عندما يكون السعي للم الشمل والتسامح والقدرة علي استيعاب الجميع في وطن واحد هو هدف أي زعيم, من الطبيعي أن يلتف حوله كل ابناء المجتمع ويشاركونه في النهوض بالبلاد وتحقيق أحلامهم. لذلك لقي العفو الذي أصدره السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان منذ أيام عن جميع النشطاء المحكوم عليهم في قضايا الإعابة أوالتجمهر أو مخالفة قانون استخدام تقنية المعلومات, ترحيبا كبيرا من جمعيات وهيئات المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت داخل وخارج السلطنة, وهي ليست المرة الأولي التي يتخذ فيها السلطان قابوس مثل هذا القرار, فقد سبق وأصدر قرارات مماثلة كان يتعلق بعضها بقضايا سياسية أكثر خطورة. وهو نهج تسامحي اتبعه منذ أول خطاب له بعد توليه مقاليد الحكم حينما قال كلمته الشهيرة عفا الله عما سلف وظل هذا النهج قائما ليشكل وسيلة ناجعة وصمام أمان يحول دون حدوث أي توتر داخل المجتمع العماني, وأسلوبا لإغلاق عديد من القضايا والملفات بشكل جذري, و تنفيذا لمبدأ أولوية الإصلاح علي العقاب, ونجحت التجربة العمانية في إعادة إدماج المستفيدين بالعفو داخل المجتمع, كما لا يمكن فصل هذا النهج عن طبيعة الإنسان العماني بصفة عامة التي تتميز بالتسامح والأناة والحكمة. وكان قرار العفو فرصة لظهور دعوة مهمة من جانب بعض المثقفين العمانيين لفتح حوار أجيال بين الجيل الجديد من الشباب العماني, والأجيال الأكبر سنا, بهدف التواصل, وفتح باب المناقشة والمكاشفة في كل الموضوعات الوطنية والفكرية والاجتماعية, لمعرفة ما يدور في أذهان وعقليات الشباب, والتفاعل مع تطلعاتهم تجاه المستقبل. وانعكس هذا النهج في الوقت نفسه علي سياسة عمان الخارجية, فحرصت علي إقامة علاقات طيبة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية حافظت فيها علي شعرة معاوية مع الجميع وتحت كل الظروف, علي سبيل المثال بادرت بتوقيع اتفاقيات لترسيم الحدود مع جميع الدول المجاورة لها مما مثل طرحا كفل توفير آليات عملية علي أرض الواقع لكافة المباديء والأفكار الداعية إلي تفعيل سياسات حسن الجوار. لمزيد من مقالات فتحي محمود