالية تتراوح ما بين45% و73%. ويوضح أن البنتونيت هو معدن طيني, خليط من سيليكات البوتاسيوم, والماغنسيوم, والكالسيوم, والحديد مع وجود جزء من الماء, ويدخل في صناعات الأسمنت والسيراميك وسائل حفر البترول لكن مع توافر كميات كبيرة أيضا من الحجر الجيري والرمل الناعم تكون قد توافرت الخامات اللازمة لإنشاء مصنع للأسمنت, خاصة مع توافر مقومات الانتاج والجدوي الاقتصادية العالية للمشروع نظرا للموقع المتميز لوادي النطرون الذي يتوسط المسافة بين القاهرة والأسكندرية علي الطريق الصحراوي والقريب من ميناء الاسكندرية الي جانب وجود شبكة من الطرق الداخلية قريبة من موقع الخامات بما يقلل كثيرا من تكاليف واقتصاديات اقامة المشروع. ويضيف أن صحراء وادي النطرون تحتوي أيضا علي كميات كبيرة من الأخشاب المتحجرة النادرة ذات الأشكال البديعة والتي تصلح في استخدامات الديكورات بالفنادق والمباني الفاخرة, ناهيك عن17 بحيرة أهمها بحيرة نبع الحمراء أو بحيرة أيوب كما يسمونها والتي يتراوح عمق المياه بها بين متر و6 أمتار وتحتوي علي أملاح كبريتية ذات ملوحة تتراوح, بين158 و178 جرام/ لتر, بينما توجد علي شواطئها خام البنتونيت الذي اعتاد زائرو البحيرة علي عمل حمام طيني به ثم الاستحمام في مياه البحيرة الكبريتية التي ثبت نجاحها في شفاء العديد من الأمراض الجلدية, طبقا للدراسة التي قام به الدكتور محمد حبيب استشاري الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس, ويضيف أن من عجائب قدرة الله أن تتوسط البحيرة المالحة عين عذبة تتدفق منها المياه وهي ناجمة عن صدع في التربة يتصل بمخزون المياه الجوفي بوادي النطرون. ويؤكد محمد مكرم رئيس مدينة وادي النطرون أن الوادي لم يأخذ حقه من الاهتمام طيلة الأعوام الماضية برغم كونه يصلح ممرا للتنمية وظهيرا صحراويا شاسعا تصلح مئات الأفدنة به للاستصلاح الزراعي, ويؤكد أن أول مقومات الوادي موقعه الذي يتوسط المسافة بين القاهرةوالاسكندرية علي الطريق الصحراوي مشيرا إلي وجود طريق آخر من الجيزة إلي العلمين بطول حوالي300 كيلو متر قامت برصفه القوات المسلحة ولا يتبقي منه سوي30 كيلو تحتاج إلي الرصف بما يشكل رافدا جديدا للطرق المؤدية إلي الوادي. ويوضح أن مشروع المحاجر ومواد البناء بالمحافظة يعتمد أساسا علي خامات وادي النطرون حيث يقوم المشروع بالترخيص لصاحب المحجر ويباع سعر المتر ب11 جنيها يتحصل المشروع علي5 جنيهات منها ويمثل مجموعها اجمالي الايرادات السنوية للمشروع والتي تبلغ حوالي30 مليون جنيه يتم ايداعها صندوق الخدمات بالمحافظة للصرف منها علي أوجه الأنشطة والخدمات, ويستطرد قائلا: ما نفكر فيه اليوم هو كيفية تعظيم الاستفادة من هذه الخامات عن طريق تصنيع بعضها, مشيرا الي وجود4 مصانع قديمة للزجاج والجلسرين والألبان, أنشأتها الهيئة العامة لتعمير الصحاري في السبعينيات علي مساحة21 فدانا ثم تم تصفيتها وآلت ملكيتها بعد ذلك إلي مجلس المدينة. ويقول أحمد علي سعيد مهندس ري وأحد أبناء الوادي: إن وفدا من شباب مدينة وادي النطرون انتهز فرصة زيارة الدكتور عصام شرف وافتتاحه لأحد المشروعات حيث عرضوا مشاكل الوادي والمتمثلة في عدم استكمال مشروع الصرف الصحي وغيرها وطلب رئيس الوزراء وقتها وفدا من ائتلاف شباب الوادي, حيث عرضنا عليه ورقة عمل بمقومات وثروات وادي النطرون مطالبين باستغلالها واقترح الدكتور شرف إنشاء شركة مساهمة من أبناء الوادي بالاشتراك مع المستثمرين لتنمية وادي النطرون وأحيلت الأوراق والدراسات إلي الهيئة العامة للتنمية الصناعية والتي قام بعض من باحثيها بزيارة الوادي مرتين وانتهي الأمر عند هذا الحد ولم نشهد أي تحرك من الهيئة سواء لاستكمال مرافق المنطقة الصناعية بالوادي أو طرح أي مشروع أمام المستثمرين. أما عبدالمجيد الخولي رئيس اتحاد الفلاحين فيؤكد ضرورة حصر أراضي وادي النطرون ومراجعة أوضاع ملكيتها من وضع اليد وغيرها وذلك لاستعادة جميع الأراضي التي يقوم أصحاب النفوذ بالسيطرة عليها والاتجار فيها بتسقيعها وبيعها للغير ويوضح أن الوضع الحالي يمثل فلاحين بلا أرض وأرض بلا فلاحين, حيث تفتت الحيازات الصغيرة للمزارعين بالقري ومعظم المزارعين الذين يشتغلون بالزراعة من المستأجرين في حين يملك مئات الآلاف من الأفدنة قلة قليلة من أصحاب النفوذ, مشيرا إلي وجود مئات الآلاف من الأفدنة القابلة للاستصلاح والزراعة بغرب وادي النطرون, خاصة في ظل توافر مخزون هائل من المياه الجوفية.